تسع مجموعات «واتسابية» تمت إضافتي فيها خلال فترة وجيزة جدا.. سواء باستئذان أو دونه.. لم أمكث أسبوعا إلا وغادرتها جميعا.. ليس لأني «معقد» أو «علة».. فقد كنت «طيبا جدا.. يبتسم» وأقبل تلبية لرغبات الأحباب، أو الأصدقاء. كنت أسعد بذلك وأحاول المشاركة.. واعتقدت أن تلك القروبات ستكون ذات قيمة مضافة للشخص خصوصا أن بعض مسمياتها مغرية، وكان باعتقادي أنها ستقدم لي المنفعة في أمور تنقصني. وحين تتأمل مسميات بعض المجموعات بالواتساب تبتسم طويلا.. وتدرك أننا مهوسون بالتسمية وليس بالتسامي، ومهتمون بالوصوف وليس بالإنصاف.. مجموعات يشترك بها وقد تجد قروب «نخبة الفوائد» كله ترهات ومعلومات خاطئة ونقولات غريبة، قروب «صفوة» كله مشاحنة، ومغالطات.. قروب «سعة صدر» كل 3 أيام رسالة واحدة.. قروب «زملاء العمل» كله تنكيت ومقاطع مضحكة.. قروب «تواصل العائلة» كل عيد رسالة.. قروب «أصدقاء» كل يوم منسحب واحد.. قروب «الركادة» كله عروض سفر وخطابة. فكرت ملياً.. لماذا يحدث ذلك؟..مع أن مجموعات الواتساب شكّلت مجتمعات صغيرة مفتتة قد تمثل أحيانا نماذج، وعيّنات، وأمثلة، وشرائح من مجتمعنا الكبير.. صنعت مجتمعات صغيرة جدا، ليس لها هدف حقيقي.. فأصبحت كثيرٌ منها لم توضع في قالب متسق أو منضبط بقواعد، أو إن كان هناك محددات وضوابط وجدت بعضها غير ملتزمة بالمعايير والقيّم، والأهداف التي وضعت لأجلها.. فخرَجت عن إطارها وغاياتها إلى زوايا مختلفة تماما.. لم يستطع بعض أعضائها التناغم في الطرح، ولم يتمكنوا من الانسجام في الحوار بل وأصرّ بعضهم إلا أن يخرج ويتمرد على ضوابط المجموعات.. فانتثرت أطروحات في موضوعات جدلية قد تمّ الاتفاق على تجنبها.. واستمتع كثيرا بإغراق القروب بتحريك الساكن، وتسكين المتحرك، وإثارة الخلافات.. وعاند البعض إلا أن يتم رأيه فيعيد نشر مقاطع غير لائقة، أو رسائل مغلوطة، أو مملؤة بالأكاذيب، أو الأخبار الملفقة والمركبة، أو الدعايات والإشاعات، أو يريد بها تكريسا لتوجه، أو تعزيزا لتيار. وما سبّب مثل تلك الأجواء في وجهة نظري هو أن من يصنع تلك المجموعة يهتم بجمع وموافقة أكبر عدد ممكن لينضم لمجموعته حتى وإن لم يكونوا يعرفون بعضهم أو ليس لهم علاقة في مجال المجموعة وهدفها. كما أن الخطر أتى من ثقافة البعض البسيطة، ولهفة السبق والإغراق بالإرسال، وتدني وعيه جعلته ينساق مع أقل رسالة تصله، فيها ما فيها، فكم من الرسائل كان فيها أحاديث نبوية موضوعة، أو طلبات غريبة لتوسيع النشر؛ ليحصل على أمر ما، أو معلومات غير مثبتة، وغير ذلك، دونما تثبت ولا تأكد، ولا مراجعة لمصادر. ختام القول.. حتى وإن أثقلت في تقييم قروبات الواتساب فهو يبقى وسيطا قد يتم تحقيق المنفعة منه، وقد يحدث الضرر منه.. فالأمر هو خيار متاح للجميع.. ولن يكون هناك حل إلا بضابط يخصنا، يمنعنا أو يسمح لنا، ويخص من أنشأ المجموعة.. أما أن يترك الأمر مباحا مستباحا بلا ضوابط سيجعل الغث متراكما على عقولنا.. ويكون القرار للعقلاء وطالبي الراحة دوما «أنت غادرت المجموعة».