قبل أيام من تطبيق المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية على طهران، والمقرر لها الرابع من نوفمبر المقبل، استبق نظام الملالي، تلك المرحلة بإحداث تعديلات وزارية، شملت عددا من وزراء المجموعة الاقتصادية في الحكومة. كان اللافت في تلك التعديلات هو تغيير وزير الاقتصاد، وتعيين فرهاد دج بسند، الذي يعتبره الكثيرون على أنه من التكنوقراط، وذلك في خطوة يعدها نظام الملالي تخفيفا من حدة الأزمات الاقتصادية التي تتعرض لها طهران، على خلفية الأداء الاقتصادي السيئ، والسياسات الخارجية الخاطئة، والتي تتفاقم أزمتها مع تطبيق المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية. وكان عدد من أعضاء البرلمان الإيرانى، قد وجهوا انتقادات حادة لوزير المالية السابق مسعود كرباسيان، واتهم عدد من الأعضاء الوزير بالعجز عن إدارة الاقتصاد ووضع سياسات إنقاذ، ودعوه للمثول أمام البرلمان، الذي فشل الوزير في الدفاع أمامه عن سياساته الاقتصادية، التي أدت إلى تصاعد حدة الاحتجاجات في مختلف أنحاء إيران، بسبب غلاء المعيشة، وتدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل عام، والتي كان من نتائجها توحش الغلاء، وانتشار الكساد، الذي طال قطاعات مهمة، تتعلق بالسلع الأساسية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاعات غير مسبوقة في الأسعار، وعزوف المستهلكين عن الشراء، بسبب التضخم الناتج عن ارتفاع الأسعار ونقص الدخول. ثم كانت المرحلة الأولى من العقوبات الأميركية على إيران، والتي أدت إلى مزيد من التدهور الاقتصادي، الذي خلف سلسلة من الاحتجاجات والتظاهرات، التي انتهت بصدامات مع أجهزة الشرطة، والتوسع في حملة اعتقالات واسعة النطاق. ومن المقرر أن تلجأ واشنطن إلى المرحلة الثانية من العقوبات المفروضة على طهران، والتي تتمثل في الصادرات النفطية، والقطاع المصرفي، مما يزيد من حدة الأزمة الاقتصادية في طهران، ليصبح نظام الملالي بين سندان الاحتجاجات الداخلية، ومطرقة العقوبات الأميركية، ويحيط ذلك كله سياسات خارجية داعمة للإرهاب، والميليشيات المسلحة. وإذا كان نظام الملالي يتصور أن التعديلات الوزارية على المجموعة الاقتصادية، من الممكن لها أن تخفف من وطأة الأزمات الاقتصادية، داخليا وخارجيا، فإنه بذلك يكون مخطئا، نظرا لافتقاده للسياسات الاقتصادية طويلة الأجل، سواء من الناحية الاقتصادية، أو حتى من الناحية السياسية، التي تمثل الوجه الآخر للسياسات الاقتصادية، وذلك لاعتماد إدارة الاقتصاد في البلاد، على سياسات قصيرة الأجل ومرحلية، وهو الأمر الذي أكده عباس آخوندى، وزير النقل والعمران الإيراني السابق، الذي استقال من منصبه، والذي وصف حكومة روحاني، بأنها لا تخطط وفقا لنظريات اقتصادية محددة تتعلق بالاقتصاد الكلي، كما وصف أسلوب الحكومة، ووفقا لما نقلته عنه صحيفة "دنياى اقتصاد" الإيرانية، بأنه يفتقد إلى التخطيط الاستراتيجي، الذي يمكن معه الحد من تصاعد الأزمات الاقتصادية، التي تعاني منها إيران في الوقت الحالي. هكذا يحاول نظام الملالي مواجهة الأزمات الاقتصادية، التي تتصاعد على كافة الأصعدة الداخلية والخارجية، غير أن سياساته تؤكد أنه لا بالتغييرات الوزارية، والإصرار على سياسات فاشلة، يمكن تجاوز الأزمة، وإنما تجاوزها في حاجة إلى علاقات خارجية متوازنة، تكون خالية من سياسات دعم الإرهاب، والعمل على تهديد السلم والأمن الدوليين. Your browser does not support the video tag.