ردت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، هيذر نويرت، على إعلان المرشد الإيراني، علي خامنئي، رفضه عرض التفاوض الذي قدمه الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب. وقالت نويرت خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة واشنطن، أمس الأول: إن«الولاياتالمتحدة ستقف بحزم ضد سياسات إيران وأنشطتها الخبيثة». سياسة واضحة وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية أن حكومة الولاياتالمتحدة أعلنت بوضوح سياساتها حيال إيران، وملتزمة بها بشدة، وليس من المفترض أن ترد على تصريحات كل مسؤولي الحكومات حول العالم. وقالت نويرت: «نحن قلقون من استمرار السلوك السيئ لإيران في العالم، مؤكدًة أن الولاياتالمتحدة ليست البلد الوحيد، الذي شاهد هذا السلوك وتضرر منه وقلق من استمراره، بل إن الدول الأخرى لديها نفس الموقف». وكان المرشد الأعلى للنظام الإيراني، علي خامنئي، رفض في خطاب له، الإثنين الماضي، العرض الأمريكي بالتفاوض مجددا، معبرا في الوقت نفسه عن ندمه من المفاوضات السابقة، التي أدت إلى إبرام الاتفاق النووي عام 2016، مستبعدا حدوث مواجهة مع الولاياتالمتحدة. وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مراراً وتكراراً، أن إيران انتهكت الاتفاق من خلال تطوير برنامج للصواريخ الباليستية، ومواصلة سياساتها المخربة في الشرق الأوسط، ونقضت روح عام 2015، وبذلك أعلن انسحاب الولاياتالمتحدة منه في مايو الماضي، وأعاد جميع العقوبات، التي كانت إدارة أوباما قد رفعتها عن طهران. توسع الاضطرابات وما زالت الاضطرابات الداخلية تتوسع في إيران، وبخاصة بعد إعادة واشنطن تطبيق العقوبات الاقتصادية على نظام طهران، وأدت الأحداث المتلاحقة إلى اهتزاز نظام الملالي، الذي أخذ يترنح على وقع انتفاضة الداخل والحصار الخارجي. ويرى رئيس تحرير وكالة تُستَر الأحوازية، قاسم المذحجي، أنه وعلى الرغم من أن نظام الملالي يمارس القمع المفرط بحق المتظاهرين، إلا أن الاحتجاجات والاعتصامات وإضراب البازار في إيران ما زالت مستمرة بشكل واسع فِي عموم البلاد، كما يزداد عدد المتظاهرين يوما بعد يوم، فيما ارتفع سقف المطالب إلى الأعلى مناديا بإسقاط النظام ومحاكمة مرشده الأعلى علي خامنئي. أسوأ السيناريوهات وأضاف قاسم المذحجي: إن إيران مقبلة على أسوأ السيناريوهات، فمن الواضح أن النظام لا يستطيع الصمود أمام العقوبات الاقتصادية والسياسية التي فرضتها عليه الولاياتالمتحدة، سعيا منها إلى إجبار النظام على تغيير سلوكه في المنطقة، الذي وصفته الحكومة الأمريكية ب«الخبيث»، فبعد مرور أسبوع واحد من تطبيق العقوبات الاقتصادية بحزمة أولى طالت القطاعين المالي والتجاري، انهارت العملة الإيرانية إلى أدنى مستوياتها خلال العقود الأربعة الماضية، كما تأثر القطاع الصناعي بشكل كبير بسبب هذه العقوبات، وأدى ذلك إلى ارتفاع معدل البطالة. ومع أن الاتحاد الأوروبي أعلن عن حماية للجهات الاقتصادية الأوروبية الناشطة في إيران، إلا أن العديد من الشركات التي كانت تنشط هناك، توقفت عن نشاطها الاقتصادي، من ضمنها مجموعة «دايملر» الألمانية لصناعة السيارات، إذ أعلنت في اليوم الأول من تطبيق العقوبات الأمريكية، عن توقيف أنشطتها التجارية في إيران. ومنذ سريان العقوبات، انسحبت 105 شركات عالمية من الأسواق الإيرانية. وشهدت الأسواق في إيران موجة ارتفاع في أسعار بعض أنواع الأغذية بأكثر من 63%؛ وهو ما دفع المواطنين الإيرانيين إلى التظاهر في عموم البلاد احتجاجا على ارتفاع الأسعار وسوء الأوضاع المعيشية. مغادرة الشركات من ناحيته، أشار طه الياسين نائب رئيس المنظمة الأوروبية الأحوازية لحقوق الإنسان إلى أنه وعقب إعلان الولاياتالمتحدة تطبيق الحزمة الأولى من العقوبات على طهران، بدأت أكثر من 100 شركة عالمية بمغادرة السوق الإيرانية، خوفا من العقوبات الأمريكية. وتعمل غالبية الشركات التي غادرت إيران في قطاعات الطاقة والسيارات والحديد والبترول، وهي قطاعات مهمة للغاية، وحاولت طهران إقناعهم بالبقاء، إلا أن الشركات أعلنت رغبتها بالمغادرة، كما أعلنت عدة شركات بشكل علني رغبتها بإنهاء جميع أعمالها ومغادرة إيران، ومنها Daimler وPeugeot وRenault وTotal وSiemens وشركات أوروبية أخرى. الحزمة الثانية وأوضح طه الياسين أن الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية الاقتصادية التي ستطبق في شهر نوفمبر، ستكون أعظم، وستستهدف قطاعات عديدة، وستشكل تهديدا كبيرا للاقتصاد الإيراني، الذي انهار قبل بداية تطبيق الحزمة الثانية، كما ألقى الضوء على العقوبات التي بدأنا نلمس آثارها حتى قبل انطلاقها كاملة، فنرى الشارع الإيراني يشهد انتفاضة الجوع حتى وصلت والتحمت بانتفاضة العطش في الأحواز المحتلة، والآن نشهد انهيار العملة الإيرانية مقابل الدولار الأمريكي، كل هذا يعطي مؤشرا واحدا، هو أن نهاية نظام الملالي اقتربت جدا. وزاد: اللافت أن التلويح بحزمة ثانية من العقوبات في نوفمبر المقبل على قطاعي النفط والغاز، بالإضافة إلى البنك المركزي الإيراني، صار سببا لقيام العديد من التجار في إيران بادخار الدولار، وأيضا بازدياد حالات الغليان في الشارع، حيث أمسى الناس يجمعون المؤن خوفا من تدهور أوضاعهم أكثر في ظل العقوبات الكبيرة القادمة. ضغوط متواصلة وفي السياق، وبعد مرور حوالي الأسبوعين على العقوبات، يؤكد سعد الكعبي رئيس المكتب الإعلامي لمنظمة حزم الأحوازية أن الأوضاع ستزداد سوءاً، وسيزداد الضغط على حكومة طهران، ورأى أن النظام في طهران غير قادر على مواجهة تلك العقوبات والضغوط، سواء الداخلية أو الخارجية. وتوقع الكعبي أن تؤدي العقوبات إلى أمرين لا ثالث لهما، إما أن ينصاع النظام إلى اتفاق نووي جديد مع الولاياتالمتحدةالأمريكية والموافقة على شروطها ال12 التي صرح بها وزير خارجية أمريكا «بومبيو»، أو أن يواجه مزيداً من العقوبات، وبالتالي سيتفاقم الوضع، وسينهار النظام أمام حجم الضغوطات الداخلية والدولية. وتوقع كذلك عدم موافقة حكومة الملالي على اتفاق نووي جديد؛ لأنها تعلم تماماً أن أي شرط يقوم على سحب ميليشياتها أو توقفها عن دعم الإرهاب، سيفضي إلى إضعافها وسقوطها، والسبب هو أيديولوجية النظام العقائدية ذات المشروع التوسعي، فهو لا يستطيع العيش والاستمرار دون خلق الأزمات والتدخل في شؤون دول المنطقة.