الحق يُقال أن الفضل يرجع لمعالي المهندس علي النعيمي (وزير البترول السابق) فهو أول من أعلن أن أرامكو لن تزيد طاقتها الإنتاجية القصوى الحالية البالغة حوالي 12.5 مليون برميل في اليوم (تشمل المنطفة المحايدة). لقد كان تصريح معاليه يرد على الذي كانت تردده سنوياً في تقاريرها السنوية وكالة الطاقة الدولية IEA بأنه من المطلوب - وكأنه أمر مُسلّم به - أن ترفع أرامكو طاقتها الإنتاجية إلى 15 مليون برميل في اليوم. بعد هذا التصريح من معاليه بدأت الوكالة الدولية في تقاريرها السنوية تحذر من أن عدم استثمار الدول المنتجة للبترول (بالذات أوبك) بالقدر الكافي في التوسع في طاقتها الإنتاجية سيؤدي إلى حدوث عجز في إنتاج البترول وعرقلة النمو للاقتصاد العالمي. ثم - لأنها لم تجد تجاوباً من أوبك - بدأت وكالة الطاقة تتحدث عن المصادر البديلة للبترول من بينها البترول الصخري الأميركي الذي لم تكن تذكره من قبل. ثم أصدرت تقريرها (Oil 2018) بتاريخ 5 مارس 2018 حيث تكلمت بصراحة بأنه سيتضاءل نمو طاقة أوبك الإنتاجية وستتسيد (dominate) أميركا سوق البترول بحلول عام 2023. ثم صرح مؤخراً فاتح بيرل الرئيس التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية بتاريخ 21 ديسمبر 2018 (قبل 3 شهور) قائلاً: إن إنتاج أميركا سيساوي مجموع إنتاج المملكة وإنتاج روسيا معاً بحلول عام 2025. التاريخ يكرر نفسه فيعيد لذاكرتنا فترة السبعينات وأوائل الثمانينات عندما كان مقرراً أن تزيد أرامكو (قبل سعودتها) طاقتها الإنتاجية إلى 16.6 مليون برميل عام 1985. ثم تزيدها إلى 20.6 مليون برميل عام 1990 (المصدر: critical factors affecting S.A's oil decisions). لكن اعترض حينها معالي الشيخ أحمد زكي يماني وصرّح بحزم قائلاً: يجب على الدول المستهلكة أن تواجه ارتفاع أسعار البترول، وترشد استهلاكها للبترول، وأن تبدأ الإنتاج من الحقول عالية التكاليف في آلاسكا وبحر الشمال. وهذا الذي حدث بالفعل. بإلقاء نظرة فاحصة على تقرير وكالة الطاقة بعنوان: crunching the numbers وتاريخ 16 نوفمبر 2018 نجد أن وكالة الطاقة تُحذر من حدوث كارثة مُروِعة تُحطم اقتصاد العالم لعدم وجود أموال كافية - بسبب انخفاض أسعار البترول - لتمويل الاستثمار الكافي في التنقيب والاكتشاف والتطوير والإنتاج للبترول. الخلاصة: الاقتصاد العالمي الحديث لا يستطيع البقاء دون الطاقة. والبترول التقليدي (من نوع الغوار) يمد العالم الآن بأكثر من 33.33 % من استهلاك الطاقة. وبالتأكيد لا يستطيع بترول الخليج تلبية الزيادة في الطلب على البترول. ودون قدوم الصخري ليسد الفراغ بين العرض والطلب - مؤقتاً إلى أن يتم تطوير البدائل - سيكون المصير حتماً: الحُطام (CRUNCH) على حد تعبير تقرير وكالة الطاقة المذكور أعلاه.