سلط الإعلام العالمي بكافة قنواته الأضواء على الروح السمحة في اجتماع «أوبك»، التي لفتت الأنظار مشيراً إلى التنسيق المتبادل بين المملكة وروسيا، ودور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، واجتماعه بالرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية، لمناقشة التعاون في المجال البترولي وإعادة التوازن للأسواق. وبث هذا التنسيق الطمأنينة للسوق النفطية العالمية، حيث أكدت المملكة بصفتها أكبر منتِج في أوبك، العمل على ضمان استقرار وضبط أوضاع سوق النفط، واستعدادها للرد على التغيرات في سوق نفطية بدأت هشة، سعياً لدعم النمو الاقتصادي العالي الذي يؤرقه عدم استقرار إمدادات النفط، وارتفاع الأسعار. ونشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية تغطيتها صباح السبت الماضي، بنبرة متفائلة مشيدة بالاجتماع المهم بين ولي العهد والرئيس الروسي، الذي نتج عنه اتفاق بالإجماع، ومنح استقراراً وقوة للسوق، وكتبت الصحفية سارة كينت في الصفحة الأولى، أن اجتماع ولي العهد والرئيس الروسي، كان حاسماً بنتائج اتفق عليها الجميع، وهو ما يؤكد الثقل الكبير للمملكة بصفتها أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم، ونتج عنه ارتفاع أسعار النفط يوم الجمعة بعد أن وافقت أوبك وحلفاؤها على خفض 1.2 مليون برميل من النفط يومياً من العرض العالمي، وارتفع الخام الخفيف تسليم يناير بنسبة 2.2 % إلى 52.61 دولار للبرميل في بورصة نيويورك التجارية، وارتفع مؤشر برنت القياسي العالمي بنسبة 2.7 % إلى 61.67 دولارًا للبرميل. وأضافت الصحيفة أن منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» توصلت إلى جانب روسيا وحلفائها، إلى اتفاق لخفض العرض في خطوة تهدف إلى إعادة تنشيط الأسعار بعد عمليات بيع حادة في الأشهر الأخيرة، وخففت الأنباء بعض الضغوط على سوق النفط التي تراجعت بنحو 30 % عن أعلى مستوياتها في أكتوبر على خلفية وفرة المعروض والإنتاج الخام القياسي. وكانت نبرات التشاؤم من رؤساء «الأوبك» يوم الخميس الماضي قد قللت من توقعات التوصل لاتفاق، مما أدى إلى هبوط الأسعار بشكل حاد يوم الخميس وواصلت انخفاضها صباح الجمعة بناء على تصريحات من مختلف أعضاء أوبك، حيث واجهت المنظمة عقبات في محاولاتها لتعزيز الأسعار، بما في ذلك من إيران، وجاءت أنباء الصفقة مع الكشف عن أن إيران لن تكون جزءاً من تخفيضات منظمة أوبك الجماعية، مع تعثر صناعة النفط في البلاد بالفعل بسبب العقوبات الأميركية. من جهتها قالت صحيفة الرؤية الكويتية إن اتفاق خفض إنتاج النفط تم بعد مباحثات بين بوتين والأمير محمد بن سلمان، مدعمة طرحها بنشر تصريح وزير الطاقة الروسي الذي قال فيه: «إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تباحثا واتفقا على تخفيضات إنتاج النفط». وأبرزت الصحيفة الكويتية تصريح الوزير الروسي على حسابها في «تويتر» واتفقت الردود على الدور البالغ الذي قام به سمو ولي العهد السعودي في احتضان المنتجين المتنافرين والمستهلكين بصدر رحب لغد أكثر إشراقة واستقراراً. وتحدث ل «الرياض» الدكتور محمد بن سالم الصبان، المستشار الاقتصادي والنفطي الدولي، قائلاً إن الاتصالات المستمرة بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس الروسي بوتين إلى قبيل إعلان الاتفاق مكّن من توصل «الأوبك» إلى اتفاق، في حين وحتى اللحظات الأخيرة لم يتمكن وزراء «أوبك» من الاتفاق حتى تدخل ولي العهد الجندي المجهول بطل الاتفاق حفظه الله. وأضاف الصبان أن اجتماع ولي العهد وبوتين أتى بعد مخاض عسير نتيجة للاختلافات القائمة، حول من يتحمل تبعات اضطراب السوق، وفي اعتقادي لولا تدخل سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان باتصاله بالرئيس بوتين، لما كان لدينا اتفاق مساء الجمعة، وهذا تكرر في اجتماع أوبك 2016 حينما سبق اتفاق نوفمبر اتصالات مماثلة من سمو ولي العهد للرئيس بوتين، واعتقد أن الدولتين لهما وزناً كبيراً في أسواق النفط العالمية حيث إن إنتاجهما المشترك مجتمعاً يصل لأكثر من 23 مليون برميل يومياً، وهذا قبل الاتفاق الأخير، ويبدو أن الالتزام بفقدان حصص إيران كان أمراً معقداً نتيجة للعقوبات المفروضة عليها وكذلك إمدادات فنزويلا وليبيا. وأتصور أن الأسعار ستبدأ بالتحسن التدريجي، ولا اعتقد بأنها ستصل إلى 80 دولاراً، أو أكثر كما كان عليه في أكتوبر، ولكن سيقف نزيف الأسعار والتدهور الذي لحق به، وستبدأ بالتحسن التدريجي بحدود 65-70 دولاراً وهو مستوى مناسب لكل من المنتجين والمستهلكين. وشدد د. الصبان القول إن المهم الآن بعد اتفاق «أوبك» الجمعة، الالتزام الذي سوف يؤثر حتماً في سحب الفائض، وإن كان أمر صادرات إيران غير معروف، ولا نعلم هل سوف يستمر استثناء الثماني دول من مقاطعة النفط الإيراني إلى ما بعد ال 90 يوماً، أم سوف يستأنف لتبدأ حتماً الأسعار في الارتفاع، مع تضييق الفرصة أمام الصادرات الإيرانية. وعلق المستشار الإعلامي صالح بن خميس الزهراني رئيس مركز أسياد للدراسات والاستشارات الإعلامية بقوله :»إن سمات القيادة مع العزيمة والإصرار باستشراف المستقبل في حلول جذرية للوضع العالمي الحالي من سمات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وفقه الله سيصل ببلادنا بإذن الله إلى مصاف الدول العالمية المتقدمة بدعم وتوجيهات خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز في ظل تطور صناعي وتقني وطني للإنسان السعودي، وهذا الرد الصحيح لكل ناعق».