تُعد المخيمات في منطقة الجوف إطلالة لفصل الشتاء أكثر من برودة الجو ومواقيت الفلك، حتى أصبحت علامة بارزة لإطلالة الفصل الذي يحبه الشماليون ويعشقون البر والمكشات فيه، فمنذ أن تبدأ ملامح البرد في مساء المنطقة الشمالية إلاّ وتسبقها نصب المخيمات وإشعال الحطب وارتداء الفرو، تفاصيل يحبها أبناء الجوف ويتلهفون على حلول الشتاء. وفي هذه الأيام بدأت ملامح إطلالة الشتاء بالمنطقة، حيث نصب عشرات المواطنين مخيماتهم بمواقع مختلفة فهذا يهوى طراوة النفود، وذاك يعشق جلد البر، ولكنهم يتفقون على سحر المكشات وروعة «الخيمة»، كلهم يؤنسهم «شب» الحطب ورائحة الهيل وشاي الجمر، وما أجملها من ليالٍ عندما يعتنقون «فروتهم» ويلتفون حول «شبتهم» يتسامرون ويعرفون «علوم البر» ويشتاقون لمواعيد هطول المطر. تبدأ حكاية الليالي الباردة بجمع الحطب وشبة النار يليها إعداد القهوة والشاي، وبعد «الفنجال وعلوم الرجال» تتوزع المجموعة في مهامها لإعداد وجبة العشاء بعيداً عن المنازل ومنافسة للمطاعم، في نكهة يعتبرونها مختلفة، بهارها البر وملحها البرد ومذاقها الشتاء، ولا يغيب عن هذه المخيمات الطير الحر والشعر والقصة كلها ذات علاقة مع الخيمة والشتاء لدى أبناء الشمال. وقال أحد أصحاب هذه المخيمات عبدالكريم الراشد: إنه منذ أن بدأت ملامح الشتاء تميل للبرد اتجه مبكراً جنوبسكاكا وعلى طريق سكاكاعرعر لنصب مخيمه، حتى لا تفوته روعة الليالي الباردة وحلاوة السمر فيها، واصفاً المخيم بالبيت الصغير فهو يضم كل شيء بداية من المجلس الداخلي وهو الخيمة الكبيرة، ثم خيمة صغيرة وهي عبارة عن مطبخ، وإعداد جلسة خارجية حول شبة النار ودورة مياه متنقلة، هو منزل صغير بقلب الصحراء. وأشار إلى أن الكشاتة يحرصون على نصب مخيماتهم مبكراً ليحظوا بأماكن مميزة، إمّا أن تكون قريبة من الطريق أو يحفها الجبال لتخفف البرد، أو في مواقع عُرف عنها نبت العشب وخضرة الربيع، كاشفاً أنه بشكل يومي بعد نهاية الدوام يتجه إلى مخيمه إمّا بصحبة أسرته أو بصحبة الأصدقاء، ليقضوا يوماً مميزاً ينتهي بعمل جماعي لإعداد وجبة العشاء وتناولها هناك، ليعودوا إلى المدينة، أمّا أيام إجازة الأسبوع فهم يبيتون بمخيمهم. شبة الحطب