تشارك المملكة هذا العام للمرة الخامسة في الاختبار الدولي TIMSS، الذي تنظمه الهيئة الدولية لتقييم التحصيل التربوي (IEA)، ويهدف الاختبار للوصول إلى بيانات شاملة عن المفاهيم التي تعلمها طلبة الصف الرابع والثاني متوسط في مادتي الرياضيات والعلوم؛ ومن ثم مقارنة تحصيل الطلبة فيها مع طلبة أنظمة تربوية مختلفة بغية الوصول إلى أفضل الوسائل المؤدية إلى تعليم أفضل من خلال الاستفادة من السياسات، والنظم التعليمية التي طبقتها الأنظمة التعليمية المتقدمة والتي نالت تصنيفاً متقدماً في الاختبار الدولي. ويعد التصنيف في هذا الاختبار بجانب الاختبارات الأخرى مؤشراً مهماً لسير عملية الإنماء والتنمية وبناء الاقتصاد المزدهر والواعد، فالعلاقة بين التعليم والنمو الاقتصادي علاقة شرطية مهمة بل إن التقدم في البلدان والحضارات مرهون بتقدم التعليم فيها بمختلف مفاصله الحيوية. ولعل النتائج التي حققها الطلبة السعوديون في الدورات السابقة من الاختبار الدولي TIMSS تدل في ظاهرها على أن ثمة فجوة بين تعليمنا وبين المعايير الدولية للتعليم بمختلف أنواعه وبرامجه، إلا أنه وقبل دق ناقوس الخطر والحكم القاسي على تعليمنا وبرامجه وخططه ووضعه أمام موجة من التساؤلات والملاحظات والمطالبة بمراجعة شاملة ومتعمقة له يجب أن نتساءل عن ظروف القياس السابقة التي خاض فيها طلبتنا هذا الاختبار الدولي هل كانت ظروف قياس جيدة وخالية من الأخطاء يمكن عندها اعتبار القياس أنه قياس موضوعي يمكن الاستناد إلى نتائجه واعتبارها نتائج حقيقية تعبّر بشكل موضوعي عن مستوانا الحقيقي؟ إن التفسير الوحيد الذي يمكن قبوله حينما نتساءل عن الأسباب التي أدت إلى هذا التصنيف المتأخر في هذا الاختبار هو وجود أخطاء قياس كثيرة أثرت على التقييم الحقيقي وبالتالي ظهر تصنيفنا متأخراً بشكل لا يليق بنظامنا التعليمي. إن القياس الذي لا يتم في ظروف جيدة خالية من الأخطاء لا يمكن وصفه بقياس حقيقي وموضوعي، ولعل المختصين في القياس والتقويم يدركون جيداً أنه كلما زاد حجم أخطاء القياس زاد التباين بين الدرجة الملاحظة والدرجة الحقيقية إلى درجة لا يمكن عندها قبول الدرجات الملاحظة كمؤشر صادق للمستوى الحقيقي للسمة المقاسة. ولعلنا نتساءل الآن ماذا لو تمت التهيئة لهذا الاختبار الدولي بصورة جيدة وكانت ظروف القياس مناسبة وخالية من الأخطاء هل ستكون نتائجنا كما كانت في الدورات السابقة؟ أظن أن الأمر سيكون مختلفاً وسيلاحظ ذلك بمشيئة الله في النتائج القادمة - نظراً لما تبذله وزارة التعليم هذه الأيام وبمتابعة مباشرة من معالي وزير التعليم من جهود مضنية في التحضير لهذا الاختبار الدولي هدفها الرئيس أن يتمكن الطلبة الذين تم اختيارهم من قبل المنظمة الدولية كعينة ممثلة لطلبة المملكة من خوض هذا الاختبار في ظروف اختبارية جيدة، تعكس بصدق المستوى الحقيقي لطلبة المملكة والذي يفترض أن يتوازى مع حجم الاهتمام الذي توليه الدولة بنظامها التعليمي. ولذا علينا التريث في تقييم نظامنا التعليمي في ضوء النتائج السابقة التي لم تكن في نظري نتائج تتمتع بخصائص سيكومترية جيدة.