لا يقتصر دور الكتاب في كونه وعاء معرفيا مرتبطا بزمن معين، بل هو ذاكرة يؤرخ بها الشعوب حيواتهم، وينقلون إليها شتى علومهم، إن الكتاب يحمل بين طياته الإنسان على مر العصور، تطل من نافذته لتجد الأدب والتاريخ والفلسفة والفلك، لتبحر من خلاله بالمعرفة، وتتضلع من جوهره الثمين، والكتاب يُنقح العقل، ويصلح الفكر، وينشئ جيلاً واعياً، وكون أبي الطيب المتنبي شاعراً ومثقفاً صدحت كلماته بين جنبات دولة بني العباس إلى يومنا هذا فقد عرف قيمة الكتب النفيسة فقال "وَخَيرُ جَليسٍ في الزّمانِ كِتابُ" تهتم أغلب الدول بالكتاب، وإحياء القراءة وإعانة المؤلفين، ففي مسقط رأس الفيلسوف الألماني غوته يقبع معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، حيث احتفل القائمون على المعرض العام المنصرم بدورته ال70، وتزخر المدينة الألمانية بالزوار سنوياً من شتى أنحاء العالم لزيارة المعرض، حيث يلتقي صناع الكتب ومحبو القراءة تحت سقف واحد. "الكتاب" منارة تضيء الدروب، وثقافة جوهرية لنهضة الشعوب.. وقد أولت رؤية "2030" التي أعلنها ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان العام 2016، الثقافة جل اهتمامها بدعم المكتبات والمتاحف والمسارح، وإيجاد خيارات ثقافية متعددة تلائم فئات المجتمع، وتسعى الرؤية لإنشاء قاعدة ثقافية ينهل منها المجتمع العلوم والمعارف، وتأسيس منصات تدعم المبدعين وتثري أفكارهم، من منطلق الحضارة العربية والإسلامية التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ والإنسانية. وينتظر محبو الثقافة والمعرفة إطلالة معرض الرياض الدولي للكتاب الذي ينطلق غدا، بأكثر من 913 دار نشر عالمية وعربية، وبأكثر من 500 ألف عنوان في مختلف العلوم والآداب والمعارف، برؤيته وحلة جديدة تواكب التطلعات، يجسد من خلالها رسالته الثقافية المناطة به، لبناء مجتمع واع ووطن يقرأ. ويتخلل المعرض أكثر من 200 فعالية ثقافية متنوعة بين الندوات والمحاضرات والنقاشات وحفلات توقيع الكتب، بحضور نخبة من المثقفين من المملكة وخارجها. تتجه الأنظار نحو العاصمة الرياض خلال الفترة (13 - 23) مارس الجاري، وهي مدة إقامة "كتاب الرياض" في مركز الرياض الدولي للمعارض والمؤتمرات ويؤمه القراء والمثقفون والمفكرون من كل أصقاع المعمورة باعتباره منبرا ومنتدى وملتقى ثقافيا يزخر بالفعاليات واللقاءات ودور النشر والعناوين الجديدة كبيئة خصبة لصناعة المعرفة، ومشكاة لنشر الثقافة والفكر والأدب لا سيما وأن المملكة تمتلك إرثاً ومقومات ثقافية هائلة وكتابا ومؤلفين بلغ علمهم الآفاق.