أصبحت الرياضة حاضراً صناعة، لذا لم تعد متابعتها مقتصرة فقط على الرياضيين، فهناك آخرون ليسوا في الوسط الرياضي، وأصحاب مسؤوليات ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها ويتابعون تفاصيلها. تكشف البطولات الكبرى لكرة القدم عن التفاتة رجال السياسة والثقافة إلى ذلك المعشب الأخضر الجذاب، فيتحول رجال الصف الأول في البلدان مع المثقفين في لحظات إلى مشجعين من الدرجة الأولى في مدرجات الملاعب أو مهتمين خلف الشاشات الفضية. يحضر الكثير من الساسة والمثقفين إلى مدرجات الملاعب خلف منتخبات الوطن، «دنيا الرياضة» تكشف الوجه الكروي لغير الرياضيين، عبر هذه الزاوية التي تبحث عن رؤيتهم للرياضة، وتبحث عن المختصر الرياضي المفيد في حياتهم وضيفنا هو: أستاذ تقنية المعلومات بجامعة الملك سعود د. عبدالرحمن بن فهد المطرف. * إذا ذكر اسم أسرة آل مطرف وردت مع ذكره أمور عدة، التاريخي منها والمرتبط بالدولة السعودية منذ نشأتها، وكذلك السمعة الرياضية والأدب والشعر، فلعلك تسلط الضوء على هذه الجوانب المهمة أولاً؟ o ارتبط اسم آل مطرف بحمل راية التوحيد، وقد أكرمنا الله بحمل هذه الراية «البيرق» منذ عهد المؤسس - رحمه الله - الذي شرفنا بحملها ورعايتها، فقد حملها جدي عبدالرحمن حتى توفي - رحمه الله - ومن بعده أبناؤه منصور ومطرف، ومن بعدهم أبناؤهم وأحفادهم، وهي الآن في يد ابن العم غالي بن عبدالرحمن بن منصور وفقه الله. أما ما يخص الرياضة فقد كان لنا شرف احتضان أقدم ملاعب كرة القدم في مدينة الرياض «ملعب الباطن» الذي كان في حلّة آل مطرف وفي أراضيهم الواقعة في باطن الرياض قبل انتشار العمران الذي قضى على ميادين الترفيه، وقد تخرج من هذا الملعب جل اللاعبين من الجيل الأول الذين منهم على سبيل المثال لا الحصر: محمد بن مطرف، زيد بن مطرف، راشد بن مطرف «وأبناؤه»، إبراهيم الشايب، سعد أبوهاشل، فهد أبوهاشل، وغيرهم كثير، وبخصوص الأدب والشعر فقد مَن الله علي بأن أكون في مجتمع وبيئة تحث على الشجاعة والكرم وحب معالي الأمور وسعة الاطلاع والقراءة فقد كان أعمامي ووالدي أهل شعر بطبيعتهم غير المتكلفة، ولذلك تعلقت بالأدب والشعر في صغري، وأذكر أن أول أبيات شعر كتبتها كنت في الصف الخامس الابتدائي ولك أن تتخيل ما بعدها، حيث مازلت أقرض الشعر قراءة وكتابة وإلقاء. o لماذا توجهت في دراساتك إلى نظم وتقنية المعلومات في حين أن ميولك الأدبية كانت قد تشكلت في سن مبكرة كما ذكرت؟ o كما ذكرت أنا من محبي القراءة والاطلاع ومعرفة الجديد في مناحي الحياة بالإضافة إلى ارتباطي الوظيفي الأول بالعمل في مركز المعلومات الوطني الذي هو نواة التقنية وكافة خدماتها الرقمية قبل أكثر من 25 سنة كل ذلك دفع بي إلى التخصص والتعمق في مجالات نظم المعلومات حيث يسر الله لي الدراسة في الخارج للحصول على دراساتي «من البكالوريوس إلى الدكتوراه» في هذا المجال. * أين تجد نفسك بين الشعر والتقنية والرياضة؟ o علاقتي بالرياضة كمتابع ومشجع ولاعب لم تنقطع بحمد الله، ومازلت أحافظ على هذا التوازن من غير إفراط ولا تفريط علماً أني من أشد المعارضين للتعصب الرياضي، أما التقنية فهي شربي وزادي ووجبتي اليومية كوني أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، وأقوم بتدريس عدد من مقررات تقنية المعلومات والاتصالات، بالإضافة إلى أنها مجال بحثي ودراستي المستمرة. وفيما يخص الأدب والشعر فهو متنفسي وراحتي الفكرية حيث أتابع المستجد وأتفاعل مع واقعي كما ينبغي. * فن الإلقاء صفة لازمتك حتى إنه إذا ذكر اسم الدكتور عبدالرحمن المطرف تبادر للذهن ذلك الصوت الشجي فما سر العلاقة؟ o عشقي للشعر كما ذكرت كان من صغري ولقناعتي أن الشعر والتراث في الجزيرة العربية مسموع أكثر منه مدون أو مكتوب لذا كنت أحب سماعه من مصادره، وكنت من المعجبين بمدارس فن الإلقاء الراقي وأصحاب القدرة التأثيرية على المتلقي، وقد أصبت بهذه العدوى الجميلة من صغري فصرت أمارسها ليس فيما أكتبه فقط بل ما يعجبني من كتابات الآخرين ولهذا انتشرت بعض الدواوين الصوتية. زاملت القروني والجعيثن * مارست كرة القدم بنادي الرياض سابقاً، كيف تقيم التجربة؟ * نعم مارست لعبة كرة القدم بشكل متقطع في نادي الرياض فترة المغفور له بإذن الله عبدالعزيز بن حمد حين كان يدرب الفريق الفترة ما بين 1403 و1407 تقريباً، أذكر آنذاك كان من اللاعبين بندر جعيثن وخالد القروني وسلطان الدوس ومحمد القعيضب وسدوس والضعيان ومجموعة لا يتسع المقام لذكرها. o هل كتبت أبيات شعرية في الرياضة لنادٍ أو لإنجاز وطني؟ * لي في الوطن وحب الوطن كتابات وأبيات ومشاركات أما الرياضة فلم أكتب إلا مؤخراً في مجاراة لشاعر كان بينه وبين والده حوار جميل فكان لي تعليق لعلي أذكره هنا وإن كان يكشف عن ميولي الهلالية فلا بأس: يا (راجح) ابدعت في رسم اجمل الصوره حِسْن وتغنى به القاصى مع الداني يا مطلع الشمس فاح الورد وزهوره والنور يختال لوشلت اعذب الحاني مع صوتك العذب يا (راجح) سما نوره واللون الازرق هواي وسامي الواني سلم على الوالد الغالي وانا اشوره يختار الاول (زعيم) الكون، لا الثاني * ماذا عن آخر عمل فني لك؟ * آخر أعمالي الصوتية كانت قصيدة «الرجال الأولين» تحكي قصة الرجال الأوائل الذين عاركوا الحياة وتعبوا فيها وذاقوا الجوع والعطش فبنوا لنا مجداً وصرحاً ننعم فيه ونتقلب في الخيرات فجزاهم الله كل الخير، أنصح الكل بسماعها هي من تأليف الشاعر نايف أباالعون. أما آخر كتاباتي فقصيدة بعنوان «ريشة الفنان» وهي مسجلة صوتياً أيضاً، ومعظم أعمالي موجودة على منصاتي الخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي. * هل ترى أن ثمة علاقة تجمع الرياضة بالتقنية؟ o التقنية اليوم أصبحت حجر الأساس في كل أمورنا الحياتية سواء الأعمال المهنية أو الاهتمامات والهوايات بكافة أنواعها، فالعلاقة بلا شك وثيقة ومتجذرة، أقل أشكال العلاقة أن التقنية أصبحت وعاء النشر والتوثيق والتحليل والأرشفة الإلكترونية لكافة الأحداث والفعاليات الرياضية. إضافة إلى استخدام أنماط التقنية في بناء الواقع المعزز والواقع الافتراضي خصوصاً في أعمال التدريب والتأهيل ولعل الألعاب الإلكترونية أقرب مثال لذلك. ثقوب سوداء * السوشيال ميديا هل أضافت للرياضة، أم أنها فقدت المتعة معها؟ * أعتقد أن قنوات وبرامج التواصل الاجتماعي غيرت الكثير من المفاهيم في المجتمعات العربية حتى أعادت تشكيل الثقافة العربية بالجملة والثقافة الرياضية بالخصوص، ولا شك أنها أضافت المتعة والتشويق ورفعت حجم التأثير وكمية المتابعة لدى كثير من المهتمين، ولكنها في الجهة الأخرى أسهمت في خلق ثقوب سوداء «سلبية» في نسيج المجتمع الرياضي الذي كان أقرب إلى الاعتدال برغم عصبيته النسبية سابقاً فلم يعرف في مجتمعنا الرياضي سابقاً هذا التراشق غير الصحي بين رموز الرياضة وأعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دور الإعلام الموجه في هذا الجانب ولكن بالعموم فالإيجابيات أكثر بكثير من السلبيات ويعود ذلك إلى حجم الوعي المجتمعي وثقافته الأصيلة. o كيف تستفيد الأندية ومراكزها الإعلامية من تطبيقات الهواتف الذكية؟ * الأندية الرياضية لدينا هي الأقل استفادة من التقنية والأكثر بعداً عن التعامل معها فلم نسمع أن أحد أنديتنا الرياضية قد سارع في احتضان التقنية أو ساهم في تطوير أي من منتجاتها التي تخدم الرياضة وعشاقها علماً أن التقنية هي إحدى أهم وسائل التواصل الجماهيري وتعتبر أحد مصادر الربح السريع والمشروعات التقنية الرياضية لها عوائد مجزية لو أن أنديتنا الرياضية تعاملت مع الأمر بحرفية. منتج ربحي * التقنية والرياضة هل هناك عامل مشترك بينهما؟ * التقنية أصبحت رقماً أساسياً في أي معادلة حياتية وهي إحدى أهم ركائز المجتمع المعرفي الذي نطمح إليه في رؤية المملكة 2030، الأندية الرياضية لو تعاملت مع التقنية كمنتج ربحي لقدمت لجماهيرها خدمات لا يمكن حصرها.. ولعل أحد من المهتمين أو المسؤولين عن الرياضة في المملكة أن يوجه باحتضان الأندية الرياضية للكفاءات التقنية وصناعة التميز الرقمي الرياضي من خلال مبادرة وطنية رياضية. * هناك أندية تبرم صفقاتها مع محترفين لم تشاهدهم إلا من خلال لقطات الفيديو؛ هل توافقني أن هناك خدعاً تقنية تصنع نجوماً وهميين؟ * النادي الذي يتعاقد بهذه الطريقة قد خسر النتيجة والجمهور، وكذلك قيمة العقد، أشفق على جمهوره. المدن الرياضية الذكية * هل هناك تقنية تنقصنا وتود أن تشاهدها تقتحم رياضتنا؟ * أعتقد أن مفهوم المدن الرياضية الذكية يلزم أن يكون بكافة تفاصيله التقنية حاضراً في أي من المشروعات الرياضية المقبلة. o تقول: المدن الجامعية الذكية خيار المملكة لبناء تعليم معرفي ناجح، هل من الممكن أن تكون أيضاً الأندية كذلك؟ * نجاح أي مجتمع أو أمة بحجم المعارف التي تمتلكها وتستطيع من خلالها بناء مستقبلها، والأندية الرياضية في مجتمع 60 % منه شباب يوجب علينا أن نكون أكثر اهتماماً بهذا الجيل المتطلع، هذا الجيل الذي يقضي أكثر وقته مع التقنية «تجاوز استخدام الشاب السعودي للتقنية العشر ساعات يومياً»، الأمر الذي يوجب علينا أن نقدم له وجبة معرفية رياضية ذات تأثير إيجابي تصنع منه مواطناً رقمياً رياضياً صالحاً، ونعود إلى أن الأندية قد تلعب دوراً مميزاً في هذا الشأن. * بعد نجاح مكتبة «نون الرقمية» التي كنت مشرفاً عليها، هل أنت مع وجودها بمقرات الأندية ليستفيد منها الشباب؟ * أعتقد يقيناً بأن محاضن الأندية التي تعتبر ثقافية قبل أن تكون رياضية ينبغي أن تكون مراكز جذب وتهذيب وتدريب واحتواء الشباب والعقول والكوادر ومراكز بناء الفكر الشبابي المعتدل الذي يخدم رؤية المملكة 2030 وتوجهاتها المستقبلية، والتحول الرقمي الذي هو صناعة المستقبل قد يكون له مصانع متعددة في الأندية الرياضية، فلو أن كل نادٍ رياضي أشرف على نموذج مطور لأكاديمية المستقبل الرياضي، وتم استقطاب أعداد محدودة من الكوادر السعودية الشابة المميزة في كافة المجالات الرياضية وليس كرة القدم فقط، لزرعنا مستقبلنا الذي سنجني ثماره غدًا بإذن الله. البطاقة الحمراء لكل مقصر بحق الوطن.. وتغنيت بالرجال الأولين * يقال: إن مساحة الحرية في الكتابة الرياضية أكبر منها في الشؤون الأخرى إلى أي مدى تقنعك هذه المقولة؟ * هذه حقيقة نسمعها ونراها ونعيشها وهذا سقف عالٍ من الإيجابية ينبغي الاستفادة منه. o الشهرة عالم، كيف يمكن أن تكون شهرة اللاعبين طريقاً لتكريس السلوك الحضاري في حياة النشء؟ * عالم الشهرة والمال والنجومية ولفْت الأنظار نعمة قد استفاد منها الكثير من اللاعبين في حياتهم الخاصة، ولكن وللأسف لا أرى العائد أو المردود المجتمعي لهَؤُلاءِ اللاعبين القليل منهم فقط الذي قدم للمجتمع خدمات مستحقة مقابل ما تحصل عليه منهم. o «العقل السليم في الجسم السليم» عبارة نشأنا عليها رغم خطئها؛ فكم من شخصية عبقرية لا تمتلك جسداً سليماً !! باختصار نريد منك عبارة رياضية بديلة لجيل المستقبل؟ * العبارة في معناها صحيحة ولعلها تقال بعبارة أخرى وهي: «بصحة الأبدان نبني الأوطان» أسرتي احتضنت ملعب الباطن أنديتنا مقلّة في استخدام التقنية وسأزور محيط الرعب قريباً الرياضة والثقافة * هل ترى أن الرياضة ثقافة، وإن كانت كذلك فكيف نتعامل مع تلك الثقافة على الوجه الأكمل؟ * لا بد أن نعي وندرك أن الرياضة هي فكر وثقافة وأن التعامل معها لا بد أن يكون بشمولية وأن تكون التربية الرياضية والثقافة الرياضية والفكر الرياضي مدارس نعبر من خلالها إلى مجتمع صحي رياضي راقٍ في كل شؤونه ومناحيه: البيت، المدرسة، المجتمع؛ هذا المثلث المحيط بنا وبأبنائنا وبناتنا لا بد أن يكون حاضناً إيجابياً للفكر الرياضي الراقي من خلال برامج توعوية تشرف عليها جهات مختصة ومعنية بالرياضة كالهيئة مثلاً والأندية وغيرها من الجهات. o في نظرك هل الرياضة تجمع أم تفرق؟ ولماذا؟ * الرياضة إذا قدمت للمجتمع على أنها فكر وثقافة وتطوير تكون جاذبة وتسهم في الرقي والتقدم وتكون إيجابية. أما إذا كان التنافس فيها غير أخلاقي وانخفضت فيها معايير الاحترام المتبادل والتقدير فلا شك أنها تفرق وقد تخلق أمراضاً مجتمعية مزمنة وهي أكبر مغذٍ للعصبية العنصرية الرياضية. حرية الطرح الرياضي سقف عالٍ ينبغي الاستفادة منه لعبت للرياض وميولي للبحر الأزرق الهادر * هل سبق أن أقدمت على عمل وكانت النتيجة «تسللاً» في لغة كرة القدم؟ o لحسن حظي أني لعبت في مركز الظهير الأيمن ولم أجرب التسلل قط بل كنت من ينصب مصيدة التسلل. * بين البحر الأزرق الهادر وأشعة الشمس أين تجد ميولك الرياضية؟ o البحر الأزرق الهادر كما ذكرت. * بمعيار النسبة المئوية ما نصيب الرياضة من اهتماماتك؟ o القدر الذي يكفي لأستمتع بها ولا أفرط ببقية التزاماتي الأخرى. * متى كانت آخر زيارة لك للملاعب الرياضية؟ o قبل سفري للدراسة في الخارج ولعلي أزور «محيط الرعب» قريباً. * لمن توجه الدعوة من الرياضيين لزيارة منزلك؟ o اللاعب الخلوق الدكتور خالد الدايل واللاعب المشاكس الفذ يوسف الثنيان. * أي الألوان تراه يشكل الغالبية السائدة في منزلك؟ o الأزرق * البطاقة الحمراء في وجه من تشهرها؟ o كل مقصر في خدمة شباب الوطن. * ولمن توجه البطاقة الصفراء؟ o كل رياضي لا يبرز ثقافة مجتمعه السعودي بفخر واعتزاز. * لو خُيرت أن تعمل في حقل الرياضة من أي أبوابها ستدخل؟ o خدمة الشباب. * آخر كلمة توجهها لجماهير الأندية السعودية؟ - أرجو أن ندرك حجم النعم التي نتقلب فيها، وما تقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، وأن نعمل جاهدين لتحقيق أمنيات الوطن وبناء المواطن الذي هو الهدف الأول لرؤية المملكة 2030.. وفّق الله الجميع. محيط الرعب خالد الدايل القروني يوسف الثنيان عبدالعزيز الحمد «رحمه الله» Your browser does not support the video tag.