يتميز الأستاذ تركي الشبانة وزير الإعلام السعودي بامتلاكه الحسنيين الإعلاميين، الخبرة الطويلة في إدارة المرافق الإعلامية ورسم استراتيجياتها، والخبرة العميقة في إدارة الإنتاج بكافة أشكاله، وفوق ذلك يجيد المناورة الإدارية عند شح الموارد. ستواجه خبرات الأستاذ تركي عدد من التحديات الجديدة، ورث وزارة عريقة تراكمت عليها المدارس الإدارية حتى أضحت ثقيلة الحركة كأي مرفق حكومي ضخم. حسب معرفتي فالأستاذ تركي مؤسس كل المرافق والقنوات التي أدارها (مع بعض الاستثناءات في بدايات حياته المهنية). كان اتخاذ القرار فيها بوصفها قطاعاً خاصاً أكثر مرونة مما سوف يواجهه الآن. في ظل الظروف القائمة وحركة التحولات التي تمر بها المملكة والصراعات التي تحيط بالبلاد ثمة مهمة استراتيجية كبرى في انتظاره. بعد الهجمة الشرسة التي واجهتها بلادنا مؤخراً تعالت الأصوات التي تنادي بإعادة النظر في الإعلام السعودي من جذوره. يرى بعضهم أن الإعلام السعودي عجز عن التعامل مع الأزمة. في خضم النقاشات والنقد طرحت مجموعة من الاقتراحات للتصدي لأزمات المستقبل من أكثرها تردداً أن تؤسس المملكة مراكز إعلامية عالمية تنقل الصورة الحقيقة عن البلاد وتتصدى للحملات المعادية الخارجية، رغم أن هذا الاقتراح جيد إلا أنه جزء من الحل وليس الحل. تعيش المملكة ثلاثة فضاءات: الفضاء الداخلي والفضاء العربي الإسلامي وأخيراً الفضاء العالمي، ثمة فرق كبير بين هذه الفضاءات لا يسمح لنا أن نضعهم في سلة واحدة. إذا تجاوزنا الفضاء الداخلي سنرى أن الفضاء العربي يختلف عن الفضاء العالمي بحكم المشترك التاريخي والعاطفي مع الأول ولأن المساحة لا تسمح بالتوسع سأكتفي بالإشارة إلى الفضاء العربي. أثناء تكتلات الخمسينات والستينات استطاع الإعلام المصري بفضل ما كان ينفرد به من إمكانات أن يطور صورة نمطية عن كل دولة عربية بصرف النظر عن الحقيقة. في بعض البلدان العربية. السؤال الذي يتوجب علينا كإعلاميين أن نطرحه: ما هذه الصورة أو ماذا تبقى منها؟ أو بعبارة أوسع ما الصورة النمطية عن المملكة في الشارع العربي اليوم؟ يفترض أن تنطلق استراتيجية المملكة الإعلامية قبل كل شيء بعمل أكاديمي لإعداد دراسة دقيقة ومفصلة لكل دولة عربية على حدة. تطور عدة أسئلة تتناول سمعة المملكة وموقف العرب من أدائها في العمل العربي المشترك في القضايا الكبرى كالقضية الفلسطينية والسورية واليمنية وعن الأثر الإعلامي للمساعدات السعودية الخارجية.. إلخ. ستسهم هذه الدراسة في التوصل إلى معرفة الموقف السلبي من المملكة الذي تتوجب إزالته والموقف الإيجابي الذي يتوجب تعزيزه. أتمنى أن نبدأ مع الأستاذ تركي مرحلة الدراسات الاستراتيجية قبل أن ننتقل إلى العمل الميداني؛ فرؤية 2030 على الأبواب.