ما الحب في نظر الشعراء والمفكرين والأدباء؟ بل ما الحب في وجدان العاشقين الذي اكتووا بناره، وسبروا أغواره، وخاضوا غماره؟ فما يُنبئك مثل خبير. للفلاسفة والمفكرين عن الحب كلام وتنظير، وتشريح وتفسير، ولكنْ للمحبين- خاصة من الشعراء بالشعبي الفصيح- رفيف حول طيف الحب يشبه رفيف الفراشة حول الزهور، إذا كانوا سعداء بالحب، ويشبه تهافت الفَرَاش على النار إذا كانوا بالحب أشقياء. وكم أسعد الحب.. وكم أشقى.. ومع أننا نعتقد أن الحب شيء من صميم الروح، وأن الروح من أمر ربي، وما أُوتينا من العلم إلا قليلا، إلا أن هذا القليل من العلم بالحب قد يُساعدنا على فهمه وإن لم يَشْفِ الغليل. نعتقد أن الحب هو التآلف بين الرجل والمرأة، تآلُف الأرواح، فما تآلَف منها اتفق، وما تنافر منها اختلف، وبهذا لا عجب أن تكون محبوبة فلان التي يراها ملكة جمال لا تعدو أن تكون عند كثيرين امرأة عادية لا تلفت الأنظار، فضلاً عن أن تخطف الألباب والأبصار، ولهذا قالوا: «الحب أعمى». الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الألْسُنَا وألَذُّ شَكْوَى عاشِقٍ ما أعْلَنَ ذكر الإمام ابن قيم الجوزية في كتابه الرائع (روضة المحبين)، أن للحب في لغة العرب أكثر من ستين اسماً، ومنها: (العلاقة، الهوى، الصبوة، الوجد، الكَلَف، الشغف، العشق، الدنف، اللهف، الغرام، الهيام، الوله، الصبابة، التباريح، اللاعج والوهل..) إلى آخره .. ولغتنا العرببة معروفة بكثرة المترادفات، ولكن بعضها يختلف عن بعض في دقة الدلالة، فالشغف - في موضوعنا- أقوى دلالة على شدة تمكُّن الحب من العلاقة مثلاً. والآن نقدم من هم أجدر منّا بالحديث عن الحب، وأقدر على سبر أغواره وهم الشعراء، فإن الحب ذاته شعر .. شعر الحواس .. وشعر القلوب .. وأقرب الناس إليه الشعراء المبدعون الحب ماله يااهل المحبة تفسير قلبين والله بالمحبة أمرها فزّ الخفوق وقلت يالله عسى خير أثر الليالي عاد غايب قمرها مع شوفته نشوه وفزّه وتخدير و عيون خلاّنٍ تعانق نظرها يفزّ له قلبي كما فزّة الطير و الرجل كن اللي تحتها غدرها يا صبح عمري يا صباح التباشير نوره ملا قلبي وروحي غمرها عقب الفراق اللي تعدّى المحاذير يبّس غصون القلب جافي دهرها ربّع بروحي عقب ماهي معاسير سحابة هلّت بقلبي مطرها و اسقَى بها زرعة هوانا بتقدير غرسة غرامٍ بالمحبه بذرها يا عاذلين العين والله مخاسير و اللي درَى عن حال عيني عذرها تشوم عيني عن جميع الغنادير وان ناظرت عيني فوادي نهرها يا ناس احبه والمحبه مقادير هذا هوَى نفسي وهذا قدرها و الحب ماله يا اهل الحب تفسير قلبين والله بالمحبه أمرها لا جيت اصوّر حالة الحب تصوير و أرد عن حالي لخلّي خبرها لقيت وجدي فوق كل التعابير كل الشعر قطره وشوقي بحرها (خالد الفيصل) الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الألْسُنَا وألَذُّ شَكْوَى عاشِقٍ ما أعْلَنَا ليتَ الحَبيبَ الهاجري هَجْرَ الكَرَى من غيرِ جُرْمٍ واصِلي صِلَةَ الضّنى بِتْنَا ولَوْ حَلّيْتَنا لمْ تَدْرِ مَا ألْوانُنَا ممّا امتُقعْنَ تَلَوُّنَا وتَوَقّدَتْ أنْفاسُنا حتى لَقَدْ أشْفَقْتُ تَحْتَرِقُ العَواذِلُ بَينَنَا أفْدي المُوَدِّعَةَ التي أتْبَعْتُهَا نَظَراً فُرادَى بَينَ زَفْراتٍ ثُنَا) (المتنبي) ومالحُبُّ من حُسْنٍ ولا من ملاحةٍ ولكنه شيءٌ بِه الروح تَكْلَفُ (محمد بن داوود)