في الإعلام والصحافة الرياضية تحديداً، ثمة أسماء مرت وتركت بصمة لا ينساها المتابعون، هناك من تميزوا باصطياد الأخبار، وآخرون فرضوا أنفسهم من خلال أعمال صحافية ميدانية رصينة، في حين أن قلة من نجحوا في تسجيل أسمائهم كنقاد أو ككتاب، لكن بعض هؤلاء القلة اختاروا طريقاً صعباً للغاية هو طريق الدفاع عن الأندية التي يعشقونها وقضاياها والتغزل بها عندما تنتصر وتعتلي المنصات. محمد الكثيري، اسم يعرفه كل من تابع الصحافة الرياضية السعودية، فهو أحد الأقلام الهلالية التي صاغت كثيرا من المقالات التي لا تزال راسخة في أذهان محبيه، هو صحافي دخل أروقة صاحبة الجلالة في وقت باكر جداً كأحد الكتاب الهواة في صفحة القراء، قبل أن يعمل محرراً متعاوناً في صحيفة "الجزيرة"، ويتدرج في كثير من الصفحات، كانت بداياته مع الرياضة مروراً بالثقافة والفنون، لكن على الرغم من ابتعاده في فترات متقطعة عن الصفحات الرياضية، كانت إطلالاته عبر مقالات غير منتظمة لافتة للأنظار. كان الكثيري ولا يزال أحد أبرز من تغنى بمعشوقه الهلال، حينما عاش واحداً من أجمل عصوره، وتحديداً في التسعينيات الميلادية، كان منافحاً في الوقت ذاته عن كل ما يمس "الزعيم"، ضربت كلماته في جذور التاريخ وبقيت خالدة، على الرغم من ابتعاده عن الوجود الدائم في الصفحات الرياضية، وعلى الرغم من انشغاله برئاسة تحرير مجلة "أصداف" أخذ معه موهبته التي كانت بذورها على الصفحات الرياضية، وحقق نجاحات كبيرة بصناعته واحدة من مجلات الشعر الشعبي الأكثر إثارة. كان الكثيري كاتباً هلالياً برتبة شاعر، فلطالما ملأت كتاباته ومقولاته الرنانة الدنيا ضجيجاً، كان كثيرون يعتبرونه شاعراً يتغزل بمحبوبه الهلال أكثر من كونه صحافياً يكتب مقالات تخص الكيان الكبير. نجح "أبو هشام" في أن يصبح أحد الكتاب القلائل الذين إن حضروا سحبوا البساط من غالبية الكتاب الرياضيين، كان مدهشاً ومثيراً للجدل حتى وهو يعمل في صفحات غير رياضية مثل الصفحة الاقتصادية، حين يفوز الهلال ببطولة يظهر وهو البعيد عن الصحافة الرياضية، ويستحوذ بمقالاته على اهتمام حتى منافسي "الأزرق". يمكن القول إن الكثيري شكل ظاهرة من الصعب تكرارها، ذلك أنه نجح في حفر اسمه في الذاكرة عبر مقولات وجمل يحفظها بنو "الزعيم" عن ظهر قلب، فالكاتب الأنيق هو من قال يوماً إن "قليلاً من الهلال يجعل الكرة أكثر جمالاً"، لم يتميز بكتاباته وحسب، بل كان واحداً من أبرز صانعي العناوين الرياضية، إذ لا يزال العنوان الشهير "الكأس للهلال.. والمجد للوطن"، الذي اختاره عنواناً للتعليق على فوز الهلال بكأس آسيا موسم 92، لا يزال واحداً من أهم العناوين الصحافية التي لا يمكن نسيانها. على الرغم من عشقه وتعلقه بفريقه، إلا أنه كان ممن يحكمون عشقهم بسياج من أخلاقيات الخلاف؛ إذ دخل في سجالات عدة مع كبار الكتاب النصراويين، لكن التاريخ لم يسجل أنه أساء إلى أحد، وعلى الرغم من أن المنافسة بين نجمي الفريقين سامي الجابر وماجد عبدالله في التسعينيات كانت في أوجها، إلا أنه وإن كان المدافع الأول عن الجابر، كان واحداً من المعجبين بماجد. لقد نجح الكثيري الذي فارق الدنيا في 2002 في رسم هويته الخاصة التي لا يمكن تكرارها، وتجلت مقولته "الهلال لي اليوم ولأولادي غداً" عندما عمل ابنه الأكبر الصحافي هشام الكثيري في الصحافة عبر "الرياض"، وتخصص في دراسة الإعلام وتدريسه، وهو الذي يعرف نفسه بأنه "صحافي أباً عن جد" قبل أن يتم تعيينه مديراً للمركز الإعلامي للنادي الكبير. مقالة قديمة كتبها الكثيري