ها هي الأخبار السعيدة تتوالى على مواطني هذا البلد المعطاء تباعا، وها هي الأسر السعودية تبتهج وتتفاءل بغد أجمل، فاليوم من الأيام التي نفتخر بها كسعوديين، فلقد سعدنا بخبر استمرارية صرف بدل غلاء المعيشة لموظفي الدولة من مدنيين وعسكريين ومتقاعدين وطلاب وطالبات ولمستحقي الضمان الاجتماعي، وابتهجنا بسماع موازنة الخير لهذا العام، التي تؤكد متانة وقوة وحيوية اقتصادنا. إن استمرارية صرف بدل غلاء المعيشة تأتي دليلا واضحا لتؤكد اهتمام حكومتنا الرشيدة بتلمس الاحتياجات، وتحسين جودة الحياة، والاستثمار الأمثل، ليعود بالنفع على المواطنين. استمرارية بدل الغلاء دليل على كفاءة الإنفاق؛ لضمان تحقيق أفضل عائد اقتصادي واجتماعي، وتطوير ملحوظ لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه من المواطنين، وهذا كان واضحا جليا في ميزانية هذا العام؛ حيث مثل الإنفاق الاجتماعي نحو 42 في المئة من مجمل النفقات في الميزانية. فهناك عدد كبير من الأسر السعودية التي هي في أَمَسِّ الحاجة إلى استمرارية صرف بدل الغلاء، بجانب صرف حساب المواطن، ولا سيما في ظل الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة، التي نتج عنها ارتفاع أسعار البترول والضريبة المضافة، وهي أيضا بمنزلة صمام أمان للمواطنين لمواجهة أي ارتفاعات مستقبلية في السلع الاستهلاكية وغيرها من المنتجات. أما من الناحية الاقتصادية فإن صرف بدل غلاء المعيشة سيؤدي إلى انتعاش اقتصادي في البلاد، وذلك لتداول ما يزيد على 50 مليار ريال داخل المملكة، وتدويرها محليا؛ لتزيد من القوة الشرائية لدى المواطن والتاجر، ولتنعكس بالإيجاب على الناتج المحلي، وخلق فرص استثمارية يعود نفعها على بلادنا حفظها الله. صرف بدل غلاء المعيشة ما هو إلا صورة مرادفة للأرقام التفاؤلية لموازنة عام 2019، فقد سجلت ميزانية هذا العام أكبر ميزانية قياسية للإنفاق تشهدها المملكة، لتصل إلى 1.106 تريليون ريال، ولتنعكس إيجابا على الاقتصاد السعودي، حيث سيتم صرفها على إحياء مشروعات حيوية تتوافق مع رؤية المملكة 2030. وقد استحوذ التعليم الذي هو أساس نهضة الشعوب، ومن الركائز التي تعتمد عليها رؤية 2030 على 17 في المئة من الميزانية، واستحوذت الصحة والتنمية الاجتماعية، التي تعتبر من الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها، والتي تتسابق الدول لتوفيرها لمواطنيها على 16 في المئة من النفقات. هذه الأرقام لم تكن لتحقق لولا الوصول إلى نسبة متقدمة من الإيرادات، وصلت إلى 895 مليار ريال بزيادة 29 في المئة على العام الماضي، وقد سجلت الإيرادات غير النفطية نسبة كبيرة تزيد على 45 في المئة من مجموع الإيرادات، ما أدى إلى تراجع واضح في العجز المالي العام بمقدار 4 في المئة عن العام الماضي، وارتفاع في معدلات النمو لتصل إلى نسبة تقريبية بمقدار 2.6 في المئة، هذه التطورات المالية المهمة كانت من الأسباب التي أدت إلى اتخاذ قرارات مالية مهمة، كان من أبرزها استمرارية صرف بدل غلاء المعيشة. والمبهج أن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي تشكل فقط 21 في المئة بمقدار 678 مليار ريال، ومن المعلوم أن الدين العام لا يعتبر عيبا اقتصاديا، بل هو من الأهداف الاستراتيجية الاقتصادية قصيرة وبعيدة المدى، التي تساعد على خلق فرص اقتصادية، ولضخ أموال جديدة، ولزيادة نسبة السيولة، وتحفيز النشاط الاقتصادي، ولدفع عجلة النمو للتماشي مع تمويل خطة التحول الوطني، ولتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، وتعتبر نسبة الدين العام المسجلة منخفضة جدا مقارنة بالدول التي قد تتجاوز فيها نسبة الدين العام إلى 100 في المئة، وبحسب صندوق النقد الدولي يجب ألا تزيد هذه النسبة على 60 في المئة للدول المتقدمة ونحو 40 في المئة للدول النامية.