يعد قطاع التدريب والتطوير من القطاعات الحيوية التي تشهد نموًا ملحوظًا يقدر ب6 %سنويًا، وباستثمارات بنحو 10 مليارات ريال، وهو ما وضع المملكة في المرتبة السابعة عالميًا في حجم الانفاق على التدريب والتطوير، حيث تعتبر القوى العاملة أهم عنصر من عناصر الإنتاج، والدعامة الأساسية لتحقيق أهداف التنمية الشاملة والتقدم والرفاهية الاجتماعية وتوفير الحياة الكريمة للشعوب. وعلى الرغم من ذلك يواجه خريجو منظومة التعليم والتدريب التقني ظاهرة البطالة، وبدأ الخريجون ينضمون إلى صفوف الباحثين عن عمل، وتعود هذه الظاهرة لأسباب عدة، ربما أهمها تدني أو غياب المواءمة بين نوعية مخرجات التعليم والتدريب المهني والتقني والمتطلبات المهارية لسوق العمل. «المدينة» استطلعت آراء عدد من المختصين والمدربين حول هذا القطاع المهم والحيوي، وكيف يمكن إصلاحه وتطويره بما يوفر أيدي عاملة، ويخدم سوق العمل. أزهر: التدريب على رأس العمل أفضل للشركات والموظف يرى الدكتور وديع أزهر رئيس لجنة التدريب والتطوير بالغرفة التجارية الصناعية بمكةالمكرمة أن النظرة حول عدم إعطاء شركات القطاع الخاص أي اعتبار للدورات التدريبية والتأهيلية التي تقدم للشباب والفتيات قبل شغل الوظائف يفترض على الباحثين عن العمل أن يكون هدفهم كيفية الارتقاء بالدورات في أداء مهام عملهم الموكلة لهم وسبل اكتسابهم مهارات جديدة أكثر من النظرة للحصول على شهادة لوضعها في السيرة الذاتية أو الحصول على ميزة إضافية من خلالها بغض النظر عن الاستفادة، وهذه المشكلة واقعة لدى طالبي الوظائف لملتقيات التوظيف. ويقترح الدكتور أزهر على شركات القطاع الخاص التي تشترط التدريب والتأهيل قبل شغل الوظيفة أن تكون البرامج أثناء شغل الوظيفة، وإذا ما رأت بأن هذا الموظف في حاجة إلى تدريب تقوم هي بإقامة برامج خاصة لموظفيها وهذه الحلول يجب أن تتوفر من قبل الشركات نفسها ولا تشترط بالضرورة أن يكون الشخص مدربًا تدريبًا عاليًا في كل شيء، ويكون هذا جزءًا من مسؤولياتها سواء على رأس العمل أو قبل انخراطهم، ومن هنا جاءت رغبات الشركات في البحث عن دورات تدريبية تؤهل منسوبيها ما جعل القطاع يشهد ازدهارًا وتطورًا كبيرًا خلال السنوات الماضية. الحارثي: المعاهد الأهلية تمارس برامجها التدريبية وفقًا للنظام يقول منصور بن دخيل الله الحارثي مدير إدارة التدريب الأهلي بمكةالمكرمة بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني إن عدد منشآت التدريب الأهلية الرجالية والنسائية بالعاصمة المقدسة يبلغ 26 منشأة ما بين معهد ومركز ومعهد عالٍ يتم الإشراف عليها من خلال جولات ميدانية للوقوف على مدى التزامها بالأنظمة والتعليمات الخاصة بممارسة البرامج التدريبية مبيِّنًا أن جميع المعاهد والمراكز التي تخضع لإشراف المؤسسة تحصل على خطاب موافقة إلكترونيًًا عند رغبتها في إقامة دورة تطويرية معتمدة خارج المقر قبل الإعلان عنها وموضح بها ضرورة الحصول على الموافقات اللازمة من الجهات المختصة الأخرى (البرنامج الوطني للمعارض والمؤتمرات) والالتزام بالتعليمات الصادرة منها. وأشار الحارثي أنه حاليًا لا توجد أي مخالفات مسجلة على المنشآت المعتمدة بمكة، مشيرًا إلى أن هناك ثلاثة أنواع من العقوبات تطبق بحق المركز أو المعهد المخالف للأنظمة والتعليمات وتختلف حسب نوع المخالفة إما أن تكون إشعارًا أو إنذارًا او إيقاف إشراف وذلك وفق ما ورد في دليل الإجراءات في إدارة الإشراف استنادًا إلى ما تنص عليه القواعد والإجراءات التنفيذية للائحة التدريب وذلك بمتابعة رئيس مكتب التدريب التقني والمهني بمنطقة مكةالمكرمة فيصل بن عقيل كدسة ومدير عام التدريب الأهلي المهندس صالح بن محمد القويفل ومدير إدارة التدريب الأهلي بمنطقة مكةالمكرمة المهندس عادل بن أحمد الغامدي على كل ما يقدمونه لنا من توجيهات أدت الى رقي وتطور العملية التدريبية في منشآت التدريب الأهلية. أنديجاني: زيادة عدد المدربين سينعكس على وعي المجتمع أكد أيمن أنديجاني مدرب تأسيس الأعمال التجارية أن المملكة في الوقت الراهن مع تزامن رؤية 2030 بحاجة إلى برامج تدريبية سواء بقياس الكم أو الكيف، حيث إن زيادة أعداد المدربين أو نقصانهم تعتبر نقاطًا إيجابية، كون أعداد المدربين في زيادة سينعكس حتمًا على وعي المجتمع لأن زيادتهم هو زيادة لأعداد الفاهمين لأبعاد التدريب في المجتمع مع ضرورة وجود طريقة لتقييمه ورفع كفاءته. وأشار أنديجاني إلى أن التحدي الذي يواجه القطاع هو في المحتوى المطروح بأنه بمجرد حصول أي شخص على دورة إعداد المدربين ولديه حماس يحاول فعل الخير من نشر دورات تدريبية، لكن المشكلة الكبيرة أن جلهم ليس لديهم مادة تدريبية يحترفون فيها، لكنهم يقومون بأخذ المواد التدريبية الموجودة في السوق ويقومون بإعادة طرحها مرة أخرى، فالحقائب التدريبية أصبحت كالقص واللصق، لأنهم لا يقومون بإعدادها بأنفسهم، ولكن لو أردنا الوصول على الكيف مقابل الكم فالمدربون في هذه الحالة بحاجة إلى التخصص في الجوانب التي يتميزون فيها من خلال إعدادهم وصياغتهم لحقائبهم وفق احتياجات السوق، وبهذه الطريقة نحصل على مادة يحتاجها سوق العمل والمدرب يحبها ومتمكن فيها. 5 توصيات لتطوير التدريب ومواكبة 2030 قال محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الدكتور أحمد بن فهد الفهيد خلال المؤتمر والمعرض التقني السعودي الثامن الذي انعقد بالرياض قبل أسابيع إن من أولوياته مساهمة التدريب التقني والمهني في تحقيق التنمية الوطنية المستدامة، والتأسيس لنظم معلومات ذات علاقة بسوق العمل، وتحديد احتياجات القطاعات الحيويّة في المملكة، وطرق تطبيق التوسع النوعي في التدريب التقني مع ضمان الجودة والمعايير العالمية. مضيفًا أن التوصيات المنبثقة عن المؤتمر سيتم العمل على تنفيذها خلال الفترة المقبلة من خلال خطة التحول الإستراتيجي للمؤسسة التي تعمل على تنفيذها وفق برنامج التحول الوطني 2020 لتحقيق الرؤية الوطنية 2030. وكان المؤتمر قد أوصى بخمس توصيات، هي: تطوير البيئة التدريبية لتلبية متطلبات التدريب على مهارات القرن 21، ووظائف المستقبل لمواكبة رؤية المملكة 2030، وبرنامج التحول الوطني2020، وتعزيز دور التوجيه المهني على المستوى الوطني في المواءمة بين احتياجات سوق العمل ومخرجات التعليم والتدريب، والتوسع في مجال التدريب الإلكتروني وبيئات التدريب الذكية الداعمة للابتكار والتوسع الكمي والنوعي في البرامج والتخصصات التقنية والمهنية الموجهة للمرأة السعودية بما يحقق رؤية المملكة 2030، بالإضافة إلى التأكيد على أهمية التكامل بين برامج التعليم والتدريب وقطاع الأعمال. العواد: الشباب السعودي يتطلع إلى تدريب يؤهله لنيل وظيفة مناسبة وحول توافق المؤهلات والمهارات المكتسبة مع متطلبات العمل لدى القطاع الخاص، وكيفية تحقيق ذلك، أوضح المهندس عبدالعزيز بن محمد العواد العضو المنتدب لشركة أكاديمية الجزيرة العالمية للتدريب، في حوار صحفي سابق معه أن التدريب يعد عاملًا مهمًا في توطين الوظائف، لذا نرى أن الطلب على صناعة التدريب في المملكة يتزايد، فالسوق السعودي في حاجة إلى التدريب في مجالات كثيرة، والشباب السعودي لديهم تطلعات ورغبات في الحصول على التدريب المناسب الذي يؤهلهم لنيل وظائف مناسبة وفتح فرص وظيفية أفضل سواء في القطاع الخاص أو العام، وحتى من هو على رأس العمل يسعى إلى الرفع من كفاءته وقدرته عبر التدريب، لذا أرى أن صناعة التدريب تحتاج إلى دعم وتشجيع لأهميتها في توطين التقنية وتوظيف الشباب السعودي لدى القطاعين الحكومي والخاص، فصناعة التدريب في المملكة لها سوق واعدة وكبيرة ويزداد الطلب عليها يومًا بعد يوم، ويساير ذلك زيادة في عدد المستثمرين في مجال التدريب وافتتاح المعاهد الأهلية، ولكن للأسف تركز أغلبها على تخصصات معيَّنة مع الإحجام عن بعض التخصصات التي يحتاجها السوق، ويتكَّون سوق العمل السعودي من جانبين، الجانب الأول هو قدرة سوق التدريب السعودي على تلبية احتياجات ومتطلبات سوق العمل من البرامج التدريبية، والجانب الآخر هو تنظيم الوضع القائم لسوق التدريب في المملكة من ناحية قدرة سوق التدريب على تلبية متطلبات سوق العمل في الجوانب التدريبية. لا شك أن ما هو قائم يركز على التدريب في قطاعات محددة مثل الحاسب وبعض البرامج الإدارية، الأمر الذي يتطلب افتتاح المزيد من المراكز والمعاهد المتخصصة نظرًا للتوجه القائم الآن على مستوى الدولة بالتركيز على التدريب. عبدالحليم: سهولة الحصول على رخصة مدرب أثر سلبا على التدريب أوضحت رؤى عبدالحليم مدربة برامج التسويق والمبيعات أن ظهور المدربين والدورات التدريبية بشكل كبير في الساحة يعود إلى قلة الوظائف ما يتطلب معها وجود خبرات، كما أن سهولة الدخول لقطاع التدريب ساهم بشكل كبير في توجه الكثير للعمل فيه نظرًا لسهولة الشروط التي تمكنه من الحصول على رخصة التدريب دون عناء، فأي شخص بعد استيفائه الشروط البسيطة يمكنه الحصول عليها من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني أو وزارة التعليم. وأضافت عبدالحليم أن أبرز تلك السلبيات هي عدم خبرة المدرب في المجال والاعتماد على المؤهل العلمي فقط والجانب النظري دون وجود الخبرة الكافية والاعتماد على ملكة الالقاء، وعدم وجود تشديد في منح الرخصة التدريبية. قشلان: زيادة كم المدربين ليس عيبا إذا أُحسن المنتج يشير المدرب تركي قشلان مستشار ومدرب في تطوير الذات والأعمال إلى أن ما يحدث الآن في قطاع التدريب صحي بدرجة كبيرة، كون أن المملكة حتى قبل فترة وجيزة لا يوجد بها سوى خمسة مدربين في الساحة وهذا الأمر جعل الناس يعتقدون بأنه لا يوجد إلا أولئك فقط بينما يزخر القطاع بعشرات المدربين الذين لم يكونوا في الواجهة بالرغم أنه قد يكونون أفضل من الذين تصدروا الواجهة طيلة الفترة الماضية، مشيرًا إلى أن وضع كثرة المدربين طبيعي كونه سيسهم في إعطاء مبدأ المفاضلة والتنافس ما ينعكس على جودة ما يقدم من دورات وحقائب تدريبية، مشيرًا إلى أن الوضع الراهن مع هذه الطفرة الكبيرة في مجال التدريب والتطوير يتطلب الوضع تنظيمات تطويرية تخدم القطاع من قبل المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني والتي تشرف على المراكز والمعاهد وتغير اللوائح والأنظمة والسعي إلى إصدار رخصة للمدرب تمنح بمعايير وآلية واضحة وعلى الجهات الأخرى أيضًا مثل وزارة التعليم ووزارة الصحة والجامعات والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني والبرنامج الوطني وبرنامج المعارض والمؤتمرات. وقال: قشلان إن بعض المدربين الذين لا يملكون الإمكانات والقيمة التي يثري بها المتلقين من المتدربين ويعتمد في الدرجة الأولى على قدرته في التسويق إذا انطبقت الشروط اللازمة ليست هناك مشكلة بهذا الخصوص لأن المقيم في هذه الحالة سيكون هو المجتمع ولن يستمر في هذا المضمار إلا المدرب المتمكن القادر على تقديم كل ما هو جديد ومفيد للمتلقين أو أن يختفي بعد مرور فترة زمنية وجيزة مبيِّنًا أن آلية اختيار المتدرب للمدرب لها أكثر من طريقة بدءًا بمواقع التواصل الاجتماعي عبر تصفح السير الذاتية والدورات التي قدمها وشخصيته وأنصح بالاطلاع والبحث عن سيرة المدرب قبل الانخراط في العملية التدريبية. الترخيص ل125 معهدا أهليا جديدا وإغلاق 59 لمخالفتها الأنظمة كشفت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني عن ترخيصها ل125 منشأة تدريبية أهلية لمزاولة التدريب وذلك خلال العام الماضي 2016 م، بعد استكمال تلك المنشآت للاشتراطات الخاصة بنشاط التدريب الأهلي سواء ما يتعلق بالنواحي الفنية الخاصة بالمبنى والتجهيزات أو النواحي التدريبية الخاصة بالهيئة الإدارية والتدريبية، ليتجاوز عدد منشآت التدريب الأهلية المرخصة بالمملكة 1000 منشأة حتى الآن. وقال المتحدث الرسمي للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني فهد العتيبي: إن المؤسسة تشجع القطاع الخاص على الاستثمار في التدريب حيث يعد شريكًا لها في هذا الجانب، مع تأكيدها على جودة برامجها التدريبية في المقام الأول، مؤكدًا أن المؤسسة تسعى إلى تفعيل المزيد من الإجراءات للتسهيل على المستثمرين استخراج رخص التدريب الأهلية. وأوضح العتيبي أنه في المقابل ألغت المؤسسة ترخيص 59 منشأة تدريبية أهلية خلال الفترة ذاتها منها 24 منشأة خالفت لوائح واشتراطات التدريب الأهلي بعد إشعارها بتلك المخالفات لتصحيح أوضاعها دون جدوى، والبقية ألغيت تراخيصها بناءً على طلب المالك. وأبان العتيبي أن المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني أتاحت الفرصة للمتدربين والمتدربات من التأكد من سريان تراخيص منشآت التدريب عبر بوابة المؤسسة الإلكترونيّة وذلك لتمكين المستفيدين من الاطلاع على المعلومات كافة قبل الالتحاق بأي من البرامج التدريبية.