استغلال الأطفال في شبكات التواصل الاجتماعي في الشهرة والتكسب المادي إحدى صور الإساءة للطفل، التي يعاقب عليها النظام، وأحد أكثر الأعراض النفسية والاجتماعية التي تهدد الأطفال مع دخولهم عالم الأضواء والشهرة؛ حيث إن وجود الطفل كنجم في سن مبكرة يؤثر في نفسيته وتكوينه العقلي، ويزيد من حالة التوتر والعصبية والقلق والخوف وعدم الأمان لديه، فضلاً عن الضغط الدائم الذي يتعرّض له من الأسرة والمتابعين؛ ليبقى في دائرة الشهرة، وتحقيق عوائد مالية. مقاطع كثيرة في الشبكات والمواقع الإلكترونية تُظهر لنا أطفالاً في عمر الزهور، يواجهون ضغوطا كبيرة في الخروج إلى الجمهور على أنه وظيفة أو مهنة دائمة، وليس فقط هواية محدودة في التعبير الذي ينمّي الشخصية، وينعكس على سلوكها ثقة وإبداعاً، حيث ينقل هؤلاء الأطفال مشاعرهم وأدق تفاصيل حياتهم وهم تحت الضغط، والإذعان أحياناً، ممن يفرض عليهم أقوالاً أو سلوكاً معيناً، وتشتيت أولوياتهم في النظرة إلى الحياة على أنها معارف قبل أن تكون مهارات، وكل ذلك للبحث عن الشهرة، وزيادة عدد المتابعين لحساباتهم، وتحقيق العوائد الإعلانية مستقبلاً. وكانت النيابة العامة قد وجهت بتحريك دعوى جزائية ضد أولياء الأمور المستغلين لأطفالهم في شبكات التواصل الاجتماعي، أو ممن له علاقة بهم بأي شكل كان، وذلك بعد انتشار المقاطع التي تنطوي على شبهة استغلال براءة الأطفال، ومحاولة إيذائهم؛ حيث تراقب الجهات المختصة المحتوى الرقمي، الذي يكون فيه الأطفال طرفاً، وتتخذ كل الإجراءات النظامية عند أي تجاوزات قد تضر بالأطفال. وشددت قوانين الحماية من الإيذاء، وحماية الطفل، ومكافحة الجرائم المعلوماتية، والإجراءات الجزائية في المملكة على عدم استغلال الأطفال سلعة لكسب الأموال في شبكات التواصل الاجتماعي، أو الإساءة إليهم في مقاطع مصورة لجذب مزيد من المتابعين، حيث يعاقب النظام المخالف بالسجن لمدة لا تقل عن شهر، ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف ريال، ولا تزيد على خمسين ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من ارتكب فعلاً شكّل جريمة من أفعال الإيذاء المنصوص عليها في النظام. ورغم النصوص النظامية المميزة في حماية الأطفال من الإيذاء والاستغلال بما فيها شبكات التواصل الاجتماعي، إلاّ أن الواقع يشير إلى أن هناك فجوات كبيرة ومخيفة في التطبيق، وبطئاً في اتخاذ الإجراءات التي تكفل التوازن بين الطفل وعلاقته بأسرته؛ حيث لا نزال في حاجة إلى حملات توعية بالنظام، وحملات وعي للمشاركة المجتمعية في الحد من تلك التجاوزات.