تفعيل دور التدريب يتطلب الاهتمام بجانب لم يأخذ حقه من الاهتمام من قبل المنظمات المستفيدة من التدريب ومن قبل مراكز التدريب وهو الجانب المتعلق بمرحلة ما بعد التدريب. هذه المرحلة هي ثمرة التدريب لأنها تنقل نتائجه إلى بيئة العمل.. على الرغم من وجود احتياجات تدريبية جديدة مختلفة بحكم متطلبات خطة وبرامج التحول الوطني نحو رؤية 2030 إلا أن الملاحظ وجود تراجع في هذا النشاط يحتاج إلى وقفة وطرح الأسئلة بحثاً عن إجابات وحلول. قبل سنوات، عندما يناقش موضوع التدريب وأهميته في إعداد وتطوير القوى البشرية كانت إحدى معوقات ضعف دور التدريب حسب رأي الباحثين عدم قناعة متخذي القرار بأهمية التدريب. يقال ذلك رغم أن التدريب الإداري كان أكثر نشاطاً قبل عشرين سنة من الآن. هذا يدل على أن القناعة موجودة وكذلك الاحتياج. عندما نتحدث عن الاحتياجات التدريبية فهي لا تزال موجودة بل هي في ازدياد ولكنها مختلفة عن احتياجات زمن مضى كما أنها ملحة إذا نظرنا إليها من زاوية توطين الوظائف في القطاعات المختلفة حيث إن التدريب هو العامل الأهم في قضية التوطين وحل مشكلة البطالة. ولكن ماذا عن التعليم ومخرجاته وملاءمتها لسوق العمل؟ أليس التعليم هو الحل؟ نعم هو الحل ولكنه ليس الحل الوحيد وأحياناً لا يحقق الهدف من دون التدريب. وعلى الرغم من تغير الاحتياجات التدريبية إلا أن بعضها تستمر مطلوبة ومهمة في كل وقت ولكل المستويات الوظيفية ومنها على سبيل المثال ما يتعلق بالمهارات السلوكية، وأخلاقيات العمل، ومهارات الاتصال وبناء وإدارة فرق العمل وغيرها من الاحتياجات ذات الطبيعة الثابتة. لكن الملاحظ أن بعض مراكز التدريب اكتفت بالتعامل مع تلك الاحتياجات الثابتة ولم تتكيف مع المتغيرات ومتطلبات سوق العمل المتجددة الأمر الذي جعلها منفصلة عن الواقع. الغريب أن مراكز تدريب أجنبية تعرفت أكثر من المراكز المحلية على واقع التدريب لدينا ودرست الاحتياجات التدريبية المتجددة وظفرت بحصة في سوق التدريب تغبطها عليها مراكز التدريب المحلية التي لا يزال بعضها يسوق برامج لا تتفق مع احتياجات الوقت الراهن. التحليل السابق ليس هو الرأي القاطع في هذا الموضوع، هناك من يرى أن الجهات المستفيدة من التدريب لديها قناعة بأهمية التدريب ولكنها تتجه إلى استقطاب المدربين من الخارج أو إرسال المتدربين إلى مراكز خارجية بحثاً عن التنوع أو بحثاً عن الجودة حسب رأي مسؤولي التدريب. إن تهمة ضعف الجودة غير مؤكدة ولا تنطبق على الجميع، ولكن هل يمكن القول إن بعض مراكز التدريب الخارجية نشيطة في سوق المملكة أكثر من المراكز المحلية. ما السبب؟ وهل نعد هذه مشكلة أم ننظر لها من زاوية إيجابية؟ وهل هذا هو ما قصدته لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشورى حين ناقشت العوائق التي تواجه المستثمرين في مجال التدريب وأشارت إلى المنافسة غير العادلة من جهات تمارس التدريب وهي لم تحصل على الرخصة التي تخولها لذلك! إن ملاحظة مجلس الشورى عن مراكز تدريب تمارس التدريب دون رخصة ملاحظة تستحق مساءلة الجهة المعنية عن هذه المخالفة الصريحة. يحدث هذا رغم تشدد المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في إجراءاتها المتعلقة بالترخيص وتحصيل الرسوم. وبشكل عام فإن تفعيل دور التدريب يتطلب الاهتمام بجانب لم يأخذ حقه من الاهتمام من قبل المنظمات المستفيدة من التدريب ومن قبل مراكز التدريب وهو الجانب المتعلق بمرحلة ما بعد التدريب. هذه المرحلة هي ثمرة التدريب لأنها تنقل نتائجه إلى بيئة العمل فتحقق الهدف من التدريب المبني أساساً على احتياج تدريبي أو هكذا يفترض. هذا يتطلب تقييم أداء المتدرب بعد التدريب مقارنة بالأداء السابق. هل هذا يحصل، ومن الذي يقوم بعملية التقييم، وما آلية التقييم؟ إن تحقيق الفائدة من التدريب هي مسؤولية مشتركة بين المنظمة المستفيدة والمركز المنفذ. لا بد من استراتيجية واضحة للموارد البشرية للمنظمة وميزانية كافية تعكس اهتمام القيادات الإدارية بهذا الموضوع المهم في حياة المنظمات ومستقبلها. أما مراكز التدريب فيجب أن تصل إلى المستوى الذي يجعلها قادرة على إحداث التطوير المطلوب في أداء الأفراد والمنظمات.