استغرب وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية م. خالد الفالح من التأخر الكبير جداً في توجه المملكة نحو استثمارات الصناعات البحرية وخدماتها ذات الصلة المباشرة بدعم تجارة النفط الخام استكشافاً ومعالجة وتسويقاً وذلك على الرغم من التاريخ العريق للمملكة في تصدير النفط الخام الممتد لنحو قرن من الزمان، إلا أن المملكة لم تشرع في استثمارات الصناعات البحرية وخدماتها من صناعة ناقلات النفط وقطع غيارها وصيانتها وتصنيع الحفارات والمنصات البحرية ورافعات السفن ومراسي إمدادات السفن وتوطينها إلا في العامين الأخيرين وهو تأخر كبير عن الركب العالمي في صناعة الطاقة وخدماتها على البحر وأعماقه. وتحدث الفالح ل"الرياض" مستغرباً عن حجم مساهمة مجمع الملك سلمان للصناعات البحرية في وقف الواردات ذات الصلة بهذه الصناعة "على الرغم من التاريخ العريق للمملكة في تصدير النفط الخام منذ نحو 80 عاما إلا أننا للأسف ما زلنا نستورد الكثير من الخدمات والمعدات الخاصة بصناعة الطاقة والجميع مطلع على المصروفات الرأس مالية لشركة أرامكو السعودية حيث يتضح حجم الإنفاق، في وقت تمثل المصروفات الرأسمالية الأصول غير المالية، وهي جميع الأصول الاقتصادية وتعد مستودعات للقيمة شأنها في ذلك شأن الأصول المالية، وتوفر معظم الأصول غير المالية منافع إما من خلال استخدامها في إنتاج سلع وخدمات أو في شكل دخل ممتلكات". وأشار الفالح إلى أن المملكة استدركت حجم الإنفاق الكبير في مشروعات الخدمات البحرية مما دفعها لإنشاء مشروع مجمع الملك سلمان العالمي للصناعات والخدمات البحرية كأحد أهم الاستثمارات السعودية لتوطين الصناعة والتقنية ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 63,7 مليار ريال ويمثل جزءًا أساسيًا لتطوير الصناعة وسلسلة التوريد والإمدادات والخدمات، مع شركاء دوليين لرفد الاقتصاد الوطني، وتصل الطاقة الاستيعابية للميناء إلى 40 مليون طن سنويًا، ويتولى تنفيذ المشروع شركتان في مرحلته الأولى التي تنتهي العام 2021، بينما يعمل في المرحلة التي تنفذ متزامنة ثلاث شركات أخرى. ويضم مجمع الملك سلمان مناطق التصنيع التي سيتم إنشاؤها في المجمع، ومنطقة بناء السفن العملاقة، وتضم حوضين جافين ومعدات رفع بطاقة عالية ومباني صناعية، إضافة إلى منطقة تصنيع الحفارات والمنصات البحرية ومنطقة إصلاح السفن وصيانتها والمنطقة المخصصة لسفن الإمداد البحري وتحوي عددًا من المراسي ورافعات السفن الخاصة ببناء وإصلاح سفن الإمداد البحري. وشدد الفالح على الدور الاستراتيجي للمجمع في أعمال الصيانة الضخمة لناقلات النفط والتي تتأهب لتحديث محركاتها بما يتفق مع التشريعات الدولية الجديدة التي قررت خفض نسبة الكبريت في وقود السفن من 3.5 % إلى 0.5 % ابتداءً من مطلع يناير 2020، ما يجعل من مجمع الملك سلمان للصناعات والخدمات البحرية مقصداً لهذه السفن لأعمال الإصلاح والتطوير والصيانة مما يؤدي بالنهاية إلى ارتفاع الطلب لخدمات المجمع ليبدو مركزاً رئيساً والأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط. ويأتي استغراب وزير الطاقة من تأخر المملكة في الصناعات البحرية رغم ما حباها الله من ثروات هائلة من النفط واحتياطاته الضخمة والتي بدأت صادراتها أوائل القرن الماضي، في وقت تكرس شركة أرامكو جهودا ضخمة للحاق بالركب العالمي في الصناعات البحرية بضخ مئات المليارات من الدولارات لاحتضان هذه الصناعة ومن أهم الآثار الاستراتيجية لمجمع الملك سلمان للصناعات البحرية توطين المعرفة والخبرة، وتحقيق أمن الإمدادات، وخفض تكلفة المنتجات والخدمات البحرية، وتوطين سلاسل الإمداد والتوريد. في حين يشير الجدول الزمني لمشروع الملك سلمان العالمي للصناعات والخدمات البحرية بأن البنية التحتية سيتم إنجازها جزئيًا في ديسمبر 2020، والإنجاز النهائي للمشروع في أكتوبر 2022. فيما ستبدأ الشركة العالمية للصناعات البحرية أعمالها في ديسمبر 2020، إضافة إلى بدء الأعمال لمشروع المحركات البحرية في يونيو 2021، بينما سيتم تشغيل مرافق مشروع المنصات البحرية في أغسطس 2022، وبدء أعمال مصنع صب وتشكيل المعادن في سبتمبر 2021.