أرقام فاقت التوقعات والتكهنات، وتجاوزت تحليل المختصين في الشؤون المالية والحسابات، وكسرت حدود المليارات لتدخل عالم التريليونات، تلك هي الميزانية التاريخية للمملكة للعام 2019م والتي أتت كصمام أمان ومبشر اطمئنان بأن المملكة تسير بخطى ثابتة راسخة، ووثابة نحو صناعة المستقبل الواعد الذي يسعى للرقم واحد. فقد أظهر بيان الميزانية النمو المتسارع في المؤشرات المختلفة مما يعكس نجاح استثمارات الدولة في المبادرات والمشروعات التي تم تدشينها بعد إطلاق رؤية المملكة 2030، وبدأت تؤتي قطافها في دلالة ظاهرة وقاطعة على متانة اقتصاد المملكة وقدرته على السبق في ميدان التنافسية. ودعونا نقف قليلاً مع خطاب خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - الذي أقتطع منه هذه الكلمات "إننا عازمون - بعون الله - على المضي قدماً في طريق الإصلاح الاقتصادي وضبط الإدارة المالية، وتعزيز الشفافية، وتمكين القطاع الخاص، والحرص على أن تكون جميع الخدمات التي تقدم للمواطنين متميزة". وبهذا التصريح الذي جسد لنا حدود الاتجاه المستقبلي، وهذه العزيمة التي تستمد قوتها من عون الله تعالى، فقد أعلن خادم الحرمين الشريفين حقبة ما بعد التركيز على الجودة التي بدأ بها قبل أربع سنوات وتدرج فيها تصاعدياً بمنهجية حكيمة وتخطيط سليم، ليصل الآن مع هذا الإعلان إلى توجيه المسار في قطاعات الدولة وعلى رأسها الحكومي نحو حقبة "التميز" في كل ما يقدم من خدمات للمواطنين. كما تلا ذلك تصريح سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - ليؤكد على موقف قيادة وحكومة المملكة الثابت تجاه تحقيق الحياة الكريمة والرفاهية للمواطن، حيث ذكر أن الحكومة ملتزمة بالعمل على توفير المزيد من الخدمات وتحسين جودة الحياة والاستثمار في البنية التحتية للحاضر والأجيال القادمة بما يحقق تطلعات المواطنين واحتياجاتهم. ومع تلك التصريحات والخطابات الطموحة والمحفزة، والتي تركن إلى صلابة الميزانية الضخمة، فقد ارتفع سقف التطلعات، وآن الزمان لتخطي التحديات كافة، وعلاج ما كان بالأمس من مشكلات في سبيل بلوغ التميز في الخدمات. تميز منشود يدفع المؤسسات والأفراد للانتقال من مربع المقارنات إلى صناعة أفضل الممارسات المحلية الوطنية والتي تحاكي المستويات العالمية. تميز مأمول يوظف عملة الإبداع والابتكار للخروج بحلول نوعية خلاقة، ويختصر طول الإجراءات، وكثرة الوثائق والمتطلبات، ومدة الاصطفاف والانتظارات. تميز يحلق بخدماتنا في فضاء عالم التقنية اللامتناهي، ويستثمر بفاعلية ثورة الذكاء الاصطناعي، ويعجل بالتحول من التعامل التقليدي والإلكتروني إلى التعامل الذكي.