الفقر الذي أصاب شيعة العراق والحرب التي يخوضها حوثيو اليمن والأزمة التي يواجهها حزب الله في لبنان وشيعة سورية وغيرها من الدول كلها أزمات اقتصادية وليس لدى إيران حلول جذرية ومنطقية حتى لو خرج إلى الواقع إمامهم الغائب.. لا تبدو الأمور في محيط النظام الديني في إيران تسير في اتجاهها المطمئن للقواعد التي رسمها الخميني في ثورته حيث تتعرض تلك الآليات التي وضعها الخميني وثبتها في الدستور الإيراني الى الخطر، ارتباطا بتحولات المنطقة السياسية والثقافية، فالممارسات الشيعية المترابطة بالتقديس والانتماء في جوانبها التطبيقية أصبحت تواجه التردد من الجيل الجديد من الشيعة الذي أصبح يخجل من تلك الخرافات وخاصة بعد انتشار الافكار اللامنطقية في المنهج الشيعي، فخلال العقود الأربعة الماضية لعبت ايران في سياساتها الثقافية تجاه الشيعية على ترسيخ الربط العقدي بينها وبين منظري المذهب الشيعي. لقد كان التفسير الوحيد لثورة الخميني ان يعود بالمذهب الشيعي عودة متفجرة ترسخ نهاية التاريخ لصالح المذهب الشيعي عبر سيادة مطلقة للمنطقة العربية، ولكن هذه النظرية كانت تفتقد الى مقومات ثقافية تدعمها، لذلك كان الاعتماد على مفهوم صناعة القوة عبر المليشات في الدول المستهدفة وهذا ما حدث في لبنان ويحدث في سورياوالعراق واليمن، ومع ان كل هذه التشكيلات العسكرية تبدو مرفوضة بشكل سياسي واضح، الا ان الخميني كان يطمح الى مقاربة التشظي الحادث في تفسيرات الشيعة حول الامام الغائب من خلال فكرة نهاية التاريخ وعودة الامام لتأييد موقف الخميني. لقد كان خيار النظام الإيراني منذ الخميني وحتى الآن في التعامل مع البنية الثقافية للشيعة خارج حدود ايران هو مزج بين عدة أفكار تقوم على (منح القوة وتكريس الجهل) وكان الهدف ان تكون القوة عبر انشاء المليشيات يمكنه ان يفوز ببيئة ثقافية تسمح بتمرير اللامعقول في السيرة الشيعية وخاصة قضية الامام الغائب وسيادة الامة، أخطاء التاريخ الثاني ان فكرة الاعتماد على ايران كمركز لشيعة العالم فكرة تجابهها الكثير من التساؤلات حول احقية الفرس لهذا الدور وهذا ما يفسره الصراع القائم حاليا بين على خامئني والسستاني كمرجعات شيعية معتبرة. مع تزايد الازمات في العالم العربي أصبحت الثورة الإيرانية في ازمة من نوع خاص، فالخمينية تبشر بنهاية سعيدة وقريبة منذ اكثر من اربعة عقود وقد استخدمت الخمينية فكرة قرب ظهور الامام الغائب من اجل تكريس الانتماء عبر الوعود بحلول جذرية في حال ظهور الامام الغائب، ولكن بعد الثورات العربية وتمايز الأهداف السياسية الدولية ذات العقلانية في مساراتها لم يعد ممكنا للخمينية ان تنشر المزيد من الوعود الكاذبة حول الحلول التي يمكن انتظارها عند عودة المهدي. الفقر الذي أصاب شيعة العراق والحرب التي يخوضها حوثيو اليمن والأزمة التي يواجهها حزب الله في لبنان وشيعة سوريا وغيرها من الدول كلها أزمات اقتصادية وليس لدى إيران حلول جذرية ومنطقية حتى لو خرج الى الواقع إمامهم الغائب، فكما يبدو ان القرن الحادي والعشرين بالنسبة للشيعة سوف يكون قرنا للوعي الاقتصادي الثقافي، فالازمات الاقتصادية التي سوف تواجهها دول التشيع وعلى رأسها ايران سوف تعيد تعريف الأسئلة حول قدرة الخمينية على دمج الأفكار السياسية بالثقافية، فالتشيع بطبيعته الخمينية يعاني من ازمة التمثيل للمكون الشيعي العالمي. النظام الإيراني يدرك ان الحلول في الداخل الإيراني لا يمكن ان تتم بدون ديمقراطية حقيقية وحريات وحقوق إنسان مكتملة، هذا اذا نظرنا الى الازمة الإيرانية الاقتصادية انطلاقا من العمق التاريخي لإيران كدولة، ولذلك فإن الازمة الإيرانية اليوم تتهتك من أطرافها، فالمتشيع الجاهل في كثير من الدول خارج إيران وداخلها لم يستطع ان يسد رمقه ولم يستطع أيضا ان يذهب الى الجنة بجواز من مرجعيته الدينية، ولم يستطع أيضا ان يحصل على إجابات لأسئلته لماذا هو يتعرض لكل ذلك الفقر، وهذا ما يؤسس الى فكرة ان مواجهة ايران اقتصاديا ستكون هي الأكثر تأثيرا في بناء منظومة الأسئلة الفعلية حول قدرة الخمينية على ترسيخ الوعي الجمعي الذي حصل عليه الشيعة مع بداية الثورة الخمينية. إن الجوع والفقر هما الحقيقة التي يمكن ان تتعرى امامها كل الأكاذيب والخداع والجهل المقدس مهما كان نوعه، وقد كتب لي احد الاخوة العقلاء من الشيعة أن «عاشوراء ليس مناسبة لجلد الذات» وهي عبارة تاريخية معروفة لدى الشيعة، اليوم الخمينية تقع في فخها الثقافي الذي استخدمته منذ بداية الثورة عندما كانت تمتلك الموارد لتمرير أهدافها ولن تحتاج الخمينية اكثر من حصار اقتصادي لكي يعود المذهب الشيعي إلى رشدة التاريخي في العالم. Your browser does not support the video tag.