كثير من النقاد يرون أن الأدب إنساني، وبالتالي لا فرق بين شعر المرأة والرجل، شخصياً أختلف مع هذا الرأي، فالمشترك الإنساني لا يعني التوافق لا في الشكل ولا في الشعور، هرمونات المرأة تختلف عن هرمونات الرجل، يترتب على ذلك اختلاف في العواطف، ثم إن المرأة تحمل وتضع وترضع، تمر بتجارب مؤثرة لا يمر بها الرجل، وتُقدم تضحيات لا يُمكن أن يقدمها، ملايين النساء متُنَْ وهن يَضعنَ، هاتوا لي رجلاً واحداً فعل ذلك. نزار قباني، مثلاً، ربع شعره على لسان المرأة، ومع ذلك نشُم فيه رائحة الرجل (وإن كانت صادرة من قارورة عطر مخلوط بين النسائي والرجالي)، ولكنه لمرهفي الحسّ مكشوف، لا يعدو أن يكون أحلام يقظة يتغنّى بها ويتمنّى إن لم نقُل يتشهى، وفيها تفوح روائح النرجسية، فالنساء اللاتي أنطقهن نزار مغرمات بحضرته حتى الثمالة، وقبله عمر بن أبي ربيعة، بهذا ظفرنا بفنّ جديد، لا هو برجالي ولا نسائي، ومن الجيّد أن نظفر بفنّ جديد، لكن على شرط ألّا نُخدع.. في شعر فاطمة الدريدي، مثلاً، نحس بأنفاس الأنثى ونكاد نلمس مشاعرها ونرى بصماتها: بكل مرارة الواقع بحرقة جفنيَ الدامع بِحُمْقِ تصرُّف الأنثى بسحر حديثها الرائع أُصَرِّحُ دونَ تفكيرٍ بأنك ضوءُ أيامي وحفنة عمريَ الضائع بِرفض حقيقتي المُرّة بعبء خسارتي الكبرى بزفرة قلبها الحرى سأصرخُ ملء أيامي بشوق يمامةٍ حيرى أُؤكدّ دون تزييفٍ بأنك صرتَ لي حرفاً وصرتَ لحرفيَ الشعرا بنسف عواطفي الحبلى بعمق مشاعري الثملى أحس بدافع مُغْرٍ يُحَوِّلُ زهر ريحاني إلى حقلٍ من الدُّفلى ويدفعني بأن أصبو للحظة فرحة جذلى أريد اليوم أن أحيا بخدعة أنظمي المثلى بسحر حلاوة الدنيا أُراهنُ أنّك الأحلى هذا شعر لو نُشر بلا اسم لشعرنا أنه لامرأة فيه أنوثتها الحقيقية وعاطفتها المميزة وشعورها المختلف، وبخلاف ذلك قول نزار قباني على لسان امرأة: ، خبئني، في خلجان يديك فإن الريح شمالية ، خبئني، في أصداف البحر وفي الأعشاب المائية ، خبئني، في يدك اليمنى ، خبئني، في يدك اليسرى ، لن أطلب منك الحرية ، فيداك، هما المنفى ، وهما.. أروع أشكال الحرية ، أنت السجّان.. وأنت السجن وأنت قيودي الذهبية ، قيدني، يا ملكي الشرقي ، فإني امرأة شرقية ، تحلم بالخيل، وبالفرسان ، وبالكلمات الشعرية الذي يشعرنا بأن قائله رجل يمثل على خشبة المسرح الشعري بملابس نسائية، بعكس قول الشاعرة (عابرة سبيل) الذي تحس فيه روح المرأة وعواطفها: وين انت ياللي عيدنا في محياك كف القدر من ضيقة الخلق بسته من يوم ما لوحت لي كف يمناك لليوم دمعي بالخفا ما حبسته ومن يوم ماذوقتني حر فرقاك والياس زرعه في حياتي غرسته شريت لي ثوبٍ علي شان لقياك والثوب راحت موضته مالبسته وشريت عطرٍ ما زهاني بلياك أربع سنين بعلبته مالمسته ودفتر قصيدٍ كل يوم يترجاك مافيه يومٍ ماسهرت ودرسته