حين نراجع روايات الخيال العلمي القديمة نكتشف فيها نبوءات مدهشة عن انجازات تقنية تحققت في عصرنا الحاضر. خذ على سبيل المثال رواية (رحلة إلى القمر) للفرنسي جول فيرن وكيف تنبأت بتفاصيل الهبوط على سطح القمر قبل مئة عام من حدوثه فعلا.. أما الأديب البريطاني ج. ويلز فتنبأ في أكثر من رواية باختراع الهاتف والتلفزيون والقنبلة النووية ومكيف الهواء والاستنساخ وهندسة الجينات. ولكن من جهة أخرى؛ لاحظ أن نفس الأدباء الذين نجحوا قبل مئة عام بالتنبؤ باختراع الغواصة والجوال توقعوا أيضا عيشنا لأربع مئة عام واستعمالنا للسيارات الطائرة قبل نهاية القرن العشرين (وهو ما لم يتحقق حتى عامنا هذا 2012). أما الكاتب البريطاني آرثر كلارك (الذي تنبأ بظهور أقمار الاتصالات الفضائية) فتنبأ أيضا بظهور مدن فضائية تدور حول الأرض بحلول عام 2001.. ورغم ان فيرن الفرنسي تنبأ بالهبوط على سطح القمر إلا انه (في صلب روايته) يعزو هذا الإنجاز إلى اكتشاف مادة مضادة للجاذبية توضع تحت الأجسام فتجعلها تطفو بلا ثقل.. وهو ما لم يكتشف حتى الآن. أما كاتب الخيال الروسي أناتولي فارشافسكي فتنبأ جازما بانتقال البشر عبر موجات الأثير بمجرد دخولهم فى كبسولة زجاجية تحول أجسادهم الى جسيمات ذرية تنتقل عبر الامواج اللاسلكية (وهي الفكرة التي تحولت الى فيلم سينمائي بعنوان الذبابة)!! ومن النبوءات العلمية التي كان صعب تحقيقها هذه الأيام: استنساخ الديناصورات، والاختفاء عن الأبصار، والاتصال بكائنات فضائية، وبناء مدن تحت البحر، وإضاءة سيبيريا بمرايا عملاقة، واستيلاد العباقرة بهندسة المورثات، وإعادة الموتى بعد تجميدهم، وإمكانية تغيير الطقس، واستنساخ الانسان، واستعمار المريخ، وزراعة قيعان البحار، وظهور حكومة عالمية موحدة في نيويورك و و و... وبطبيعة الحال التنبؤ العلمي ليس حكرا على كتاب الخيال العلمي وحدهم؛ فحين اطلق الروس أول قمر اصطناعي (عام 1957) شعر الامريكان بالمهانة فأعلن الرئيس الامريكي جون كينيدي أن الامريكان سيحققون قصب السبق في الهبوط على القمر واكتشاف أول علاج للسرطان.. وقد افلحوا في الأولى وفشلوا في الثانية!! وفي بداية التسعينيات اجتمع قادة أوروبا (في مؤتمر يدعى يوريكا) لبحث سبل اللحاق بالركب العلمي في أمريكا واليابان وأعلنوا جملة من الانجازات العلمية التي يتوجب تحقيقها في أوروبا في العشرين عاما القادمة (واليوم تحقق جزء منها فقط)! وفي عام 1971 نشر المؤرخ "ألفين توفلر" كتابا بعنوان "صدمة المستقبل" حاول فيه التنبؤ بحالنا في القرن الجديد بعد عام 2000.. ورغم الحداثة النسبية للكتاب، ورغم توثيقه من خلال استفتاء خبراء مايزال معظمهم على قيد الحياة؛ ضم الكثير مما لم يتحقق هذه الأيام.. ففي هذا الكتاب نقرأ مثلا عن روبرت وايت رائد جراحة الأعصاب في امريكا الذي تنبأ أنه بحلول عام 2000 ستتاح زراعة "الرأس" ونقل أدمغة البشر (!)، وقال عالم الاحياء الدكتور روبرت سنشمير ان هندسة الجينات ستتيح في عام 2000 وقف الشيخوخة وإطالة العمر (!)، أما جين جاكوب رئيس شركة IBM للكمبيوتر فقال عام 2000 ستكون أجهزة الكمبيوتر قادرة على التفكير بنفسها بعد عشرة أعوام من الآن (وبطبيعة الحال لم يحدث شيء من هذا حتى عامنا الحالي 2012)!! ولأن التنبؤ العلمي ليس حكرا على كتاب الخيال العلمي، أدعوكم أنتم لطرح توقعاتكم - على موقع الرياض الإلكتروني - بخصوص أبرز التقنيات التي ستظهر مستقبلا اعتمادا على ما نعرفه ونستعمله هذه الأيام؟ فما هي توقعاتكم مثلا بالنسبة للآيفون 5 أو الجيل القادم للانترنت؟