في صبيحة يوم 21 سبتمبر العام 2014م، كان الشعب اليمني على موعد مع أبشع جريمة في تاريخه الحديث، إنها اختطاف دولته من قبل ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران ومحاولة طمس هوية اليمن؛ فكانت دماء المدنيين تسيل كالبحور، وعيون الأمهات الثكالى وأهالي الشهداء تفيض بالدموع، ونحيبهم يملأ الأجواء، وأجساد الأطفال والنساء معطوبة مبتورة بقذائف تسقط في كل مكان، وبراءة الطفولة يغتالها التجنيد، والوجوه تصبغها الدماء، والبطون ينهشها الجوع، والمدن المؤيدة للشرعية تئن تحت وطأة حصار الموت البطيء بالتعطيش والتجويع وانتشار الأمراض الفتاكة. وفي هذه الأثناء كانت المملكة العربية السعودية والعرب أمام مفترق طرق إما المواجهة أمام التحول الإقليمي أو ترك اليمن تتمزق، وتتحول إلى تهديد دائم لأمن مستقبل المنطقة العربية، ومن هنا كان ميلاد التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن بقيادة المملكة، الذي لبى استغاثة الشعب اليمني والحكومة الشرعية عبر تنفيذ عمليتي «عاصفة الحزم» و»إعادة الأمل»؛ لمساعدة اليمنيين في التصدي لوحشية ميليشيا الحوثي من بسط سيطرته. ولعل أبرز ما دفع المملكة للتحرك لنجدة اليمن هو عزمها القيام بضربة استباقية ضد النفوذ الإيراني بالبلاد، بعد استشعارها لمقدار الخطر الذي يتربص بالمنطقة، بعد الاتفاق النووي مع إيران الذي بموجبه قدمت الدول الكبرى تنازلات ضخمة لطهران مقابل توقف الأخيرة عن تطوير برنامجها النووي، الأمر الذي أتاح للنظام الإيراني التحرك بشكل أوسع في اليمن والمنطقة. ويبدو أن التحرك العربي لإنقاذ اليمن، قد أغاظ بعض الأطراف الدولية، بعدما جعلها تجر الخيبة بتعطيل خططها الداعمة للتوسع الإيراني والمدمرة لليمن والمنطقة؛ ليبرز التساؤول الأهم في هذا الاتجاه: «ما الذي كان سيحدث إذا لم يتدخل التحالف العربي في اليمن؟». كانت أهوال الشعب اليمني لتتضاعف تحت وطأة إجحاف ميليشيا الحوثي بممارساتها الشهيرة في الإبادة الممنهجة، وتجنيد الأطفال، واستخدام المدنين دروعاً بشرية، وزراعة الألغام، وآفته المذهبية واجتثاث الآخر بقوة السلاح والعنف المفرط، وانتشار الفوضى، وغياب الرؤية، ونهب وسلب الممتلكات العامة والخاصة، لولا تدخل التحالف العربي الذي ساعد الجيش الوطني اليمني في استعادة غالبية الأراضي اليمنية، وإنقاذ أرواح آلاف الأبرياء، وتأمين المياه الإقليمية، والعمل على حل الأزمة اليمنية وفق المبادرة الخليجية والقرارات الأممية. ميليشيا حزب الله جديدة نجحت المملكة في التصدي إلى تحويل ميليشيا الحوثي الإيرانية إلى حزب الله جديد داخل الأراضي اليمنية يكون ولاؤها الوحيد لإيران دون النظر للسيادة الوطنية اليمنية، في خطوة شديدة الأهمية بالنسبة لمستقبل اليمن الواحد، وتأمين العمق الاستراتيجي السعودي، ومنع تهديد أمن دول الخليج وبقية دول المنطقة. اختلال ميزان القوى يحسب لعاصفة الحزم أنها نجحت في منع اختلال ميزان القوى بالشرق الأوسط بعد التوسع الإيراني بالمنطقة، بل إنها عملت على ترجيح كفته صوب الدول العربية بعدما استطاعت قطع الشريان الإيراني باليمن، كما أنها استطاعت أن تعيد للعرب هيبتهم وكرامتهم التي حاولت إيران استباحتها بضمانات غربية، ومنعت الحصار الإيراني لدول الخليج. تحقق الحلم الفارسي تظل اليمن أحد أكبر أحلام الفرس، حيث يرونها بوابة الدخول للخليج وبقية دول المنطقة وفق أوهام الإمبراطورية الفارسية المزعومة، ولذلك قد شكل الدور السعودي باليمن ضربة موجعة للنظام الإيراني بعدما حطم أحلامها في البلاد، وقطع شريانها الحوثي المسموم، ليؤمن الجسد العربي، ويثبت أن سياسية المحافظة والاتزان السعودية الخليجية قادرة على التحول إلى المواجهة في حالة الخطر أو المساس بالأمن والاستقرار العربي. تهديد الأمن العالمي والملاحة الدولية تورطت ميليشيا الحوثي في استهداف ناقلات النفط الخليجية عند مضيق باب المندب، الأمر الذي كاد يتسبب بكوارث بيئية خطيرة بالبحر الأحمر، بسبب ما تحمله هذه الناقلات من شحنات نفطية ضخمة تكاد تدمر البيئة البحرية، إضافة إلى تهديد حركة الملاحة البحرية العالمية التي تمر عبر المضيق، لكن التدخل العسكري العربي استطاع أن يجنب المنطقة والعالم خطر التهديد الحوثي لحركة التجارة العالمية، وأن يؤمن هذا الممر البحري المهم بالنسبة لأمن العالم، وأن يزيل الألغام البحرية التي تنشرها إيران بين الحين والآخر في هذه المنطقة الاستراتيجية. اليمن مخزن سلاح استهدفت إيران منذ الوهلة الأولى تحويل اليمن إلى مخزن سلاح كبير يجعل البلاد مثل لغم موقوت ضد الشرعية اليمنية وبقية دول المنطقة، تستخدمه طهران في الوقت والمكان اللذين تحددهما ضد العرب، وهذا ما انتبهت إليه المملكة وقوات التحالف. انتعاش داعش والقاعدة لا يخفى على عاقل مقدار الدعم الذي قدمه النظام الإيراني لجميع التنظيمات الإرهابية في العالم وأبرزها تنظيما القاعدة والإخوان ثم داعش في السنوات القليلة الماضية، لدرجة أصبحت فيها طهران حاضنة للإرهابيين من مختلف أنحاء العالم، وهو ذات الأمر بالنسبة للأجندة الإيرانية في اليمن فإلى جانب دعم الحوثيين، خططت إيران لإنعاش تنظيمي القاعدة وداعش وتقويتهما مع الحوثي كمثلث شر لتهديد دول الخليج، وتنفيذ عمليات إرهابية في العمق العربي، وجعلهم شوكة في طريق استعادة اليمن. رواج الجرائم وتجارة المخدرات نجحت عملية عاصفة الحزم في قطع الطريق على النظام الإيراني في نشر جرائم الإتجار بالمخدرات وغسيل الأموال على غرار حزب الله اللبناني الذي يوفر منها 200 مليون دولار سنوياً، فلولا هذه العملية لاستغلت طهران الحدود اليمنية المهمة؛ لجعل البلاد منطلقا لازدهار هذه التجارة، وجعل البلاد حلقة وصل بين الشرق والغرب، وتوفير مصدر مادي مهم لجعل الميليشيا الحوثية قادرة على البقاء. تحكم الخونة والعملاء كانت الأجواء قبل العملية العسكرية باليمن تشير إلى تصدر الخونة والعملاء للمشهد العربي أمثال زعيم ميليشيا حزب الله اللبنانية حسن نصر الله وغيره ممن أثبتوا عمالتهم لإيران، وبيعهم للعروبة أمام شعوب المنطقة، بعدما اعترضوا على تلبية التحالف العربي لاستغاثة اليمنيين، وأرسلوا أتباعهم للوقوف بوجه قوات التحالف. انتشار الجوع والأمراض بتتبع ممارسات ميليشيا الحوثي يبرز للمشهد تجاهلها التام لمصالح الشعب اليمني وتجاهل احتياجاته، بل ونهب جميع مقدراته وكذلك البنوك الوطنية، في المقابل جاءت عاصفة الحزم ليس فقط بالعمليات العسكرية التي استهدفت مجرمي الميليشيا الحوثية لكن بتوفير الشحنات الإغاثية اللازمة لليمنيين المتضررين من جرائم الحوثيين، والتي بلغت عشرات المليارات من الدولارات، وشملت مختلف مناحي الحياة بالبلاد. وباتت المملكة بمثابة الدرع والسيف للشعب اليمني ضد إيران وذراعها الحوثي، هذا الشعب العربي الذي أثبت بالتفافه حول المملكة وصموده أنه لا قوة تستطيع أن تجبره على الانسلاخ من هويته، وأنه ماض في استعادة دولته من الميليشيا الانقلابية التي ترفض جميع الحلول السياسية. Your browser does not support the video tag.