المرقش الأكبر واسمه عمرو بن عوف، هو أحد عشاق العرب وشعرائها وصاحب القصيدة المشهورة التي مطلعها: سَرى لَيْلاً خَيالٌ مِنْ سُلَيْمى فأَرَّقَني وأصْحابي هُجُودُ أحب ابنة عمه سلمى حيث تربيا سوية فلما كبرت عُزلت عنه، فخطبها من عمه فاشترطت عليه أمها مئة من الإبل، فذهب إلى أحد الملوك ومدحه بقصائد كثيرة فأعطاه وأغدق عليه، وفي غيابه زوجها أبوها على رجل من أغنياء العرب، فلما عاد المرقش لم يخبروه بالحقيقة وقالوا إنها ماتت، وكانوا قد ذبحوا كبشاً ثم دفنوا عظامه وقالوا إذا جاء المرقش قلنا هذا قبرها، فلما عاد ظل حزيناً يبكي عند القبر وينام بجانبه، وذات يوم كان هناك غلامان يلعبان بالكعاب وهي لعبة معروفة، فاختصما حول أحد الكعاب فقال أحدهم هذا كعبي أخذته من الكبش الذي ذبحوه ودفنوا عظامه، وقالوا إنه قبر سلمى! ففطن المرقش إلى ذلك، ودعا خادماً له وجارية وطلب منهما الرحيل إلى ديار سلمى، فحملاه على جمل، وقد مرض مرضاً شديداً لم يستطع معه الثبات علي المطية بسبب هيامه بسلمي فلما سار فترة طويلة اشتد به المرض، فوضعاه في غار ووضعا عنده طعاماً وتركاه، وصادف أن الغار لم يكن بعيداً من منازل سلمى، وذات يوم دخل راع ومعه أغنامه إلى الغار فرأى المرقش على حالته، ثم إن المرقش سأله من أنت؟ فإذا هو راع عند زوج سلمى، ثم إن المرقش سأل الراعي إن كان يرى سلمى فقال لا ولكنها ترسل خادمتها بإناء فأحلب لها فيه. فقال له: خذ خاتمي هذا فإذا حلبت فضعه في الإناء، وستنال مني خيراً كثيراً إن فعلت.. فلما عاد الراعي وضع الخاتم في الإناء، وحين شربت سلمى من الإناء قرع الخاتم سنها، فلما نظرت إليه عرفت أنه خاتم المرقش.. فأخبرت زوجها بذلك، وقالت هذا ابن عمي كما ترى ولا بد من إكرامه فذهبوا إليه وحملوه وأوقدوا النار لإكرامه وإطعامه، ولكن المرض قد تكاثف عليه وظل طيلة ليله يتحدث مع سلمى، وعند الفجر خرجت روحه ومات، فدفنوه هناك.. ويقال إن سلمى ماتت بعده بأيام فدفنوها بجواره.. هذه الحكاية بصرف النظر عن "أسطوريتها" تصلح نواة لرواية رائعة، وكم تمنيت أن أحداً من روائيينا المبدعين يتولى هذا العمل الجميل.