لا شك أن الانتقال من أجواء حارة إلى أجواء باردة وهو ما نعيشه هذه الأيام هو أكثر ضرراً من عملية الانتقال من أجواء باردة نسبياً إلى أجواء معتدلة وهو ما يوفق نهاية فصل الشتاء. جسم الإنسان عموما والأطفال بصفة خاصة يعيش في صراع مستمر بين الميكروبات ومناعة الطفل حيث تكون الغلبة في معظم الأحيان للأخير فيبقى الجسم صحيحا معافى ولكن في حالة حدوث تغير أي عامل خارجي يمكن أن يخل بذلك الاتزان ويسهل مهمة البكتيريا أو الفيروس حيث يبدأ بالتكاثر ويدخل الجسم في دورة ذلك الميكروب محدثا أعراضا مرضية تتفاوت في حدتها وخطورتها ومن تلك العوامل إما مناعية أو ما يتعلق بأحوال الطقس الخارجية وخصوصا الباردة منها حيث يوفر ذلك جوا ملائما للميكروب لنموه وإحداث الأمراض لدى الطفل هذا في الأحوال الاعتيادية فضلا إذا كان الطفل يشكو من مرض مزمن فإن ذلك يعزز غزو الميكروبات للجسم ويسهل اختراقه لمناعة الجسم، نستعرض اليوم بعضا من تلك الأمراض. التهاب الشعيبات الهوائية إصابة فيروسية للشعيبات الهوائية لدي الأطفال الأقل من عمر سنتين من أعراضها السعال، ارتفاع درجة الحرارة، سيلان الأنف وقصور في التنفس، يتم معالجة معظم الحالات بالعلاجات الداعمة مثل الأوكسجين، خافض الحرارة وأحيانا موسعات الشعب الهوائية. الخانوق الخانوق هو عبارة عن التهاب الحنجرة والقصبات، وتكمن الإصابة إجمالاً في التهاب يصيب الحنجرة أولاً إثر التهاب في جهاز التنفس العلوي كالزكام مثلاً ثم يعود وينخفض لاحقاً في المجرى الهوائي. أما الأسباب الأخرى الأقل انتشاراً للخانوق فهي الأمراض الالتهابية الجرثومية أو الأجسام الغريبة التي قد نستنشقها. ويصاب بالخانوق الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وأربع سنوات، وغالباً ما ينتابهم هذا المرض في الليل أو عند ساعات الصباح الأولى، وأعراض هذا المرض، في حال كانت الإصابة بالالتهاب طفيفة، هي كالتالي: * أعراض مشابهة لأعراض الزكام تدوم ليوم أو اثنين (عندما تكون مشكلة الخانوق التهاباً في جهاز التنفس). * الخانوق أو السعال الشبيه بالنباح الأجش، ويرافقه صفير في التنفس. * الصوت أو الصراخ الأجش. * بعض الصعوبات في التنفس. في الحالات الأكثر خطورة، يجب أن يخضع الطفل على الفور لإشراف طبي، كما علينا أن نتصل في الحال بالطبيب إذا أصبح الطفل يتنفس بسرعة أو بصعوبة، أو إذا تحول لون شفتيه أو لسانه أو جسمه إلى الأزرق أو الرمادي. التهاب الجيوب الأنفية التهاب الجيوب التهاب بكتيري يصيب التجويفات العظمية (الجيوب) وراء الأنف وحوله، وعظام الوجنتين والجبين، وتقوم هذه التجويفات المبطنة بغشاء مخاطي، بتنقية الهواء المستنشق وتدفئته وترطيبه. تصرف الجيوب في الممرات الأنفية عبر قنوات صغيرة يسهل أن تسد عند التهاب غشاء الأنف في أثناء الزكام أو أي مرض مشابه ويحتجز هذا الانسداد البكتيريا في الجيوب ويؤدي إلى التهابها. ولما كانت التهابات الجزء الأعلى من الجهاز التنفسي تتكرر لدى الأطفال، فإن التهاب الجيوب كمضاعفة عند 5 % إلى 10 % من جميع حالات الزكام والتهابات الحلق، وتشمل العوامل المساهمة سوء عمل النتوءات الدقيقة الشبيهة بالشعر (الأهداب) التي تدفع الإفرازات خارج الجيوب، ويشيع التهاب الجيوب بين الأطفال المصابين بالتليف الكيسي أو التهابات الأسنان، أو أي حالة زكام أو إنفلونزا حادة قد لا تزول خلال 10 أيام تقريباً، من الأعراض الشائعة الأخرى سعال متواصل يتفاقم ليلاً أو عند الاستلقاء، وقد تتبعث رائحة كريهة لنفس الطفل، وتسجل حمى خفيفة في أكثر الحالات، بينما يشكو الطفل من الصداع. ويعاني أحياناً الطفل الملتهبة جيوبه من حمى عالية بعد أسبوع أو أكثر من أعراض الزكام. تساعد المضادات الحيوية في علاج التهاب الجيوب. وقد يصف الطبيب أيضاً مزيلاً للاحتقان. ربما استدعى التهاب الجيوب المزمن والمتكرر جراحة لتوسيع الفتحات بين الجيوب والأنف، وتتم هذه الجراحة حالياً بواسطة منظار داخلي، وهي بسيطة نسبياً وقد لا تتطلب ملازمة المستشفى طويلاً. الإنفلونزا الإنفلونزا التهاب حاد يصيب الجهاز التنفسي وقد يتعرض له الأشخاص من كافة فئات الأعمار. وهو أيضاً مرض معدٍ غالباً ما يصبح وبائياً خصوصاً في فصل الشتاء كما وقد يكون أشد خطورة إن أصيب به طفل يعاني أصلاً من مرض صحي مزمن. وتنتقل عدواه من شخص إلى أخر من خلال الرذاذ الملوثة المنتشرة في الجو أو من خلال جزيئات المخاط الملوث المنبعث من سعال أحدهم أو عطسته وما أن يصاب الشخص مرة بنوع من أنواع الإنفلونزا حتى تؤمن الأجسام المضادة المناعة ضده. ولكن النوع " أ " المسؤول عن معظم أوبئة الإنفلونزا الواسعة الانتشار في حالة تحول وتغيير دائمة، مما يعني أن أنواعاً جديدة من الإنفلونزا تتكون باستمرار، مؤدية بذلك كل بضعة أعوام إلى أوبئة جديدة لا يتمتع الناس بالمناعة ضدها. أما النوع "ب" الأقل تحولاً من النوع الأول " أ " فهو يؤدي إلى أوبئة أقل تفشياً وأكثر انحصاراً وتمركزاً في منطقة أو إقليم معين. كما وأن المرض قد يكون أقل خطورة منه في النوع " أ " أما النوع الأخير "ج" فيؤدي إلى مرض طفيف أقل تفشياً من أمراض النوعين الأولين؛ كما وأنه يزودها بالأجسام المضادة. العلاج: على الرغم من عدم وجود أي علاج محدد لمرض الإنفلونزا، إنما يمكننا التخفيف من حدة أعراضه، فيمكننا أن نعطي الطفل دون الثانية عشرة من عمره أي دواء لتسكين آلامه وتخفيض الحرارة. أما الأطفال الذين يعانون من أمراض مزمنة كمرض القلب أو المرض الكلوي أو السكري أو السرطان أو الربو فقد يستلزم الأمر إدخالهم المستشفى لمعالجتهم. الوقاية: ونحن نعيش هذه الأيام موسم دخول فصل الشتاء يجب أن نكون على حذر من تعرض أطفالنا إلى التيارات الباردة. وبنفس المبدأ فإن تعرض الطفل إلى أجواء دافئة وسط المنزل ثم الانتقال المفاجئ إلى الأجواء الخارجية الباردة يشكل فرصة مناسبة للفيروسات لمهاجمة الجسم والتسبب في أمراض الشتاء. الأطفال هم أكثر الناس تعرضا للإصابة بأمراض الشتاء فهم الأقل دراية بطرق الوقاية. وأعراض البرد لديهم هي أقوى من أعراض أمراض البرد لدى الإنسان البالغ. من وسائل الوقاية من أمراض البرد، تناول بعض الأطعمة والمشروبات الدافئة التي تقوي المناعة وتعطي الجسم الطاقة والدفء وعلى رأسها الزنجبيل والذي يشيع استعماله في وقت الشتاء. أما فيما يتعلق بالإكثار من فيتامين "سي" والموجود في الكثير من الحمضيات فهو من العوامل المساعدة على تقوية مناعة الطفل ومن الفيتامينات الضرورية للجسم ولكن لا ينبغي التركيز على الأقراص المصنعة من ذلك الفيتامين لعلاج أمراض البرد. ومن النصائح في سبل الوقاية من أمراض الشتاء التي ورثناها عن الأجيال السابقة أن البرد له مداخل أساسية للجسم منها الصدر، الأذنان، والقدمان لذا فقد كانوا يحرصون على حماية تلك الأجزاء من أجسامهم من تيارات الهواء الباردة كذلك تجنب المشي على الأرض الباردة دون حذاء - أكرمكم الله -، من المعلوم طبيا أن الأذن تتصل بالبلعوم وبالجهاز التنفسي العلوي فهي منفذ للاصابة - لا سمح الله - بالعدوى بسبب البرودة الملائمة لنمو البكتيريا أو الفيروسات والدخول إلى الجهاز التنفسي.. الكثير من الأطفال المصابين بالربو تزداد لديهم النوبات مع دخول فصل الشتاء فبداية أي التهاب في الجهاز التنفسي العلوي قد تكون الشرارة الأولى لبدء أزمات الربو لديهم لذا بدءاً يجب تجنب تعرضهم للتيارات أو تناولهم المشروبات الباردة كما قد يحتاج البعض منهم للاستمرار على الأدوية أو البخاخات الوقائية خلال فترة البرد لتجنب تكرار أزمات الربو لديهم في تلك المرحلة بعد استشارة الطبيب المعالج واختيار الدواء الوقائي المناسب لحالتهم. الشريحة الأخرى أيضا من الأطفال الذين يجب العناية بهم بشكل أكبر من غيرهم أثناء فترة الشتاء هم الأطفال متدنو المناعة كالأطفال المصابين بمرض زلال البول، مرضى الأنيميا المنجلية والذين يحتاجون أيضا إلى بعض اللقاحات الخاصة لوقايتهم من الالتهابات الانتهازية أو المرضى الذين يتلقون أدوية الكورتيزن أو الأدوية المثبطة للمناعة لفترة طويلة، وكذلك مرضى السرطان. وهناك بعض المفاهيم الخاطئة التي يسلكها البعض منا فالبعض يبقى النوافذ مغلقة باستمرار خلال فصل الشتاء طلبا للدفء، وهذا يمنع تجدد الهواء في الغرف وكذلك يمنع دخول الشمس إليها ويعطي فرصة أكبر لتلوث الهواء داخل المنزل وعدم تجدده. ومن السلوكيات الخاطئة تجاه التعامل مع الحالة المرضية لأطفالنا عند إصابة أحدهم بأعراض الرشح والزكام يبادر باستعمال الأدوية المضادة للالتهاب ومنها المضادات الحيوية وهذا إجراء خاطئ فليس كل الالتهابات يتم معالجتها بمضادات حيوية فالالتهابات الفيروسية لا تتأثر بها ولكن يجب أن تكون المعالجة داعمة ونقصد بذلك خفض درجة الحرارة باستعمال الأدوية الخافضة للحرارة والكمادات خاصة الأطفال وبصفة أكثر حرصا الأطفال المعرضين للتشنجات الحرارية أو من لديهم تاريخ مرضي بالتشنجات الحرارية وكذلك استخدام نقط الأنف الملحية في حال انسداد الأنف أو الدوائية غير الملحية تبعا لعمر الطفل وحالته. اللقاح والمستهدفون به. تنصح مراكز السيطرة على الأمراض والأكاديمية الأميركية لطب الأطفال بتلقي اللقاح للبالغين والأطفال فوق عمر ستة أشهر والأطفال بشكل خاص الأقل من خمس سنوات وكبار السن فوق 65 سنة والمعرضين لمضاعفات شديدة نتيجة الإصابة بالإنفلونزا كحالات الربو، أمراض الكلى، أمراض القلب "عدا إرتفاع الضغط"، أمراض الكبد، أمراض الدم بمافيها الأنيميا المنجلية، أمراض السكري، الأشخاص متدنو المناعة كمرضى الإيدز، السرطان والمرضى الذين يتلقون أدوية الكورتيزون، الأشخاص مفرطو السمنة، الممارسون الصحيون. أنواع اللقاح يوجد نوعان من اللقاح، الأول يحمل فيروس ميت Inactivated Influenza Virus ويرمز له IIV، النوع الثاني ويحمل فيروس حي مضعف "موهن" Live Attenuated Influenza Vaccine ويرمز له LAIV. يعطى الأول عن طريق العضل أو داخل الجلد بينما يعطى الثاني عن طريق بخاخ للأنف، الفاعلية العظمى للنوع الأول فضلاً عن أن النوع الثاني له محاذير طبية خاصة. توقيت اللقاح تبدأ حملات إعطاء اللقاح عادة قبل بدء موسم الإنفلونزا وذلك مع نهاية شهر أكتوبر من كل عام. عدد جرعات اللقاح الأطفال من ستة أشهر حتى ثماني سنوات بشكل عام يحتاجون إلى جرعتين بفارق لا تقل عن أربعة أسابيع، وقد يحتاجون لجرعة واحدة حيث يتغير ذلك من سنة لأخرى طبقاً لتغير فصيلة الفيروسات. الرشح أحد أعراض أمراض الشتاء