مدرسة إدارية، ولوحة فنية متكاملة الملامح، تكسوها مشاعر إيمانية روحانية، آمنة مطمئنة، جسدت أعظم صور المسؤولية الاجتماعية على وجه الأرض، شعار أكثر من مليوني ضيف فيها «لبيك اللهم لبيك»، وشعار حكومتنا «العالم في قلب المملكة»، ووعد خادم الحرمين الشريفين فيها «نتشرف جميعاً بخدمة ضيوف الرحمن والسهر على راحتهم، ونبذل الغالي والنفيس لتوفير أسباب الطمأنينة لهم». لقد وضعت المملكة استدامة نجاح الحج على رأس هرم أولويات خططها السنوية ورؤيتها المستقبلية إيماناً بدورها الجوهري الذي حباها الله به تجاه الإسلام والمسلمين، حيث تبلور ذلك التوجه السامي إلى مبادرات ومشروعات استراتيجية وتشغيلية تنبثق من الاحتياجات الفعلية لكافة شرائح حجاج بيت الله الحرام، وترتكز على قياس الأداء السنوي والتقارير الميدانية المدعومة بالخبرة التراكمية لدى فرق العمل بقيادة وزارة الحج والعمرة. وقد سمت تلك البرامج بفاعليتها في التناغم مع المتغيرات السياسية والثقافية والاقتصادية والتعددية المذهبية والعرقية لأطياف الحجاج كافة مما عبد الطريق لنزهة أرواحهم إلى خالقها. كما جندت عشرات الآلاف من الكوادر الرجالية والنسائية الناطقة باللغات العالمية، والمؤهلة من مختلف المستويات الإدارية والمواهب البشرية والفرق التطوعية والكشفية، ومكنتهم بالموارد والصلاحيات الدافعة لدفة أضخم مؤتمر عالمي، وخلقت لهم ثقافة تنظيمية، قيمها استشعار المسؤولية الملقاة، واستحضار المكافأة من الله، وصدق الابتسامة على الأفواه، ولواؤها «سعادة الحجاج غايةً تدرك ولا تترك». وقد استطاعت المملكة أن تصنع من الحج أوثق أنموذج للشراكة المهنية، وذلك عبر تحالف قطاعات الدولة المتعددة التي تدشن ماراثونها التحضيري إلى نجاح مجيد، وذلك ابتداءً من مغادرة آخر حاج فرحٍ بميلاد جديد. إذ تعمل تلك المؤسسات على تصميم عمليات إدارة هذه الشعيرة وتلك الحشود انطلاقاً من الوهلة الأولى لنية الحج حتى العودة سالماً وفق منهجيات ابتكارية إبداعية تتسلسل في إجراءاتها بكل انسيابية، وبعيداً عن الازدواجية، وتنعكس مؤشرات جودتها على المشاعر ذات القدسية والبنية التحتية والمرافق الحيوية والصحية واللوجستية. كما دأبت على بناء الخطط البديلة والعمليات المساندة التي تضطلع، على إدارة المخاطر برسم السيناريوهات المتوقعة وغير المتوقعة للبقاء على أهبة الجاهزية للتعامل مع مفاجآت الطوارئ كافة. أما التقنية فهي الصبغة التي تضفي على إدارة الحج سمة العمل بذكاء أكبر لا بجهد أكثر، حيث صممت جملةً من التطبيقات الذكية، ووثبت لتوظيف الذكاء الاصطناعي للتفاعل المباشر مع الاحتياجات المعرفية المتداولة لضيوف البقعة المباركة، بالإضافة لإطلاق أكبر هاكاثون في العالم للحج. ختاماً أقول: أثبتت المملكة للعالم أجمع وفي ذيلهم المشككون وأبواقهم والمسيسون للحج أنها قادرة بمؤسساتها وسواعدها على إدارة منظومة الحج بمهنية وكفاءة عالية، لذا أرى أهمية عقد مؤتمر عالمي سنوي ومعرض مصاحب بعد موسم كل حج لتسليط الضوء على تلك المنهجيات الإدارية الرائدة لصناعة أفضل الممارسات في أيام معدودات.. فهلموا وتعلموا معنى «العالم في قلب المملكة». Your browser does not support the video tag.