في الآونة الأخيرة، وبعد الترويج الدعائي للسياحة في ربوع المملكة، فاجأتنا الصور الإعلانية بمناطق وطنية مثيرة للجمال ومدهشة في الطبيعة، وتستحق مغامرة الترحال وقصدها دون عناء التفكير، ولعل الجميل هو بون التفاوت القطبي في تنوع الطبيعة بين السهل والجبل أو الصحراء والبحر، وهذا يضفي على مستقبل السياحة نكهة تنويعية بديعة، تعينها على الجذب الاستثماري، وتمنحها روافد اقتصادية متنوعة، تسهم في التنمية الوطنية للمملكة. اللافت والرائع في الأمر، هو التوجه نحو إنشاء وتطوير مجموعة من المتاحف الوطنية على طرز عالمية حديثة وفي مختلف مناطق المملكة، وهذه اللفتة الحضارية تتماشى مع الرؤية الوطنية لتنمية السياحة السعودية، فهذه المتاحف بقيمتها الحضارية تعج بعبق الماضي العربي وأصالة التاريخ القديم، وتزخر بفخر الأجداد الأوائل، وتمثل للذاكرة الإنسانية استعادة روحية للحضارات المتعاقبة، التي أقامها أسلافنا على أرض الجزيرة العربية منذ التاريخ القديم. إن آثار المملكة تعكس في نفوس العرب عموماً قيمة الاعتزاز بالهوية القومية والإرث الثقافي والتاريخي لأنثروبولوجيا الإنسان العربي الأول، كما تمثل لنا خصوصا لوناً من الاعتزاز الذهني المتعمق في الذات، وتمثل أيضاً صورة مرآتية طبيعية لخط الامتداد الزمني المتعاقب للحضارة العربية كنشأة وحتى اللحظة، وهذه قيمة أثرية وسمة حضارية لا نجدها إلا في جزيرتنا العربية وبلاد الهلال الخصيب ومصر، وربما تأبى أن تتكرر على بقية الخريطة الكونية على الإطلاق. صورة مشرقة وتنموية أخرى لسياحتنا، تتمثل في مشروع البحر الأحمر وما يمثله للاقتصاد الوطني من أهداف تنموية وسياحية وثقافية، وما ينتجه أثرياً من توليد للأعمال وخلق متجدد للوظائف الإدارية والتشغيلية، فهذا المشروع الوطني العملاق، يهدف بصورته المثلى إلى أن يشرق كوجهة عالمية أولى في قطاع السياحة النموذجية في العالم، ولذا تسعى المملكة إلى صناعة السياحة داخل جغرافيتها القارية، التي تشمل أغلب رقعة الجزيرة العربية، ولديها واجهتان بحريتان تربطان الشرق العالمي بغربه، وتضمان بمحتواهما البحري مئات الجزر ذات الطبيعة البكر، التي تمثل غزلاً بديعاً تجاه الاستثمار والمستقبل السياحي، وكركيزة اقتصادية أساسية للوطن، مع الحفاظ على التراثين الثقافي والبيئي. وأخيراً؛ فإن ما تقوم به الهيئة العليا للسياحة والآثار من جهود وطنية تستحق منا الشكر والاعتزاز، ولا سيما الأعمال الرائدة حول التنقيب عن آثار وحضارات الأرض السعودية، والتعريف البديع بالمواقع السياحية والآثار المنتشرة على جغرافيا الوطن، ولا شك أن مهندس النقلة النوعية التي تشهدها المملكة سمو ولي العهد، وما يبذله من صنائع عملاقة في سبيل تطور الوطن، وبآفاق زمنية سريعة نحو المستقبل؛ ليكتنزنا بمشاعر الاعتزاز بوطننا، ويمنحنا الثقة بأعماقنا للانطلاقة الواثقة تجاه الأهداف المنشودة، فحفظه الله وأعانه.