بعض العبارات والأبيات الشعرية والمواقف الوقتية والتواصل القولي أو الفعلي سواء كان متصلاً بسياق أو مبتوراً منه فإنه يكون مستفزاً، وهذا الاستفزاز يكون في بعض الأحيان مقصوداً ليؤدي غرضاً في نفس من صاغ بيت الشعر أو العبارة أو أنشأ قصيدة ومن طرح المثل، ويكون في الغالب استفزازاً يتحدى الفكر وينشط التفاعل ليكون بعض ذلك إثراء للموضوع الذي تضمنته هذه الأمثال والأبيات والعبارات، وليس القصد منه سلبياً دائماً، بدليل أن أغلب التفاعل يكون إيجابياً ويثري الفكرة المطروحة لتصل في النهاية إلى الإشباع التام من جميع جوانبها. فمثلاً قالوا: «الأقارب عقارب» وهي عبارة مختصرة جداً وغير مشروطة، وبالتالي فهي مرفوضة على إطلاقها كما أنها تستفز سامعها وتجعله يتفاعل إما متصادماً معها أو مفصلاً فيها أو مسايراً أو مضيفاً إليها بعض الإضافات، ولكنه في الغالب لن يتوقف ويكتفي بالتلقي المحايد، ففي الحياد في بعض المواقف إعلان رأي. وليست هذه خاصة في كل عبارة تقال ولكنها تخص العبارة غير الصحيحة في الغالب فتكون مستفزة لمن يسمعها حتى ولو لم تعنيه ولا علاقة له بها، لأن الناس بطبعهم يميلون إلى صحيح الأقوال وجميل العبارات وصدق الرؤى والأفكار والإرشادات التي تنمي الإيجابيات بينهم، لا تلك المحبطة. والذين قالوا: «الأقارب عقارب» يعنون تأثير الصدامات القريبة فهي أشد وقعاً من الصدامات بين الأباعد، فالأقارب عادة تكون حياتهم لبعضهم مرنة سهلة مكشوفة بحسناتها ونواقصها، وعدلها ومائلها، ويكون الفرد مكشوفة عيوبه وحسناته كلها لقرابته أكثر من غيرهم، ففي حال وجود عداوة ولو بسيطة يكون التأثير في عملية استغلال المعلومات السلبية أسهل عند العداوات مما يزيدها اشتعالاً، وقد قالوا في الأمثال الشعبية «البنة من الرفيق تفلق» والبنة هي الواحدة من مخلفات الأغنام صغيرة خفيفة لا يفترض أن تؤثّر فيما ضربته، ولكن قالوا: إن الشيء القليل من القول أو التصرف الجارح يكون مؤثراً متى ما صدر من قريب أو صديق أو رفيق درب، لأن الطرف الآخر يتوقع التقدير لا التحقير وعلى هذا تكون النتائج مؤلمة حتى ولو كانت الكلمات خفيفة الأثر على قلوب الأباعد، فالأقارب كل شيء يرحهم بعكس غيرهم ممن لا رابطة بيننا وبينهم. ومن هذا المنطلق جاء التحذير من سلوك مسلك العقارب التي لا تفرق بين كبير وصغير ولا بين قريب وبعيد، وكأن قولهم هذا تحذير من مس العلاقات بسوء أو كدر. ولعل بعض الناس من شدة حساسيته تكون معظم جراحاته صادرة من أقاربه وهذا شيء متوقع فمعظم حياة الناس تكون بين الأقارب في الغالب وليس غيرهم، وحري أن يكون الميدان لا يخلو من كلمة، أو تصرف سلبي فالناس لم يخلقوا ملائكة، ولكنه بشر يجري منهم تصرفات تسوء وتحسن. ومن الأشعار في هذا الميدان ما تناثر هنا وهناك ننقلها هنا ونقول لمن قالها صح لسانك وعلا شأنك، هذا الشاعر يقول إن أقول الأقارب طيب على طيب: قالو عقارب قلت ماهم عقارب ربعك حزامك دون شك ولا ريب يفداهم الغالين مليون شارب والذيب يامنه طنب جاوبه ذيب وانا مع أصحابي من العز شارب ومدحي لربعي مايذم الاصاحيب خوة عزيز النفس للروح قارب ما هو خطأ لاقلت طيبٍ على طيب وهذه الأبيات تصف الأقارب بأنهم قوارب نجاة: ياللي تقول إن الاقارب عقارب ماني معك لوجبت لي ألف تبرير أنا أقول إن الاقارب قوارب نبحر بهم للأجر والرزق والخير وأبيات توضح أهمية الأقارب في الحياة: يا اللي تقول إن الاقارب عقارب مخطئ تراهم عزوتك فالمهمات بهم يشد الظهر يوم المحارب وبهم تنومس وقفتك بالصعيبات وبهم حياتك تهتني والمشارب ومعهم تحس بقوتك للثقيلات مادمت بالدنيا فسدد وقارب ما لك غنى عنهم قراب المروات وأبيات تؤكد على حب الأقارب جميعهم والعلاقات القوية: ياللي تقول إن الأقارب عقارب ماهو صحيح ولا ذكرت الحقيقه من طبعهم دايم يزود التقارب ومن بينهم تبقى العلاقة وثيقه ومن كان وده للقرابة يحارب هذا هو اللي بالعداوة طريقه حاسد ويفرح لوتشين المشارب وده يفرق بين شخص ورفيقه ناصر عبدالله الحميضي Your browser does not support the video tag.