إن المحاولات الإيرانية منذ ثورة الملالي عام 1979 للتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار لم تتوقف من أجل تحقيق أوهام تصدير الثورة، وقد عانى العالم العربي الأمرّين من هذه المحاولات، ومن المثير فعلاً أنه وفي الوقت الذي كان يجب على النظام الإيراني فيه الاهتمام برفاهية شعبه الذي يمتلك الكثير من الموارد الطبيعية التي حباه الله تعالى بها، فإن هذا النظام تصرف بعبثية مطلقة، فأهدر أموالاً هائلة على أحلامه البائسة، وبقدر الوهم الكبير الذي سيطر على عقلية قادة هذا النظام، كان التدخل الإيراني السافر الذي تجاوز دول الجوار والدول العربية المجاورة لإيران، ليشمل تدخلات في مناطق جغرافية بعيدة عن إيران، وعندما تمت إطاحة الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، وجد نظام الملالي أن الفرصة سانحة للتدخل في اليمن، من خلال ميليشيا الحوثي الانقلابية، فوفر لها كل الدعم، واستطاعت هذه الميليشيات في ظل غفلة من الزمن الانقلاب على الشرعية، والسيطرة على مناطق واسعة من البلاد، بما فيها العاصمة صنعاء تحت مظلة الدين، ومن هنا كان تدخل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لاستعادة الشرعية اليمنية، ومواجهة هذه الميليشيات التي تعمل على تحويل اليمن إلى مجرد دولة تابعة لنظام الحكم في طهران لتهديد أمن الجوار العربي، هذا ما أكده محللون سياسيون ل"الرياض". حيث أكد الخبير الاستراتيجي الإماراتي ضرار بالهول الفلاسي أن إيران تستخدم الحوثيين كورقة لتحقيق أهدافها الدنيئة في اليمن ومضيق باب المندب، وهي تعامل الحوثيين باعتبارهم كتيبة تابعة لفيلق القدس الإرهابي لا أكثر ولا أقل، وهذا له دلالاته الخطيرة من منظور استراتيجي لأنه يكشف عمق الطموحات التخريبية الإيرانية في المنطقة وأحقية اليمن والتحالف العربي بقيادة الإمارات والسعودية في الدفاع عن أنفسهم من منظور وجودي وليس فقط سياسي، كما أن إيران فشلت في لعبة تصدير الثورة التي كانت تتوهم أنها ستفتح لها أبواب الإقليم لذلك لجأت للتدخل المباشر من خلال ميليشياتها المختلفة وإثارة النعرات الطائفية في أكثر من بلد لتحقيق نفس الهدف الإرهابي الإجرامي، مضيفاً المطلوب اليوم سياسياً وإعلامياً فضح الدور الإيراني في اليمن وإصرارهم على دعم الحوثيين ضد الحكومة الشرعية وتزويدهم بالسلاح والعتاد والمال والتدريب، ومن المهم في كل مؤتمر دولي أن يتم عرض الأدلة المادية والوثائق التي تكشف التورط الإيراني الإرهابي وحشد التأييد الدولي والعالمي ضد الجمهورية الإرهابية في إيران وأن نشرك المجتمع الدولي والإسلامي والعربي في إدانة العدوان الإيراني وأضاف ضرار بالهول الفلاسي أعتقد أن المشكلة الأساسية في تعامل المنظمات الدولية مع الحوثيين هو أن هذه المنظمات تتصرف وكأنها تتعامل مع طرفين متساويين وليس مع حكومة وطرف غير شرعي انقلب عليها، لذلك نجد بعض المنظمات تتعامل مع الحوثيين بمنطق غير مقبول ويجب أن يوضع له حد خصوصاً أنه يخالف قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بالشأن اليمني، وقد لاحظنا أن بعض التقارير التي صدرت اعتمدت بشكل كامل على رواية الجانب الحوثي الأحادية بدون تدقيق ولا حتى مقارنة، وهذا يطعن في موضوعية هذه التقارير ويسيء إلى سمعة المنظمات الدولية، كما لفت انتباهنا تعمد اختيار خبراء لديهم مواقف فكرية وسياسية علنية مسبقة ضد دول التحالف بشكل يطعن في نزاهة وحيادية المنظمات الدولية التي يمثلونها. وللأسف ورغم كل الجرائم التي ارتكبها الحوثي بحق المنظمات الدولية والعاملين فيها كما حصل في مصادرة شحنات برنامج الغذاء العالمي، لا تزال بعض هذه المنظمات تتعامل مع الحوثي كحكومة أمر واقع وليس كعصابة إرهابية انقلابية. وأكد ضرار بالهول الفلاسي أن الحوثيين يعرقلون مفاوضات السلام لأنهم يدركون أنه إذا انتهت الحرب فسينتهون معها وستسقط ورقة التوت عنهم وعن الدعم الإيراني لهم، ولذلك أتوقع أنهم سيستمرون في التعطيل والمماطلة إلى أن يتم الحسم العسكري ضدهم من قبل التحالف العربي والجيش الوطني اليمني، لأنني أرى أن هذا هو الطريق الوحيد الباقي لإنهاء هذه الحرب، أما المفاوضات فكل ما رأيناه منهم هو التعطيل والتلاعب ومحاولات الالتفاف على اتفاق ستوكهولم حول تسليم ميناء الحديدة وقد رأينا كيف سلموا الميناء إلى أشخاص منهم يرتدون ملابس الشرطة بدلاً من تسليمه للحكومة الشرعية. وهنا أدعو أن تكون المفاوضات الوحيدة مع الجانب الحوثي هي مفاوضات استسلامهم للشرعية اليمنية وقوات التحالف لأنه طالما بقي الشيطان الإيراني في ظهورهم فلن يصدقوا العهد أبداً، وأي هدنة مؤقتة تمنح لهم سوف يستخدمونها لتجميع الصفوف وإعادة التسلح. المطلوب اليوم هو أن نوصلهم إلى مرحلة متقدمة من الإنهاك العسكري والعملياتي بحيث لا يبقى أمامهم إلا الاستسلام لقوات الجيش الوطني اليمني والتحالف العربي. وأضاف د. باسل الحاج جاسم الباحث والمستشار السياسي أن إيران تهدف من وراء أي تحرك لها داخل الدول العربية إلى زيادة نفوذها من خلال بوابة طائفية تهدد الاستقرار والسلم الداخلي في العالم العربي، ودعمها الحوثيين في اليمن يأتي في هذا الإطار، فلم يعد يخفى على أحد أطماع طهران في جوارها العربي الذي لم يشكل يوماً أي خطر على إيران، وتصريحات أكثر من مسؤول إيراني معروفة اليوم للجميع بأن إيران باتت تسيطر على أكثر من عاصمة عربية، مضيفاً أنه في الواقع لو نظرنا لعمل المنظمات الدولية بشكل عام فأغلب تلك المنظمات تعمل وفق أجندات دولية، لذلك من الصعب الحكم على عمل أي منظمة بمعزل عن الأهداف السياسية للدول التي تقف خلفها، وعملها في اليمن ليس استثناءً عن هذه الحالة، كما أن عرقلة الحوثيين لمفاوضات السلام، هو في إطار تكتيك كسب الوقت والتعويل على عوامل خارجية أو أي طارئ قد يخدم أهدافهم والأطماع الإيرانية في المنطقة العربية. وقال محمد حامد باحث في العلاقات الدولية أن هناك علاقة آثمة جمعت النظام الإيراني وميليشيات الحوثي منذ السنوات الأولى لنشأة الميليشيات الإرهابية، غير أن هذه العلاقة المشبوهة ازدادت وتطورت بشكل لافت للنظر على مدى السنوات العشر الأخيرة، حيث تصر إيران على دعم الحوثيين، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وإعلامياً، وهو الأمر الذي يحاول النظام الإيراني أن يخفيه تارة وينفيه تارة أخرى حتى لا يتعرض لعقوبات دولية، كما تقوم طهران بدعم وتوجيه مراكز أبحاث لمساندة الحوثيين، وتدريب ناشطين وإعلاميين حوثيين داخل لبنانوإيران، وفي وقت سابق، كشف إعلاميون وناشطون يمنيون عن وجود لجنة إيرانية بمقر السفارة الإيرانية باليمن تدير شؤون ميليشيات الحوثي الإرهابية، وتشرف هذه اللجنة على شبكة واسعة من الخبراء الإيرانيين وعناصر من ميليشيات "حزب الله"، يتولون مهام إدارة شؤون الميليشيات الحوثية، وهنا تظهر محاولة إيران استنساخهم لشكل حزب الله، وهذا يؤكد ضمور الوعي السياسي لدى الجماعة الدينية الحوثية، التي تستنسخ شخصية حسن نصر الله في شخص عبدالملك الحوثي بما يخالف النموذج اليمني، الذي لا يعترف بالزعامات الروحية أو الدينية، فضلاً عن ركاكة شخصية الحوثي نفسها، وافتقاره للكاريزما والثقافة الاجتماعية والسياسية، وتسطيحه للأمور، وتعاليه وخطابه الحاد في الداخل، وتقليده لشخصية نصر الله، مما يؤكد عدم امتلاكه شخصية مستقلة، كما أن ميليشيا الحوثي الإيرانية أجهضت كل جولات الحوار لتحقيق السلام في اليمن، كما تنصلّ الانقلابيون من تنفيذ اتفاق استوكهولم، مؤكداً أن ميليشيا الحوثي مجرد أداة إيرانية مزروعة في اليمن لتهديد أمن الجوار العربي حول الانحياز الدولي، لمليشيات الحوثيين، وغضه البصر عن الانتهاكات التي تمارسها تلك المليشيات، قال محمد حامد، إن الانحياز يتم بتمويل من بعض الدول التي لديها مصلحة من بقاء الحوثيين في اليمن، على رأسها قطر التي تحاول قلب الحقائق، فضلاً عن تسخيرها المال والإعلام لدعم الميليشيات، ولفت الباحث في شؤون العلاقات الدولية، إلى أن التقارير الحقوقية التي صدرت بشأن الأوضاع في اليمن، تجاهلت بشكل متعمد انتهاكات ميليشيات الحوثي، ولم تسلط الضوء بشكل واقعي على الممارسات القمعية التي تتبعها تلك الميليشيات ضد المدنيين.