لكل شاعر قصة وحكاية تتناغم مع مفرداته، وأبعاد تغوص به عمق قصائده وبحور شعره التي تحاكي بيئته الأم وطفولته التي لا يستطيع معها الشاعر إخفاء الشوق المختبئ بداخله والخيال الواسع الذي ينمي فيه الأحاسيس والمشاعر التي لا موعد لها تحكي واقعه الحقيقي ووجدانه من خلال صوره التعبيرية التي ترسم نظمه ونبضه الشعري.. «الرياض» حاورت الشاعر الذي جعل من البحر عنوانا لأدبه وشعره ووجدت أن فصول حكايته بتلك الزرقة التي وصفها بالهيام. فرسان الحالمة شكلت تجربتي وذائقتي كتبت أول قصيدة في المرحلة الابتدائية الشاعر إبراهيم مفتاح تحدث ل»الرياض» عن بدايته الشعرية حيث عادت به الذاكرة إلى الماضي وتجسدت من خلال قراءته منذ زمن الطفولة وما يتناسب مع مفاهيمه ومداركه لبعض السير التاريخية كالمياسة والمقداد أسطورتا الحب، والزير سالم وعنترة بن شداد متبعا تلك السيرة ذات الأسلوب البسيط وما يتخللها من أشعار وضعها أصحابها لتناسب من يحاكونهم من أصحاب الفكر البسيط حيث أثرت هذه الأشياء مجتمعة في إغرائه بالحفظ والقراءة التي جعلت له مجالا في أن يكتشف ذائقته وموسيقى شعرة وأنه حان الوقت لأن يعبر عما بداخله، وقال مفتاح: كنت أستطيع اكتشاف النشاز الوزني لبعض الأبيات الشعرية وأستطيع تعديلها. وأضاف: أن هذه الظاهرة الأدبية في ذائقته أفادته كثيرا حيث تجلى ذلك في سرعة حفظه للنصوص المدرسية التي في المنهج مشيرا إلى أن من حظه الجميل أن من كان يقوم على تدريسه تلك الفترة كان معلما من الجنسية الفلسطينية وكان يجيد نظم الشعر ويكلف طلابه بحفظ العديد من القصائد لعدد من الشعراء القدامى أمثال عنترة بن شداد والمتنبي والشريف الرضي وغيرهم من كبار الشعراء. وضل ذلك المعلم ينمي فيه ذائقة الشعر لما لمسه من ميوله الشعرية ولعل المفاجأة حينها عندما كتب مفتاح نصا بعد نجاحه من الصف الخامس الابتدائي نظمه بخمسة وعشرين بيتا وكانت هي انطلاقته لهذا السبب أرجح أفضلية الشعر القديم رائحة البحر وزرقته تنظمان أبياتي الحقيقية إلى ما وصل إليه من أشعار ودواوين. وعن قراءة المشهد الشعري بين الماضي والحاضر بين مفتاح أن الشعر لا زال في عافيته رغم مستجدات وسائل العصر وتقنياته ورغم تأثيرها على اهتمام الأجيال المعاصرة ومع كل ذلك إلا أنه يوجد ميول إلى الشعر بكثافة جيدة للعديد من الشعراء إلا أن هذه الكثافة وذلك الكم ممن يستهويهم الشعر ويكتبه لم يعد منهم من يملأ الساحة بإبداعاته وهذا ليس على الاطلاق فهناك شعراء لهم تواجدهم وتفردهم لكن نسبة هؤلاء إلى كثرة الشعراء غير مجديه وهذا أمر طبيعي لكن تقليدية الماضي بالحاضر يرجح كفة الأول ليس في مجال الشعر الفصيح فقط بل وحتي في الشعر الغنائي باستثناء الشعر الشعبي الذي تجاوز مرحلة الماضي. ولم يتوقف مفتاح عند منعطف الماضي والحاضر بل ضل يجيب على تساؤل «الرياض» عن تجاوز العديد من الأصوات الشعرية الى المحلية. مؤكدا إلى أن ذلك يؤكد المقولة الشهيرة «الانسان ابن بيئته» وأن تنوع البيئات رسمت ذلك الجمال فالبحر بزرقته هيام والسهول بخضرتها جمال، ناهيك عن جريان السيول والوديان والجبال الشامخة ومعظم فصول جازان لا تخلو من النباتات العطرية وكل تلك العوامل لها مؤثراتها الوجدانية والحسية والشعرية على أبناء جازان وعلى عطائه ليس في الشعر بل في كافة فنون الأدب. وأكد شاعر البحر انه ابن جزيرة فرسان ونشأ في أسرة بحرية زمن الغوص عندما كان طفلا كان يسمع النساء في وله حينما يناجين غائبهن في البحر في الصباحات الباكرة أو حين يكنسن عرصات منازلهن، أو لحظة القيلولة وهن يقمن بأعمالهن المنزلية أو في عتمة الليل وهن يسهرن على رعشات ذبالات فوانيسهن ويزاولن مشغولاتهن النسائية، إضافة إلى أنه لا زال يسمع صدى أصوات الرجال والشبان والأطفال الذين يرددون ابتهالاتهم وأهازيجهم الشاعرة التي يقهرون بها مرارة الفراق بعزيمة الصابرين وأن تلك اللحظات التي عاشها في جزيرته الحالمة رسمت له الطريق وانعكست على أدبه وعل مجاله الشعري والروية حيث لا يكاد نص من نصوصه الشعرية ويخلو من رائحة البحر وختم مفتاح حديثه ل»الرياض» قائلا: إن المسؤولية مشتركة على كافة شرائح المجتمع وخصوصا من الأدباء والمثقفين في غرس حب الشعر والأدب في الأجيال القادمة وخصوصا مع تنوع وسائل التواصل ووسائل التقنية وأمور الحياة التي قد تشغلهم وتلهيهم عن ذائقة الشعر والأدب. المتحف الفرساني الثقافة والتراث تشكلان تجربة الشاعر