الشاعر محبوب سعد الجميدي من فحول الشعراء الشعبيين في أملج، ولد عام 1357 وتوفي عام 1428 هجري، كان صيادا وبحارا، جاب عباب البحر طولا وعرضا، كما كانت له في حياة البادية باع طويلة، اكتسب منها الخبرة وتجارب الحياة في طبيعة الأرض وجمال الكون التي فاضت لها مشاعره، فاستقرت في وجدانه لتلامس فؤاده، ولقدرة الشاعر الفكرية والذهنية على رسم صور خيالية حية، جسد قصيدة تداعب الفكر من جمالها لتأسر الفؤاد، جعلنا نعيش هذه اللحظات وندور معه في جمال الكون، ونتأثر بدورة الأفلاك، ونهيم بسحر الطبيعة، وقدرة الخالق سبحانه وتعالى في قصيدة طويلة عن الطبيعة. يقول الله تعالى في محكم كتابه في سورة النبأ الآيتين 10،9 (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا، وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا)، فصور لنا الشاعر بالأبيات التالية، تالي الليل؛ حيث يهجع الناس في سكونهم للنوم وقبل ظهور النور، كقافلة انتهت من لملمة نفسها ورمز للنجوم والقمر وما يتبعها من أجرام سماوية لا تظهر إلا بالليل، بالمحاميل، وبدأ بالرحيل وهو متيقن بالرجوع. الليل قام يلم تالي عزاله والكون ساكن والخلايق هجوعي قادت محامليه وشدت رحالة واقفا وهو مستيقناً بالرجوعي وتحمل الأبيات التالية قصة معجزة كونية عظيمة بتدبير الخالق سبحانه وتعالى لليل والنهار، وفي محكم كتابه قال تعالى: (لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)، فصور الشاعر الصبح وهو يحاصر الليل ليحتل مكانه، وكأن النور موكب يخرج من بطن الليل ليزف الشمس، فتبدأ أشعتها بالظهور كشموع تنير الأرض بعد العتمة، ثم تشرق كدرع منسوج من ذهب: والصبح حاصر موقعه لاحتلاله وأرسل وراء الليل المفقي فزوعي لاحت تباشيره وفلت عقاله وأوقد بعد طول العتام الشموعي والشمس تنشر في سماها غلاله مثل الذهب منسوج نسج الدروعي تضفي على البيداء من النور هلاله موكب يزف الشمس قبل الطلوعي وربط الشاعر تغاريد الطيور والعصافير بحلاوة وجمال الصباح التي تحدثه بانتشارها في الجو، محدثة معها ترانيم من الأصوات الجماعية كمعزوفة موسيقية، باحتفال تشارك فيها الطبيعة بهجة الصبح، وهي تبحث عن رزقها متكلة على الله، وقد ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صورة في الاتكال على الله في طلب الرزق بهذه الطيور: قال «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً». والطير تغريده دليل احتفاله في مولد الصبح الجديد الدلوعي تنشر مخاميصه وتملأ حثاله وترد للمهكاب وقت النزوعي والزهر فتح واستفاقت سلاله لولا عروقه شابكاته يثوعي في زين توصيفه وصافي جماله كل الطمع للي يحب الطموعي نبت الخزامى والذرق والنفالة والعشب والحوذان ما هو خنوعي فواح عطره زاهيات خصاله ما هو على العاشق بخيل وجزوعي يرمي وشاحه في روابي تلاله ويمد شاله في مكان الزروعي لين أفرغت ماها حوامل خياله ما يمنع المعروف زين الطبوعي يشكر ويظهر ما اختفى في رماله من قبل ما يمضي عليها السبوعي كريم ما غطى بقايا أفضاله من ضيف وإلا جار وإلا دنوعي ما هو سواة اللي ليا زان حاله يسرف على نفسه وجاره يجوعي والطلح والعوسج تمايل قذاله فأول نسيم الصبح هل الدموعي كنه من اللولو كريم السلاله قطر الندى فوق الورق والفروعي والضلع يرمي في الخمايل ظلاله تشذا ذعاير سيل فيها يخوعي ترشح دموعه في محاجر إسهاله يوم الرعد يرزم وبرقه يزوعي تاريخ صامت ما يعبر مقاله من واردات وصادرات النجوعي يحدا حداويها رجال الشكالة اللي لهم في كل ميدان بوعي أن كان زان الوقت زانت بذاله وإن شان يحتمل الدهر القطوعي لوحه رسمها الله بعزة جلاله متكاملة من كل شنحا ونوعي استسلمت للوحي جاها رسالة وبالسر تحفظ للوجود الذيوعي ترفع بخار الماء وترخي بداله قطر المطر حتى تعم النفوعي وتضمنت باقي أبياته عن طبيعة المطر ودوره في إحياء الطبيعة، كما تضمنت الأبيات حبه لتصوير ملامح الطبيعة بالشعر، وثقته بجمال تصويره العميق الذي ينبع من مشاعر صادقة مؤمنة بجمال الخلق، وهبة الخالق. الشمس تنشر في سماها غلاله