هل أبدأ بعنوان مقالاتي الجديدة للرياض، أم أعود إلى" حوار" أول عنوان لأول زاوية يومية أكتبها في 1980 لصحيفة الشرق الأوسط، ثم "لماذا أكتب؟" في صحيفة الحياة، و "يا وطن" في مجلة الإعلام. "حوار".. كان اختياري بلا تردد لأول تجربة لي في كتابة المقال اليومي، عندما أبلغني الأستاذ عبدالله الجفري برغبة الناشرين في استكتابي في الشرق الأوسط،، وربما بإيعاز منه ومن الوالد محمد حسين زيدان رحمة الله عليهما. واقترحت أن أكتب مقالا قصيرا يوميا لأنني أنجز أفضل تحت الضغط. فطلب الناشران عينة من كتاباتي القصيرة. وشفع لي عدد من حلقات كنت قد كتبتها وسجلتها للبرنامج الإذاعي "وجهة نظر" على ما أذكر. وحصلتُ على الضوء الأخضر بالقبول. وولدت زاوية "حوار". وجاء "حوار" عنوانا طبيعيا لمقالاتي، لأنه جسّد أسلوبي في التفكير والتعبير. وتخيلته منصة للحوار مع قارئي، مواطنا ومسؤولا. ولم أدرك سر اختياري إلا في ارتباطه بسؤال آخر "لماذا أكتب؟" وأقتبس من مقدمة كتابي "نبت الأرض"، طبعته الثانية: (... وأتأمل وأنا أتساءل من جديد: لماذا أكتب..؟ أنا أعرف.. لن يكون لكلمتي معنى إلا إذا جاءت حوارا.. حوارا مع نفسي، مع القارئ، مع الكون، مع شخوص مختلقة من وحي الخيال.. نعم.. الآن أدرك أنني كي أكتب، وأعبر، وأفكر، وأنمي وعيي.. أحتاج إلى مُحاور.. ألهذا إذن كتبت، بحثا عن مُحاور! أأكتب كي أتنفس بعمق وليشاركني آخر دهشة الحرف وبوح العقل! وفي استعادتي لذاكرة الحوار كمقال يومي، أكتشف أني كنت في حوار وبحث دائم وتنقيب مع نفسي، تنقيب في طفولتي ونشأتي، وفي غربتي بين الماضي والمستقبل. أو كما تقول ليليان سميث كاتبة Killers of The Dream: "الكتابة عملية تنقيب وبحث أفقي وطولي") ويعاودني السؤال، لماذا أعود للكتابة الآن بعد انقطاع طويل، واختلاف الزمن واختلاف القارئ؟ هل أعود بحثا عن محاورٍ من هذا العصر؟ وهل يحسن إنسان هذا العصر غير الحوار مع الأجهزة الرقمية؟