أليست القراءة واحدة والكتابة واحدة؟ وإن اختلفت طرقهما وأساليبهما، وهل تغيرت متعة القراءة والكتابة واختلفت الفائدة منهما؟ في رحلة الكلمة، ومُنذ أن اكتشفت أبجدياتها الأولى سواء أكانت المكتوبة على الأحجار أو الجلود قديماً، أو التي تكتب على الأوراق حديثاً، ووصولاً إلى صيغتها الحالية، وهي المخزنة على الشرائح الإلكترونية. إن الكلمة في حقلها المعرفي أو في دلالاتها هي الأكثر شمولاً بمفهومها الوجودي، هي نفسها لم تتغير مهما كان الحامل المعرفي لها، فبالقراءة حياة أخرى، فهي غذاء للروح والعقل، وارتقاء بالفكر، وهي تمنح الإنسان آفاقاً من العلم والمعرفة. وفي ظل الثورة المعلوماتية وما يشهده العالم في هذا القرن، الذي تحول معه الكتاب في شكله الورقي المعهود إلى شكله الإلكتروني، وانتشاره انتشاراً واسعاً بين القراء والكُتاب، وبخاصة مع التقدم التقني، ووجود الأجهزة الحاسوبية المكتبية منها والمحمولة، وانتشار الأجهزة الذكية كالآيباد والآيفون وغيرها من وسائل التقنية الحديثة. لقد أصبحت المعارض العربية التي تقام «للكتاب» في كثير من العواصم العربية، والتي تهتم دور النشر المشاركة فيها بأجنحتها، التي تعرض فيها للصغار والكبار على حد سواء، ويوزع فيها أقراصاً مدمجة للكتاب الإلكتروني، وبعضها يوزع الكتب الورقية مصحوباً معها أقراص مدمجة للكتاب الإلكتروني بحسب ما يرغب الزائر والقارئ الكريم، ولا شك أن لكلا النوعين من الكتب الورقية أو الإلكترونية فائدته ودوره ومزاياه. يُجمع كثير من رواد تلك المعارض على أن العلاقة بينهما علاقة تكاملية، لا علاقة تنافسية، والمتتبع لهذه العلاقة لا يجد اختلافاً كبيراً، إذا لم تعد المشكلة ولم تتوقف عند مجرد المقارنة بينهما، بل أصبحت المشكلة في القراءة نفسها، وذلك أمام التراجع الهائل والمرعب والمخيف عن القراءة والاطلاع، حتى باتت الأرقام والنسب في حجم القراءة مفزعة وملحوظة بشكل لافت للنظر. لقد كانت معجزة القرآن الكريم - وهو كلام الله سبحانه وتعالى - أعظم وأسرع نقلة حضارية في تاريخ البشرية، فاستطاع الخطاب القرآني أن ينتقل بها من إنسان الجاهلية البسيط إلى مركز العالم وسيده، وكان سر هذا الإنجاز هو كلمة «اقرأ»، وهو شعار الحضارة الجديدة، التي تشمل القراءة التقليدية، واندثرت مخالفة ذلك لتصبح أمة اقرأ.... أمة لا تقرأ. وقفة: يقول المتنبي: «أعز مكان في الدنيا سرج سابح... وخير جليس في الزمان كتاب». Your browser does not support the video tag.