تشتهر مدينة ينبع السعودية الواقعة على الساحل الغربي للبحر الأحمر بصناعة البتروكيماويات المتقدمة، حيث توجد ثلاث مصافي تكرير تطل على الشاطئ الجميل. من ضمن هذه المصافي مصفاة ياسرف--مصفاة ينبع أرامكو سينوبك للتكرير. وهي مشروع مشترك بين شركة «سينوبك» الصينية و»أرامكو» السعودية. وتعتبر من أكثر منشآت التكرير تطورا وأمانا وكفاءة. ونجحت «ياسرف» خلال السنوات الثلاث الماضية في الظهور كمثال يحتذي به في التعاون في مجال الطاقة بين الصين والمملكة العربية السعودية والعالم العربي ككل، من خلال التشغيل السلس والتقنيات المتقدمة والكفاءة العالية. تلبية استراتيجيات التنمية ووقعت الصين والمملكة العربية السعودية اتفاقية المشروع المشترك عام 2012 باستثمار إجمالي بلغ 8.6 مليار دولار أمريكي، حيث تمتلك أرامكو السعودية 62.5 في المائة من المشروع، في حين تعود النسبة الباقة 37.5 في المائة إلى شركة سينوبك الصينية. وقال الممثل الرئيسي لفرع»سينوبك» في السعودية لي شي هونغ لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن «ياسرف «احتلت مكانتها المرموقة من خلال العمليات التشغيلية المتطورة والمعايير العالية واشتراطات السلامة التي تتبعها، مما أهلها للفوز بجائزة بلاتس العالمية لأفضل مشروع في العام 2015 وهي أرفع جائزة في مجال الطاقة. وبدأت «ياسرف» الاختبارات التشغيلية في أبريل عام 2015 وعمليات الإنتاج في 20 يناير 2016 بعد حفل تدشين حضره الرئيس الصيني شي جين بينغ أثناء زيارته للمملكة والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود. وبدأ المشروع المشترك يؤتي ثماره بعد دخوله مرحلة الإنتاج في عام 2016 حيث أنتج 49.97 مليون طن من النفط الخام، و39.98 مليون طن من البنزين وزيت الديزل، تم بيعها لأوروبا وآسيا. وقال لي إن «ياسرف» أصبحت نموذجا للتعاون الصيني- السعودي في مجال الطاقة والتعاون الثنائي المستقبلي ضمن مبادرة الحزام والطريق. وقد طرحت الصين المبادرة، التي ترمز إلى الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن ال21، عام 2013. وتهدف إلى بناء شبكة للتجارة والبنى التحتية تربط آسيا مع أوروبا وأفريقيا على امتداد المسارات التجارية لطريق الحرير القديم. وأوضح لي أن «ياسرف» تلبي استراتيجيات التنمية في كلا البلدين وهذا أحد أسباب نجاحها.»في الواقع، تتوقع السعودية القيام بإعادة هيكلة صناعية ورفع مستواها من خلال زيادة الإيرادات غير النفطية، في حين تعمل الصين على تعزيز التعاون في مجال الطاقة مع الدول العربية المنتجة للنفط في إطار مبادرة الحزام والطريق.» وتابع أن من أسباب نجاح ياسرف أيضا الامتداد الدولي لعمليات كل من «سينوبك» و»أرامكو» وموافقة الطرفين على استخدام اللغة الإنجليزية كلغة عمل. جسر للتبادل الثقافي ويخدم المشروع المشترك كجسر لتعزيز التبادلات الثقافية بين البلدين، حيث تطورت علاقات الصداقة بين العاملين من كلا الجانبين. وقال وانغ سونغ، وهو مهندس في سينوبك عمل في ينبع أكثر من سنة، عن العلاقة مع السعوديين:» زملاؤنا السعوديون يعشقون الثقافة الصينية ونحن مهتمون بالعادات والتقاليد السعودية أيضا ونحترمها». وأوضح أنه «خلال عيد رأس السنة الجديدة الصينية في فبراير هذا العام، أقامت ياسرف فعالية للاحتفال به شارك فيها الزملاء السعوديون وعبروا عن تهانيهم بحرارة». وقامت الحكومة السعودية بتنظيم فعالية مماثلة للموظفين الصينيين بعد علمها باحتفالية الشركة. ووصف حسام الغامدي، مدير العلاقات العامة في «ياسرف»، العلاقة مع الزملاء الصينيين قائلا: «هم أشقاء ونهتم ببعضنا البعض، الشركة ليس مجرد مشروع تعاوني مشترك بل تجسد الاندماج الثقافي». ونوه رئيس «ياسرف» عبدالله السبيل، الذي عمل في الصين أكثر من 8 سنوات، إلى أن المشروع أبرز هدف السعودية لتطوير الصناعات وزيادة الإيرادات غير نفطية وخلق فرص العمل. وقال إن « سينوبك تمتلك مهارات وخبرات عالية في مجال التكرير وقدمت إسهامات هندسية متطورة وكبيرة لياسرف وهذا ساهم في سلاسة العمليات وزيادة مهارات وكفاءة العاملين». وخلقت «ياسرف» العديد من فرص العمل من خلال توظيف 1472 عامل 1114 منهم سعوديين. ومن جانبه، أكد نائب رئيس «ياسرف» تشو شين تشيان أن الشركة هي أكبر مشروع استثماري صيني في الشرق الأوسط وأول تعاون تجاري ل»سينوبك» في مجال التكرير خارج البلاد. وقال إن نجاح المشروع له أهمية إستراتيجية كبيرة بالنسبة للصين من حيث فتح أسواق خارجية جديدة في مجال خدمات التكرير والهندسة الكيميائية. صورة لموقع المصفاة الصينية السعودية بينبع وقد التقطت في 2 يوليو الماضي. موظف صيني وموظف سعودي وهما يعملان يوم 2 يوليو الماضي في المصفاة بينبع.