ماذا تعني زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للدول الآسيوية باكستانوالهندوالصين؟ تأتي هذه الجولة المهمة في توقيت لا يقل أهمية نظراً لطبيعة العلاقات الاستراتيجية بين المملكة والدول الثلاث الكبرى في آسيا ذات العمق الحيوي في العالم. والمملكة بما تملكه من مقومات وثقل ديني جعلها محط أنظار العالم العربي والإسلامي لتشرفها بخدمة الحرمين الشريفين، إضافة لثقلها السياسي ومتانتها الاقتصادية ضمن دول العشرين الأقوى اقتصاداً عالمياً، وتأتي هذه الجولة الحيوية لتقوية العلاقات الاستراتيجية وبناء منظومة شراكات مستقبلية والاستفادة من الإمكانات التي تتمتع بها البلدان الآسيوية الثلاثة. وعلى مر عشرات السنين شهدت العلاقات الرسمية بين المملكة وباكستان العديد من التواصل والتقدير، بدأت منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - الذي دعم كفاح الشعب الباكستاني لنيل استقلاله عن الهند. حيث كان الملك عبدالعزيز صاحب تأثير رئيس فيما حققته من انتصار، خاصة على صعيد حصولها على دعم دولي للانفصال عن الهند في العام 1947، كما سارع الملك المؤسس في العام 1943، بدعم أشقائه الباكستانيين بالتبرع لصالح أبناء باكستانالشرقية (بنغلاديش حاليًا)، بعدما ناشد محمد علي جناح دول العالم لإنقاذهم من المجاعة. والمملكة كانت واحدة من أولى الدول التي اعترفت بباكستان فور إعلان استقلالها، كما كان لها دور أساسي في دعم الدولة الجديدة ومؤازرتها في مختلف المجالات. فيما كانت الهند المحطة الثانية لجولة سمو ولي العهد، والتي كسر من خلالها دولة رئيس الوزراء الهندي السيد ناريندرا مودي البروتوكول الحكومي الرسمي ليستقبل شخصياً الأمير محمد بن سلمان في المطار لتؤكد الزيارة عمق العلاقة بين البلدين الشقيقين. أما الصين فهي قوة اقتصادية وعلمية، ولها حضور فاعل في كل مكان في العالم من حيث الإنتاج والمعرفة وبأسعار منافسة في مختلف السلع والخدمات، في الوقت الذي تسعى فيه الرياض إلى توطيد علاقة الشراكة الحيوية مع الصين فإن بكين تنظر بذات الأهمية للمملكة كونها بلداً مستقراً وآمناً ومتطوراً اقتصادياً وجاذباً للاستثمار. إن الجولة السعودية الآسيوية الحالية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان تمثل منعطفاً مهماً في المنطقة، وتؤسس لمرحلة جديدة ستكون لها نتائج إيجابية مؤثرة بإذن الله في الفترة المقبلة، كما أنها تحمل أهمية استثنائية سياسياً واقتصادياً في الوقت الذي تعاني فيه عديد من الدول من هزات وعدم استقرار.