يطل اليوم الوطني في ذكراه الثامنة والثمانين ليعيد للأذهان قصة تأسيس بلادنا وقيام كيانها الكبير على يد المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - الذي جمع الشتات، ووحد الكلمة، وقضى على عوامل الفرقة والتناحر ليضع بعد توفيق الله الأساس المتين لدولة عملاقة راسخة، أسهمت بكل جدارة في تغيير مجريات الأحداث وصناعة التاريخ الحديث. وإذا كان اليوم الوطني يرمز إلى وحدة الوطن وبطولات مؤسسه ويذكرنا بالواجب تجاه الإسهام في حماية وحدته وأمنه واستقراره فإن التاريخ لا يتوقف عند هذا الحد، بل يعود بنا إلى ما قبل أكثر من ثلاثة قرون ليحدثنا عن عراقة المجد للدولة السعودية منذ مرحلتها الأولى، ونهجها القائم على الشرع المطهر، ومبدئها الثابت على الحق والعدل والاعتدال الذي يفسر سر قوتها واستمرارها عبر السنين. الاحتفاء باليوم الوطني هو في غايته احتفاء بالتاريخ العريق واعتزاز بالحاضر الزاهر واستشراف للمستقبل الواعد. وحين نعيش في هذه الذكرى المجيدة مع قصص وروايات التاريخ التي سطرها بطل التأسيس الملك عبدالعزيز وعهود الملوك الأوفياء الذين واصلوا مسيرة البناء من بعده فإننا نقف اليوم أمام صفحة جديدة من صفحات التاريخ الحديث يسطرها في سجل المجد قائد الأمة رجل الحزم والعزم الملك سلمان - يحفظه الله - الذي يقود مرحلة التحول الوطني بعد أن رأى بثاقب بصره وبصيرته وفهمه العميق لمجريات التاريخ أن الوقت حان للتحديث وضخ الدماء الشابة في شرايين الدولة لتواصل ريادتها وازدهارها، ولتواكب المتغيرات العالمية المتسارعة والتطورات التقنية المذهلة التي حولت العالم إلى قرية صغيرة لا مكان فيها إلا للأقوياء المؤثرين الناجحين. وها نحن - ولله الحمد - أصبحنا نشهد بوادر هذا التوجه الجميل في جميع أوجه التنمية وفي كل ما يتعلق ببناء الإنسان وتنظيم شؤون حياته بدءاً بتطوير برامج التعليم، والارتقاء بالخدمات الصحية والاجتماعية، والاهتمام بالجانب الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل والإنتاج، وإقامة المدن الاقتصادية والمدن الذكية، وتطوير السواحل والمواقع السياحية، وتطوير شبكات النقل ووسائل الاتصال ونشر التقنية. وإلى جانب هذا الزخم التنموي الكبير تقف المملكة بين الدول العظمى بثقلها ووزنها وأعمالها البارزة سياسياً واقتصادياً وإنسانياً، فهي في طليعة الدول الراعية للسلام العالمي والداعمة لمنظماته، وهي إحدى الدول الضابطة للتوازن الاقتصادي العالمي من خلال عضويتها في منتدى قمة العشرين للدول العالمية الرائدة، كما تعد من أبرز الدول الداعمة لحقوق الإنسان والأقليات وضحايا الكوارث والمحتاجين في العالم. ومما يزيدنا اعتزازاً بمكانة دولتنا وقوتها وقدرتها أنها وهي تحقق هذه الإنجازات الحضارية الكبيرة المتتالية تقف في ذات الوقت بكل شجاعة وقوة على خط المواجهة ضد أعداء الأمة لإحباط مخططاتهم الإرهابية، وحماية الحدود والمقدسات، والدفاع عن حياض الوطن والعروبة والإسلام. من هنا وأمام هذا المجد والتاريخ والإنجازات والبطولات حق لنا أن نفخر بوطننا الغالي في ذكرى تأسيسه المجيدة. كما يجب علينا التنبه لما يروج له المغرضون والحاقدون عبر أجهزة التواصل الاجتماعي، وأن نتجاوزها بالثقة والتكاتف والتلاحم مع قيادتنا الحكيمة، وأن نحصّن أبناءنا بالوعي والثقافة وترسيخ انتمائهم لوطنهم العزيز. * محافظ القويعية السابق Your browser does not support the video tag.