سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وكيل وزارة الإعلام للإعلام الخارجي يؤكد أن الوزارة أنهت استعداداتها لتحويلها إلى هيئات عامة ويعزو التأخير إلى جهات أخرى !. ابن سلمة : النشاطات الثقافية السعودية في الخارج ... جهود "مشتتة" ومردود "هزيل"!
كان الإعلام وما يزال سلطة تخشاها كل السلطات.. ويوماً بعد يوم تزداد قوته وتتعدد آلياته ونلمس تأثيره في شرايين وأوردة عدة في المجتمع يمنح الحياة حيناً ويسلبها حيناً آخر.. الدكتور عبدالعزيز بن سلمة مارس الإعلام بكل ألوانه الأكاديمي والرسمي، المحلي والخارجي، ملامحه هادئة لكن داخله يشهد حراكاً لا يمت للهدوء بصلة، يملك تجربة دولية ثرية، تنطق الديبلوماسية في كل حديث له وفي الوقت نفسه يقفز على أروقة البيروقراطية، ويمنحنا معاني إعلامية جميلة، وهو في موقعه الحالي يرى المشهد الإعلامي بألوان الطيف السبعة، لا يستسلم ولا يركن إلى ضعف أبداً.. كانت له تجربة ثرية في اليونيسكو في فترة مضت، له عشق خاص لفرنسا نتلمّسه في ثنايا الحوار ونقف على دور الثقافة الفرنسية في تأسيس بيانه وبنانه.. متفائل بمستقبل الإعلام في السعودية، ويركز على تهيئة الكوادر البشرية ويتساءل هل نحن نملك خطة لإعداد كفاءات سعودية للمناصب الدولية.. ويخبر في حواره مع"الحياة"أن الوزارة جاهزة لتنفيذ القرار الملكي بتحويلها لهيئات عامة، ولكن التأخير بسبب جهات خارج أروقة الوزارة.. فإلى تفاصيل الحوار.. هل صحيح أن جيلكم استمتع بالخيارات.. ولم يمنح من بعده خيارات أكثر؟ - جيلي استفاد عدد كبير من أفراده من فرص كانت متاحة للجميع، واليوم توجد فرص كثيرة جداً وتحتاج إلى من يفتح عينيه جيداً ليستفيد منها، خذ فرص الابتعاث على سبيل المثال، من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين لابتعاث جيل اليوم، يدرس ما يتجاوز 100 ألف طالب وطالبة في مختلف مستويات التعليم العالي في مشارق الأرض ومغاربها، ويضاف إلى ذلك التوسع الهائل في التعليم الجامعي الحكومي والأهلي، وانتشار المعاهد المتخصصة وغير ذلك. هذا فيما يخص التعليم الجامعي والعالي، وبالنسبة للتوظيف، فهناك كما أرى عدد ضخم من الوظائف في القطاع الحكومي متاحة ولم تشغل، وبالنسبة للقطاع الخاص فهناك خلل عجزت المؤسسات الحكومية المعنية عن معالجته حتى اليوم. باختصار شديد فرص جيلي كانت أكبر من فرص جيل والدي، وفرص والدي كانت أكبر من فرص الجيل الذي قبله، وإذا كان للمرء أن يستشرف المستقبل، فأقول بقدر كبير من الاطمئنان إن مستقبل بلاد كبيرة مثل المملكة مستقبل كريم وواعد لأبنائه. هل تشعر أننا نعيش وفق خطط تمنح كل جيل فرصته للحياة أكثر؟ - سؤال كبير وإجابتي الموجزة والمخلة عليه هي أن الله حبا بلادنا بإمكانات ضخمة، وفرص الحياة الكريمة التي تتوافق مع تطلعات المواطنين هائلة، بشرط أن يقوم كل منا- الجميع من دون استثناء- بما يتوجب عليه من مسؤوليات، وبالتأكيد أن صياغة الخطط- خطط التنمية والخطط المساندة لها- وتطبيقها وتنفيذها على نحو دقيق وصارم سيكفل لجميع أبناء المملكة الإفادة من مقدرات بلادهم، من ناحية العيش والعمل الكريم، بناء قدرات الشباب، تمكين المواطن من المشاركة الفعالة في بناء بلاده في كل مرحلة من مراحل نموها. ولو لم تكن هذه الفرص موجودة فيكف نفسر تواجد الملايين من المقيمين في بلادنا من الذين يتمتعون بمداخيل مرتفعة ويمارسون مهناً وأعمالاً مهمة وضرورية لحياتنا، وأنا هنا لا أتحدث عن العمالة البسيطة وخدم المنازل. الإعلام الجماهيري تخصصك في الإعلام هل منحك ما تتمنى؟ - الذي شدني في مجال الإعلام هو الحيز المتنامي الذي تحتله هذه الظاهرة في حياة الناس وتأثيراته في حياة الأفراد والشعوب، وظاهرة الإعلام الجماهيري ظاهرة إنسانية حديثة نسبياً لا يتجاوز عمرها قرنين، وأنا هنا لا أعير أدنى اهتمام للتنظير الهش الذي يحاول أن يثبت أن هذه الظاهرة تعود إلى قرون عديدة، أما هل منحني مجال الإعلام ما أتمناه، فهذا التخصص حقق لدي إشباعاً نسبياً وشعوراً بأن ما أقوم به نشاط حيوي ومجدٍ ومهم لبلادي ومجتمعي. له عوائد ملموسة وغير منظورة. ومردود هذا العائد يكبر أو يقل تبعاً لقدرات وكفاءة الجهاز المؤسسي الذي يعمل المرء في إطاره، والجهاز البشري الذي يستعان به لأداء مهمات تتعلق بالنشاط الإعلامي، والمهمات المساندة له. تخصصك في الإعلام الدولي.. هل جعلك تشعر بالغبن لحال إعلامنا المحلي؟ - تخصصي كان في الإعلام الدولي مع التركيز على الصحافة، وربما كان المرء في السابق يشعر بالغبن لحال إعلامنا، ولكن منذ سنوات عدة لا أعتقد أنه يمكن لمنصف أن يقول عندما يتعلق الأمر بالصحافة المكتوبة أن حال إعلامنا يقود إلى الشعور بالغبن، ولكي يتضح ذلك يجب أن ينظر المراقب إلى الصورة الكلية لوضع العملية والصناعة الإعلامية في العالم العربي وفي العالم لكي يدرك واقعية ما أقول. ومن جانب آخر، لا أنكر أن أمام إعلامنا المحلي هوامش كبيرة للتطوير والارتقاء بالصناعة الإعلامية لم تستغل حتى الآن، وقد يعزى سبب عدم الاستفادة من هذه الهوامش بالسرعة المطلوبة إلى وتيرة نمو المجتمع، التي تقع بين الرتابة والسرعة الحذرة. بالنسبة للإعلام الحكومي المتمثل في التلفزيون والإذاعة، فقد صدر أمر ملكي منذ ما يقارب الثماني سنوات بتحويلهما إلى هيئات عامة، وقد سعى وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجه إلى تنفيذ هذا القرار، وأكملت اللجان التي كلفها الوزير بإعداد الخطط اللازمة لذلك أعمالها، وما زالت الوزارة تنتظر قيام جهات أخرى في الدولة بما عليها، لكي ينفذ القرار الملكي، لكي تتحقق لجهازي التلفزيون والإذاعة المرونة الإدارية والمالية اللازمة لتطوير أدائهما، والمنافسة على اجتذاب أفضل الكفاءات الإعلامية والفنية، وبما يمكّنهما من الارتقاء إلى المستوى الذي يليق ببلادنا. الأكاديميون والتنظير لماذا تلاحق أساتذة الإعلام تهمة التنظير وفشل التطبيق دائماً؟ - أساتذة الإعلام بمختلف درجاتهم العلمية متفاوتون من حيث المستوى العلمي، ومن حيث قدراتهم التعليمية ومهاراتهم التطبيقية، منهم من هو متميز وخدم- أو لا يزال يخدم- بلاده في مجال تخصصه وفي المهام التي أسندت إليه من مؤسسات حكومية ومؤسسات القطاع الخاص، ومنهم من حصر نفسه في كم المعرفة التي تحصل عليها أثناء سنوات دراسته يجترها عاماً بعد عام، وبين هاتين الفئتين يتفاوت البقية، وبالنسبة للتنظير فإنني لا أفهم سبب إسباغ قيمة سلبية عليه، والمنطقي هو أن التفكير والتنظير يسبق التطبيق. كليات الأعلام، هل تطورت بسرعة تطور تقنيات الإعلام العالمية؟ - تقصد أقسام الإعلام في الجامعات السعودية. الجواب هو نعم ولا. وهذه الإجابة النسبية تعود إلى رؤساء أقسام الإعلام، فقد يمر على قسم الإعلام في جامعة سعودية رئيس قسم يولي اهتماماً كبيراً لتطبيقات تكنولوجيا الإعلام والاتصال، ثم يخلفه رئيس قسم آخر يهمل هذا الجانب، ويكتفي بما أنجزه سلفه. ما نصيب طلاب الإعلام حالياً من برامج الإبتعاث؟ - لا أعلم الكثير عن ذلك، والإجابة على ذلك لدى وزارة التعليم العالي، ولكن أتصور - على ضوء الطفرة التي نشهدها في الابتعاث في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، وبالنظر إلى الدعم الضخم للجامعات السعودية- أن لطلاب الإعلام نصيب لا يقل عن نصيب زملائهم المنتسبين إلى تخصصات أخرى مهمة. كيف للأكاديمي أن يتأقلم مع البيروقراطية الوظيفية؟ - البيروقراطية موجودة في كل مكان يعيش فيه الإنسان، في الجامعة وفي أي مكان يتعامل معه الإنسان لقضاء حاجاته وتنظيم أمور حياته. والبيروقراطية أداة لا غنى عنها ولم يكتشف بديل عنها، إنها مثل الهواء، منه ما هو عليل ومنه ما هو ملوث، ما هو جاف وما هو رطب، ما هو نقي وما هو عفن، أليس كذلك؟ السؤال هو هل هذه البيروقراطية بليدة ومهمَلة - بضم الميم الأولى وفتح الثانية - من جهات التقويم، ومسكوت عن تقصيرها وتردي أدائها، أم هي بيروقراطية مجتهدة ومتوثبة ومقاومة لقوى التثبيط، والأكاديمي ليس مخلوقاً هبط من الفضاء ووجد نفسه في بيئة إدارية بشرية لم يرها ويتعامل معها من قبل، بل إنه تمرّس في التعامل مع البيروقراطية في فترات مختلفة من عمره، استفاد من خدماتها وأدائها في بعض المؤسسات، واكتوى بنار رداءة عملها وعانى من مواطن القصور فيها في مؤسسات أخرى، والحال يتغير في بعض المؤسسات، من التردي إلى التطور والتحسن، والعكس صحيح. العمل الأكاديمي، كيف تقوم أدواته في السعودية؟ - أدوات العمل الأكاديمي تعتمد على الأكاديميين الذين يستخدمونها، وعلى الإداريين الذين يساندونهم، وبالنسبة لاستخدامها فلكل شيخ طريقته. ومن أجل الحصول على أكبر قدر من الانضباط والصرامة والإتقان في استخدام أدوات العمل الأكاديمي بما يخدم المستفيدين منه وهم الطلاب، من مفردات المقرر إلى المراجع إلى عدد الساعات التطبيقية، والوسائل المساعدة، فقد بُدئ كما أعلم في تطبيق سياسة الاعتماد الأكاديمي في الجامعات السعودية، وأرجو أن يكون تطبيق معايير الاعتماد الأكاديمي غيّر نوعية الأداء الأكاديمي إلى الأفضل. ما الذي يجمع بينك وبين فرنسا؟ - يجمع بيني وبين فرنسا 15سنة - منها سنين سمان وأخرى عجاف - جعلتني أعرف قيمة بلدي وثقافتي العربية الإسلامية، وقيمة لغتي العربية العظيمة، وأعتقد أن فرنسا بلد وسيط، تعرف من خلاله جوانب من الحياة والفكر الأوروبي، وجوانب من حياة وفكر المجتمع العربي في شمال أفريقيا، وجوانب من الحياة والفكر في أفريقيا، ويجب ألا تنسى أن عاصمتها ? باريس ? كانت - وربما لا تزال - إحدى عواصم الثقافة العربية. ولذلك الثقل الثقافي العربي لفرنسا شواهد ورموز، بدءاً من مدرسة اللغات والحضارات الشرقية التي أسست منذ سبعة قرون، ثم المكتبة الوطنية الفرنسية، وربما انتهاءً بمعهد العالم العربي الذي بلغ من العمر اليوم ثلاثين عاماً، وبين ذلك وذاك عشرات المؤسسات الثقافية والمعاهد والكليات والأقسام والمكتبات التي تعنى بالعرب، تاريخهم وأدبهم وثقافتهم وآثار بلادهم، وزد على ذلك عشرات المجلات والصحف والدوريات العربية التي صدرت في باريس منذ العقد السادس من القرن ال19. ولا تنس أيضاً عشرات المعاهد والكليات والأقسام العلمية التي تعنى بأفريقيا وآسيا، ووجود هذا الكم الثقافي الكبير- والثقافة جزء مهم من حياة وروح الإنسان - ومصدر إثراء هائل لأي إنسان يقدر قيمة هذا الكم الكبير من المخزون الثقافي الثري. هل صحيح أن الفرانكفونية هي التجربة الثقافية العالمية الوحيدة الناجحة في المجتمعات المستعمرة؟ - لا أتفق مع هذه الفرضية التي ينطوي عليها هذا السؤال، وقد أرد عليها بسؤال عن معنى الفرانكفونية! هل هي التفرنس، أي التفكير والعيش والتذوق مثل الفرنسيين؟ هل هي التأثر بالثقافة والفكر الفرنسي والولاء لهما؟ هل هي الاقتصار على التعبير والنشر باللغة الفرنسية؟ هل هي إفراز للعيش والتعلم في فرنسا لوحدها؟ والذي اعتقده هو أن الثقافة الفرنسية متأثرة بالثقافات العالمية الكبرى - ومن ضمنها الثقافة العربية الإسلامية - بقدر ما هي مؤثرة فيها، بل إن هناك مقولة لها ما يسندها من حجج قوية، وهي أن الفكر الفرنسي متأثر بالفكر الألماني على نحو قوي جداً. وهناك من يقول إن الفكر الفرنسي الحديث ما هو إلا إعادة إنتاج للفكر الألماني، وهنالك من يؤمن بأن الألمان يفكرون، والفرنسيون يفسرون ويشرحون ما فكر فيه الألمان، والأنجلو ساكسون - أي الأمريكان والبريطانيين والكنديين والأستراليين - يطبقون ما يجدون أنه مناسب لهم ولقوتهم من الفكر الألماني الذي فسره وشرحه الفرنسيون. إذا كانت الفرانكفونية ثقافة وفكراً - بما في ذلك الثقافة السياسية والإدارية - ناجحاً كما يقول سؤالك، فانظر اليوم إلى واقع جميع البلدان التي استعمرتها فرنسا لتعرف الجواب. الثقافة سلاح مؤثر المؤسسات الغربية تستخدم الثقافة كسلاح مؤثر.. لماذا نحن لا نملك مثل هذه الأدوات؟ - هذا الأمر متعلق بالنضج الحضاري وارتفاع مستوى الوعي الثقافي، وإلا فأجبني: لماذا لا تهتم الدول العربية بتعليم اللغة العربية وتوسيع دائرة انتشارها وتجعل من ذلك أحد أهدافها الاستراتيجية؟ اللغة العربية في العالم قوية، ليس بفعل العمل العربي الرسمي، ولكن بفضل من الله الذي كفل للغة القرآن الكريم الحفظ وقوة التواجد طالما بقيت الحياة، وهي لغة عظيمة خدمتها وسائل الإعلام وتطور تكنولوجيا الاتصال خدمة هائلة. وبيل غيتس خدم اللغة العربية خدمة هائلة، يستحق من أجلها منحه جائزة باسمنا نحن العرب، القنوات الفضائية باللغة العربية - بغض النظر عن مضامينها وتوجهاتها - خدمت اللغة العربية خدمت هائلة أيضاً وأتاحت اتصال العرب المهاجرين وأبنائهم والمقيمين في الخارج بها، وأمّنت تواصلهم معها، انظر إلى تلك الأعداد الكبيرة من الناطقين باللغة العربية من مختلف البلدان والأعراق والثقافات ممن يتقنون اللغة العربية الذين عرفناهم من خلال القنوات الفضائية، وانظر إلى ذلك الكم المتزايد من القنوات الأجنبية باللغة العربية الموجهة إلى العالم العربي. هل تعلم أنه يوجد في مختلف أنحاء الصين اليوم ما يزيد على 70 معهداً وكلية وقسماً لتعليم اللغة العربية وتدريس الثقافة العربية وآدابها- وأقول آداب بصيغة الجمع. وهل تعلم أن تبني منظمات الأممالمتحدة للغة العربية واعتبارها لغة رسمية من لغات المنظمة يعود إلى جهود بذلتها شخصيتان عربيتان في أواخر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن الميلادي الماضي، أثناء فترة عضوية كل منهما في المجلس التنفيذي لمنظمة اليونيسكو، الدكتور والعلامة المغربي المسلم محمد الفاسي في الستينيات، وأكملها اللبناني الماروني فؤاد صروف في النصف الأول من السبعينيات، ويمكن أن أحيلك إلى محاضر الأعوام من 1964 إلى 1976. فلقد أسدى هذان الرجلان للعرب ما لم تقم به دول ومؤسسات عربية، وتمكنا من جعل اللغة العربية اللغة الرسمية الرابعة - بعد الإنكليزية والفرنسية والإسبانية - في منظمة اليونيسكو، ثم في تبعت ذلك المنظمات الدولية الأخرى، ولحقت بها فيما بعد اللغتان الروسية والصينية. الحضور السعودي الدولي ما مدى تميز الحضور السعودي في المؤسسات الدولية وتأثيره؟ - لا أستطيع الحديث إلا عن دور المملكة في منظمة اليونيسكو، ولكن أتصور أن للمملكة ثقلاً ومصداقية في المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة أو غيرها، مثل البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، لا تحظى به كثير من دول العالم، وللمملكة تأثير ناعم وفعال - وأفضل استخدام كلمة تأثير بدلاً من قوة - في المنظمات الدولية، لا يعرفه حق المعرفة إلا من عمل في خدمة المملكة في المنظمات الدولية، وقناعتي هي أن هناك هامش تأثير أكبر يمكن أن تستفيد منه المملكة، بشرط زيادة الكفاءات البشرية السعودية في المنظمات الدولية وتطوير قدراتها. لماذا المناصب الدولية لا يشغرها السعوديون كثيراً؟ - السؤال هو، هل هناك تخطيط بعيد المدى يهدف إلى إعداد شخصيات سعودية لتسنم مناصب دولية؟ أم أن الأمر يقرر فجأة؟ برأيك كيف هو دور الإعلام الجديد في صناعة التحولات الاجتماعية؟ - الدور واضح، ويحتاج إلى صفحات للحديث عنه، ودور الإعلام الجديد المتمثل في الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي والتعبئة السياسية على الشبكة العنكبوتية ظهر جلياً في الأحداث التي مرت بها دول عربية، ما عدا ليبيا التي حرص النظام الحاكم فيها - ومنذ وقت باكر - على القضاء على كل إمكانية لقيام مؤسسات المجتمع المدني، وفتت المجتمع وأعاق انتشار تكنولوجيا الاتصال الحديثة إلى بلاده. هذا ليس قولي، بل إنه نتيجة دراسة الباحث الأميركي من أصل جزائري في جامعة كاليفورنيا... استعرض نتائجها أثناء ورشة عمل في المنتدى الدولي للحوار بين الثقافات الذي عقد في أذربيجان الشهر الماضي. نردد أن الإعلام لا بد أن يكون حراً ومسؤولاً.. هل نطبق هذه المقولة فعلاً؟ - تحقُق هذا الطرح في أية دولة من دول العالم يعتمد على ثلاثة عناصر، على الحكومة أو لنسمّها السلطة، وعلى المجتمع، وعلى الممارسين للنشاط الإعلامي. وفي المملكة لا يمكن لأحد أن ينفي حقيقة أن الصحافة السعودية في مجملها مؤسسة مهمة وفاعلة ومؤثرة، وما تتمتع به من حرية أعده نتاجاً لقناعة السلطة بأهمية دور الإعلام في المجتمع، ولنمو الوعي المجتمعي، وبالتأكيد لتطور الأداء الإعلامي السعودي المنفتح على العالم وعلى أساليب وممارسات النشاط الإعلامي في العالم. هل التقنية الإعلامية الحديثة أصبحت سلاحاً شعبياً ضد أية أنظمة سياسية استبدادية؟ - هذا ما نراه بوضوح في عالمنا اليوم، وسيستمر الأمر على هذا الحال حتى تتمكن ما تسميه بالأنظمة السياسية الاستبدادية بالتحكم في تدفق المعلومات من مواطنيها إلى الخارج، ومن الخارج إليهم بشكل مطلق، وهذا أمر جد مستبعد. كيف تقوم الدور الإعلامي الخليجي في إدارة أزمات المنطقة؟ - سؤال كبير، والإجابة تعتمد على التقويم لدور كل دولة على حدة. لا يوجد إعلام خليجي جماعي، وهناك قواسم مشتركة تضعف معظم الأحيان وتقوى في أحيان أخرى، وفي أوقات الأزمات. هل توافق على أن نضج المواطن السعودي يفوق ما يقدم له في قنوات الإعلام المحلي؟ - بالتأكيد نعم، ولكن أحياناً، وعندما تستمع لمداخلات البعض في قنوات فضائية عربية تهتز لديك هذه القناعة، ثم ما تلبث أن تستقر مرة أخرى، بعد أيام من نسيان تلك المداخلات. الثقافة والإعلام الفصل بين الثقافة والإعلام، هل سنوكله إلى الدكتور الربيعة؟ - أنعم وأكرم بالدكتور عبدالله الربيعة، والأجدى إيكال هذا الأمر إلى رب العالمين، والأجدى أن تطرح هذا السؤال على الدكتور عبدالعزيز خوجه الذي لديه وجهة نظر بخصوص العلاقة المؤسسية الحالية بين الثقافة والإعلام، حيث نسمع منه دائماً بأن الإعلام عالم لوحده والثقافة عالم لوحدها. دمج الثقافة بالإعلام، لمن الغلبة ولمن الخسارة؟ - الثقافة عالم رحب يعكس هوية الإنسان ووجوده وتجاربه وعطائه في أجمل معانيه. والإعلام واحد من المنافذ التي تُوصل العمل الثقافي إلى أكبر قدر وأوسع دائرة من الجمهور في بلد ما وفي العالم، وإذا كنت تقصد ضّم بعض القطاعات الثقافية التي كانت موزعة بين عدد من الجهات الحكومية إلى وزارة الثقافة والإعلام قبل ما يقرب من ثمانية أعوام، ورأيي أن النشاطات الثقافية السعودية في الخارج، جهود مشتتة ومردود هزيل. الأسابيع الثقافية بين الدول، كيف تقرأها؟ - تلجأ دول العالم لتنظيم ما يسمى بالأسابيع أو الأيام الثقافية في دول أخرى للتعريف بهوياتها الثقافية وتراثها، وما تتميز به في عدد من المجالات الإبداعية المعاصرة. وبحكم أنه لا يمكن لدولة أن تتحمل كلفة استمرار نشاطات ثقافية طوال العام، ولكي تغطي - بحسب إمكاناتها التنظيمية وقدراتها المادية - عدد من الدول يقل أو يكثر، فإنها تلجأ إلى حصر مدة الفعاليات في بضعة أيام أو أسبوع، وللتذكير فإن تنظيم أسبوع ثقافي متقن الإعداد ويحظى بالإقبال الجماهيري المأمول يتطلب عاماً أو شهوراً عديدة في الإعداد والتحضير والتنسيق، وأما الأسابيع الثقافية التي تبنى على الارتجال والعجلة وضعف التنسيق مع الجهات المعنية في الدولة التي ستنظم الفعاليات في أراضيها، فإن نتائجها تأتي مخيبة للآمال، ولا يترتب عليها إلا الخسارة للبلد الذي تنظم الفعاليات باسمه. الإعلام الخارجي والسياسة من يتحكم أكثر في الإعلام الخارجي، السياسة أم الأحداث؟ - عدا السياسة والأحداث، تتحكم في أداء الإعلام الخارجي أمور عديدة، الاهتمام الذي توليه الدول للإعلام الخارجي، البيئة الإدارية، البيروقراطية الحكومية، وجود العدد الكافي من الكفاءات. وفي حقيقة الأمر فالإعلام الخارجي واجهة عريضة وضخمة، يقصد بها أمور عدة، فمنها ما يتعلق بوسائل الإعلام التي تمارس نشاطها على المستوى الدولي، من شبكات ومحطات تلفزة وإذاعات وصحف دولية ومواقع إعلامية على شبكة الإنترنت، ومنها ما يتعلق بتسهيل مهمة الإعلاميين - أفراداً ومجموعات - لأداء مهام إعلامية مختلفة في بلد ما، بما في ذلك التغطية الإعلامية للأحداث وتصوير الأفلام لمختلف الأغراض. ومنها ما يتعلق بالتعامل الرسمي مع مؤسسات ووسائل إعلامية دولية ومحلية عبر العالم، ومنها ما يتعلق بإدارة التعامل الإعلامي أثناء فترة الأزمات وتركيز العالم على حدث محلي يتطلب الاستعداد والتفاعل والتجاوب السريع مع حاجات تلك الوسائل الإعلامية. وباختصار شديد وبإيجاز مخل، مخطئ من يعتقد بأن الإعلام الخارجي جهد يقتصر على قطاع من قطاعات وزارة من وزارات الدولة فقط، وينسى أن لهذا القطاع شركاء من القطاعين الحكومي والخاص والمجتمع الأهلي أو المدني، فضلاً عن جهود الأفراد. وكل تلك الجهات والفئات عندما تقوم بجهد إعلامي أو بمبادرات إعلامية خارج المملكة، أو داخل المملكة ويكون المعني بها جمهور خارج المملكة، وعندما تتجاوب كل تلك الجهات والفئات مع ما تقتضي مصلحة المملكة التجاوب معه من طلبات من وسائل الإعلام الدولية وتتعامل وتتفاعل معها، فإنها تقوم بجهد ضمن الجهد الإعلامي الخارجي للمملكة. أمر واحد يجب التنبّه له، وهو عندما يتعلق الأمر بإيضاح وجهات نظر المملكة ومواقفها السياسية تجاه ما يحدث في دول ومناطق العالم، فإن ذلك منوط بوزارة الخارجية. لماذا استأثر حمد الجاسر بكتابين لك عنه؟ - في نظري حمد الجاسر - رحمه الله - لم يكن شخصاً بل مؤسسة وطنية عملاقة وفريدة من نوعها، إنه شخصية ريادية صلبة ومتعددة الإسهامات، سبقت عصرها بعقد أو عقدين من الزمن، وكتابي الأول عن إسهام حمد الجاسر في مسيرة الصحافة السعودية كان مرده أمرين. الأول هو الإحساس العميق بالامتنان للجاسر والشعور بأن واجب الوفاء يقضي على من يقدر أن يفي به تجاهه، والثاني هو أنه توافرت لدي مادة علمية غزيرة من مصادر بحثية عدة، سهلت عليّ إنجاز عمل يستفيد منه الطلاب والباحثون والجمهور، أما الكتاب الثاني فهو تصنيف لمحتويات مجلة ثم صحيفة"اليمامة"بين عامي 1372 و1382ه، وقد قمت بذلك خدمة للباحثين وجمهور القراء. ولو سألتني عن مشروعي البحثي الثاني لقلت لك إنه عن عبدالله عُريف، وهو شخصية وطنية فذَّة واعتبره أول صحافي مهني في تاريخ الصحافة السعودية، وكلاهما- الجاسر وعُريف- يشتركان في الإيمان الراسخ بأن الصحافة أداة مهمة في صناعة الوعي الوطني وتشكيله وتفعيله والارتقاء به. سيرة ذاتية المؤهلات العلمية - بكالوريوس إعلام - جامعة الملك سعود 1982 - ماجستير إعلام دولي - الجامعة الأميركية بواشنطن 1985 - دبلوم دراسات إعلامية معمقة - جامعة باريس الثانية 1989 - دكتوراه في الصحافة وعلوم الإعلام - جامعة باريس الثانية 1994 الخبرات العملية - أستاذ مساعد بقسم الإعلام بجامعة الملك سعود 1994-1996 - مندوب دائم للمملكة العربية السعودية لدى منظمة اليونسكو 1996-2001 - أستاذ مساعد بقسم الإعلام بجامعة الملك سعود، ورئيساً لتحرير صحيفة رسالة الجامعة ثم رئيساً لقسم الإعلام 2001 - 2006 - وكيل مساعد للإعلام الخارجي بوزارة الثقافة والإعلام 2006 - 2009 - وكيلاً للإعلام الخارجي 2009 وحتى الآن.