"ما مهمة المدير التنفيذي؟"، سئل جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون هذا السؤال فأجاب قائلاً: "مهمة المديرين التنفيذيين التفكير في المستقبل والعيش هناك، لا مجرد التفكير في الوضع الراهن". مقالة اليوم تناقش كيف يتوجب على القائد أن يعيش في المستقبل؟ يحكى أن مديراً راح يوبخ موظفيه بطريقة مستفزة على سوء الأداء ونتائج الشركة السيئة. وانطلق يهدد الجميع بأن الفصل سيكون مصيرهم إن لم يتحسن الأداء خاصة أن هنالك الكثير من صفوف المنتظرين الذين يحلمون بالانضمام للشركة. وصادف أن أحد الموظفين الجدد في الشركة كان لاعب كرة قدم فسأله المدير أمام الجميع: "ماذا كنتم تفعلون إذا استمرت خسائر الفريق خسارة تلو الخسارة؟ سيتم استبدال اللاعبين، أليس كذلك؟"، وبعد لحظات صمت ثقيلة أجاب اللاعب السابق: "عفواً سعادة المدير، ولكن في العادة إذا استمرت خسائر الفريق فيتم استبدال المدرب مباشرة!". هذه القصة تعبير حقيقي عن الأثر الذي يتركه المدير أو القائد على أداء الشركة أو المنظمة حيث تأتي القدرة على قراءة المستقبل لدى القائد كعامل حاسم للغاية. ولعل من النماذج الواضحة تجربة شركتي فوجي فيلم وكوداك، اللتين كانتا تقودان الشركات في سوق أفلام الكاميرات عالمياً في العقود الأخيرة من القرن الماضي، ورغم أن الحديث كان عن اتجاه العالم إلى التقنيات الرقمية تجاهلت شركة كوداك هذه القراءة المستقبلية مما نتج عنه انحسار شديد في المبيعات. ورغم أن شركة كوداك قررت في وقت متأخر جداً أن تستثمر في الكاميرات الرقمية إلا أن هذا التحرك سرعان ما باء بالفشل مع انتشار الهواتف الذكية المزودة بالكاميرات. وبالمقابل قام الرئيس التنفيذي لشركة فوجي فيلم (شيجيتاكا كوموري) باستقراء المستقبل والاستثمار من وقت مبكر في التقنيات الرقمية والتوسع إلى عالم الطابعات الذكية وتطوير الأدوية والعدسات والبرمجيات وغيرها. وفي العام 2006م أصبحت شركة فوجي مجموعة تضم عدداً كبيراً من الشركات المختلفة التي تحقق أرباحاً ونجاحات ولم تعد الأفلام تشكل سوى 3 % من مبيعات الشركة. وفي الوقت الذي يستلزم النجاح قدرة القائد على استقراء المستقبل والمبادرة بالاستعداد له، فبالمقابل هناك أناس يعيشون في التاريخ والتغني بأمجاد الماضي التليد. الأمر شبيه بقائد يوناني يتغنى بمعارك الإغريق أو قائد منغولي يحن لمجازر جنكيز خان، وبلادهم تواجه تحديات مصيرية في الاقتصاد والسياسة وغيرها. ومن المقولات الجميلة في هذا الصدد: "لا نحكم شعباً إلا بأن نريه المستقبل، القائد هو تاجر الأمل"، نابليون بونابرت "القادة هم المسؤولون عن الرؤية، التابعون غالباً لا يستطيعون رؤية المستقبل كما يراه القائد"، جون سي ماكسويل "القائد لا يخطط ثم يحاول عبثاً تغيير الظروف، بل عليه أن يجعل خططه تتوافق وتنسجم مع الظروف"، جورج باتون.. وباختصار، نجاح القائد الحقيقي يتطلب القدرة على قراءة المستقبل والتحرك بكل إيجابية لصناعة المصير!