تحاكي القصص والمرويات الشعبية المواقف البطولية للمرأة وتعترف بقدرتها النفسية والفكرية, وذكائها, كونها شريكا هاما ومؤثرا في الحياة العامة التي تحكمها قوانين وأعراف يخضع لها المجتمع, الذي فرضت إرادتها عليه دون أن تصطدم به أو تتحدى عاداته وتقاليده وقيمه. كما في مروية سعيدة الشنّوطية التي حققت هدفها بموقف شجاعة نادرة, دون أن تأتي بخرق لما اعتاد عليه المجتمع من سلوكيات وأخلاقيات أو تعارض طبيعتها, وكانت بطولتها بحدود العقل والمنطق, وبتأثير معنوي من المجتمع. وتبدأ الرواية عندما تزوجت سعيدة من شخص يسكن العلا لتصطدم بواقع الحياة في المدينة الذي يجبر المرأة على التحرك بحدود ضيقة لا تتعدى جدران المنزل الطيني, وهذا ما لم تتعود عليه سعيدة في البادية, بفضائها الواسع الذي ليس له حدود فضاقت روحها ولم تحتمل المكان, فطلبت الطلاق مرارا وتكرارا الذي قابله زوجها بالرفض القاطع, فقررت استخدام الحيلة معه فطلبت منه أن تزور أهلها في البادية, وجلست يومين مع زوجها بضيافة أهلها, ولما قرر زوجها العودة, رفضت سعيدة الخروج معه, فشكى الزوج رفضها لأخيها الذي طلب منه الرحيل وترك أخته ليقنعها بالعودة لبيتها, حاول الأخ كثيرا إقناع الأخت بالعودة لزوجها, لكنها لم تكن تترك لأخيها مجالا للحديث بتمسكها بالطلاق, فتركها لمدة شهرين حتى نفذ صبرها معه بعدم تطليقها, ففتحت موضوع الطلاق من أخيها, فرفض رغبتها وصمم على عودتها لزوجها إلا بشرط وهو: أن تُعيد له بندقيته مرزوقة من القبيلة الفلانية, فكان شرطا تعجيزيا حسبه الأخ أن يقف دون طلاقها, فقالت له: وإن أحضرتها لك, تطلقني من الرجل؟ قال نعم؛ وهو يضحك لاستحالة الموضوع الذي يحتاج لتخطيط وشجاعة ذكورية كما يراه, قبلت سعيدة التحدي بإحضار البندقية مرزوقة, فجهزت نفسها بالزاد والماء كونها ذاهبة أمام أهلها لرعي الغنم مع جارتها التي تثق بها, وقالت لها: إني ذاهبة لإحضار البندقية وإن سألك أهلي عني قولي لهم أني ذهبت لزوجي، فإن لم أرجع بعد أربعة أيام قولي لهم الحقيقة. وصلت سعيدة لتلك القبيلة وتعرفت على نسائها, وكان عذرها عند سؤالهم أنها تبحث عن ناقة، وكانت تدور بين البيوت تبحث عن البندقية حتى رأت بندقية تشبهها معلقة في عمود بيت لعجوز تعد الطعام فجلست سعيدة عندها واحتالت عليها وقالت بأنها متعبة وأهلها بعيدون, هل لي بالمبيت الليلة, وقد ارتاب زوج العجوز منها إلا أن زوجته طمأنته بأنها عابرة سبيل. استطاعت سعيدة ان تحتال عليها وأخذت البندقية بعد أن تأكدت أن الناس نيام، وخرجت بخفة وواجهتها الكلاب تنبح فخافت أن ينكشف أمرها فرمت لها طعام كان معها, وعندما بزغ الفجر كانت سعيدة قد قطعت مشوارها وهاجس لحاق القوم بها يجعلها تسرع حتى وصلت لبلدة (جيدة) فصادفت هجانة وإذا بأخيها سعيد معهم يبحث عنها, فنزل وكاد أن يضربها لولا أن منعه الناس وهو يقول: هل صدقتِ أنك ستحضرين مرزوقة أيتها المجنونة, فقدمتها له وقالت: أبشر لقد أحضرتها ووفيت بوعدي فهل ستفي بوعدك لي؟ فأخذها وقال: والله إنها مرزوقة, وأبشري بطلاقك يا سعيدة, وقد طلقها من زوجها ووفى بوعده لها, وكسبت سعيدة التحدي وفازت بالرهان لإيمانها بمقدرتها على تخطي الصعاب من أجل تحقيق الهدف الذي هو وعد أخيها بتطليقها من زوجها. قصة تحمل كثيرا مما كانت عليه المرأة قديما من شجاعة في قبول التحدي لأجل كرامة النفس التي اكتسبتها من قساوة الصحراء ونزاهة أهلها, فكسبت ثقة المجتمع الذي يحترم رغبتها حين تقدم ما يثبت له قدرتها العقلية والجسدية أثبتتها مرويات قدمها الموروث الشعبي بكل شفافية وإعجاب عن دور المرأة المؤثر في الحياة قديما. ينعى سليمان الربيض والدته بقصيدة منها: حبيبتي شالها المقطوع قطاع كل المحبينِ أمي وخطبي لها بخضوع واخفض لها بالجناحينِ تشعر إلى اني شعرت بجوع ومن مشة القلب تسقيني يا لوع قلبي عليها لوع لوعة يتامى وغرايبينِ وادعو لها والدعاء مسموع ادعو لها يا المصلينِ يا واحدا لك سجود اركوع ارضى لها المدخل الزينِ الرجل يشارك المرأة في الرأي