هناك اختراعات «ممكنة» تم التنبؤ بها في الماضي وظهرت في الحاضر؛ مثل غزو القمر، واختراع الطائرة، والأقمار الاصطناعية.. وهناك اختراعات «متوقعة» تم التنبؤ بها في الماضي، ويتوقع ظهورها خلال العشرين عاما المقبلة؛ مثل «السيارة الطائرة» و«استنبات الأعضاء» و«زراعة البحر» و«اختفاء العاهات الوراثية». وهناك اختراعات «مستحيلة» تم التنبؤ بها في الماضي، ولا أتوقع شخصيا ظهورها في المستقبل القريب.. هي مجال حديثنا اليوم.. فرغم أننا قرأنا عن هذه الأخيرة في روايات الخيال العلمي.. ورغم أننا شاهدناها في أفلام الخيال والفنتازيا، يستحيل إنجازها أو تطبيقها إما لمخالفتها مبادئ الفيزياء وإما لاعتمادها على تقنية لا يمكن توفيرها.. فأنا مثلا لا أتوقع اختراع آلة يمكنها السفر عبر الزمن، ليس لأن ذلك يخالف فقط مبادئ الفيزياء، بل يخلق مفارقات وجودية لا يمكن حلها «ففي فيلم العودة للمستقبل يسافر أحد المراهقين للماضي ليحاول تزويج والده بوالدته، والمفارقة هنا؛ كيف سيولد إن لم ينجح في تزويجهما؟».. كما لا أتوقع ابتكار صفائح مضادة الجاذبية، تجعل الأجسام تطفو أو تنطلق بذاتها «كما في رواية رحلة إلى القمر لجورج ويلز».. ولا أتوقع نجاح عمليات زرع الرأس في جسد جديد إن كان المقصود نقل شخصية وهوية الإنسان واستنساخ ذكرياته لجسد مختلف.. كما لا أتوقع نجاح تقنية التليبورت «نقل الأجساد عبر الأثير»؛ لأن ذلك يتطلب تفكيك الجسم البشري لذرات - ثم إعادة تجميعها على الجانب الآخر.. ورغم قدرة الطب على رفع متوسط أعمار البشر.. ورغم قناعتي بإمكانية عيشنا مستقبلا لمئتي عام، يستحيل تحقيق حلم الخلود؛ لأن جميع الخلايا الحية مبرمجة للشيخوخة والانهيار.. مهما أطلنا في عمرها.. الجميل فعلا؛ أن كل هذه التقنيات «المستحيلة، والممكنة، والمتوقعة» ظهرت أولا في روايات خيالية يعود بعضها للقرن الثامن عشر.. وهذا بحد ذاته يؤكد براعة أدباء الخيال في التنبؤ بالمستقبل، وتوجيهنا -هذه الأيام- لتحقيق أحلامهم على أرض الواقع.. .. وهذا ما أدعوه السفر عبر الزمن.