طلبت المملكة من السفير الكندي مغادرة البلاد واستدعاء سفيرها في كندا وتجميد التعاملات التجارية معها، لم يكن كما يعتقد البعض ردة فعل عفوية من الرياض، وإنما كان لذلك مسوغاته الكثيرة التي تجعل من غض النظر من المملكة عن السلوك الكندي المغرض أمراً غير مناسب في وقت تمعن فيه أوتاوا بالتدخل السافر في الشأن الداخلي السعودي، في مخالفة صريحة وبينة لكل الأعراف والقواعد والأنظمة الدبلوماسية والقانون الدولي أيضاً، لاسيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الحكومة الكندية تستند في مواقفها إلى تقارير مغرضة ومظللة، تصدر عن منظمات وأشخاص يشك بولائهم لأوطانهم، ويستخدمون كحصان طروادة لتنفيذ أجندات خارجية ضد وطنهم، ويشك بنزاهتهم ومصداقيتهم. إلغاء الاتفاقيات وبيان الخارجية السعودية بهذا الشأن كان واضحاً وجلياً بأن المملكة لم ولن تقبل التدخل في شؤونها الداخلية أو فرض إملاءات عليها من أي دولة كانت، مؤكدة أن الطلب من السفير الكندي مغادرة البلاد واعتباره شخصا غير مرغوب فيه وتجميد كافة التعاملات التجارية والاستثمارية الجديدة» بين البلدين، وسحب الطلبة والمرضى وإلغاء الاتفاقيات التجارية، خاصة وأن ما قامت به السفارة الكندية في الرياض يخالف بشكل واضح الأسس التي تقوم عليها العلاقات الديبلوماسية بين الدول، حيث نددت الخارجية السعودية بالتدخل الكندي، والإمعان في تجاهل القواعد الديبلوماسية من خلال استعمال عبارات في البيان الكندي الصادر عن السفارة حول شأن داخلي سعودي، مثل (الإفراج فوراً) وهو أمر مستهجن ومستفز وغير مقبول في العلاقات بين الدول». سجون كندا وبغض النظر عن أسباب البيان الكندي، الذي يستند كما أسلفنا إلى تقارير مغرضة وغير دقيقة، فإن ما يجب قوله هنا هو أن التصرف الكندي الخارق للأعراف الدولية، يذكرنا بالمثل القائل: (الذي بيته من زجاج لا يرمي الناس بحجر)! ومع التأكيد على أن المملكة، هي دولة يحكمها القرآن وتستند إلى الشريعة الإسلامية السمحة، إلا أننا نجد أنفسنا هنا مضطرين للتذكير بالصورة الحقيقية لكندا التي تدعي أنها مدينة «أفلاطون»، التي تتشدق بحمايتها أو دفاعها عن حقوق الإنسان زورا وبهتانا، لكي يعرف الداني والقاصي حقيقة هذه الدولة التي تزعم حرصها على الإنسان وحقوقه. ففي يونيو من العام الماضي وجهت منظمات حقوقية وإنسانية اللوم إلى كندا بسبب انتهاكات صارخة تقوم بها ضد السجناء، ولا سيما السجن الانفرادي أو ما يعرف «بالحفرة» والذي يترك آثارا سلبية لا يمكن تصورها عند السجين، وأفادت دراسات أن الحكومة الكندية تلجأ غالبا لهذه الطريقة بصورة اعتباطية أثارت اهتمام منظمات دولية، وتشير أرقام إحصائية إلى أن عشرات السجناء أمضوا في السجن الانفرادي أكثر من 100 يوم، وسجّلت السلطات زيادة مطردة في أعمال العنف والتعذيب بين السجناء داخل المرافق الإصلاحية في البلاد، كما سجلت عشرات الحوادث لانتشار العنف والتنكيل في السجون الكندية، وارتفعت الاعتداءات داخل السجون الفدرالية بنسبة كبيرة ولا سيما بين العامين (2014 - 2015) والمقاطعات التي تدير سجوناً فيها موقوفين تقلّ عقوبتهم عن سنتين، يتعرّض مساجينها لاعتداءات بوتيرة مماثلة ومستمرة. العنصرية ضد الملونين ونقل عن «تونيا غريس» وهي محامية أن مقاطعة بريتش كولومبيا تمثّل بانتظام بالسجناء، وإن أعداد السجناء المدّعين على حكومة المقاطعة يتزايد باستمرار ولاسيما أنهم يتوقعون من الحكومة أن تضمن سلامة سجنائها، إلى جانب ارتفاع مستوى العنصرية في هذا البلد، وخاصة ضد الكنديين الأفارقة، وهو أمر دعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى تناول هذه المشكلة، وأصدر توصيات في العام الماضي إلى الحكومة الفدرالية بهذا الشأن، وتتضمن هذه التوصيات تقديم الحكومة لاعتذارها عن فترة الاستعباد والتفرقة العنصرية والبحث في تقديم تعويضات عن المظالم التاريخية التي لحقت بالشعوب المتضررة. ويشير التقرير إلى أن العنصرية ضد الملونين موجودة في صميم العديد من المؤسسات الكندية، مما يساهم في عدم المساواة على صعيد الصحة، الإسكان، التعليم والعمالة، ويؤجج التمثيل المفرط للكنديين الأفارقة في نظام العدالة الجنائية، وهناك تقارير كثيرة تحدثت عما وصفته بسجون «كندا السوداء»، التي يمارس فيها أبشع أنواع التعذيب والتنكيل، فيما تتحفنا الحكومة الكندية بما تدعيه حرصها على حقوق الإنسان. أزمة المشردين ويروي شهود العيان الصور البشعة والمؤلمة للتعامل في تلك السجون المظلمة، ناهيك عن التفكك الأسري وحالات البؤس والتشرد والحرمان المنتشرة في شوارع المدن الكندية، حيث يفترش المئات من المشردين الأرصفة بالرغم من البرد القارس وانخفاض درجات الحرارة في معظم الأوقات؛ مما يجعل كبار السن ينامون على فتحات المجاري للحصول على التدفئة هربا من شدة البرد؛ لأنهم من دون مأوى. وفي تحقيق أجرته إحدى الصحفيات في العام 2015 قالت كارين باستيان وهي صحفية كندية: «من الصعب معرفة عدد المشردين الذين سيقضون الليل مفترشين شوارع وسط مدينة مونتريال رغم وجود بعض الملاجئ». ويقول أحد القائمين على استقبال المشردين في الملاجئ: نحن بحاجة كبيرة لمعاطف شتوية وأغطية تحمينا من شدة البرد والثلوج والأمطار، وكذلك لأحذية شتوية لأنهم يمشون كثيرا على الثلج في الخارج»، وهذا يحصل في وقت تعتبر فيه كندا من الدول الغنية في العالم، وأثارت أزمة المشردين الكثير من المدافعين عن حقوقهم الذين تظاهروا وتسببوا في إيقاف اجتماع لمجلس بلدية تورنتو مؤخراً. يمين متطرف وتشهد كندا -المدافعة عن حقوق الإنسان- تنامياً متسارعاً لليمين المتطرف المعادي للاجئين هناك، حيث تشهد البلاد ارتفاعا في جرائم الكراهية، ولاسيما ضد المسلمين والعرب، إذ شهدت مدينة تورنتو في السابع عشر من فبراير من العام الماضي تظاهرات ضد المسلمين والإسلام، حمل المشاركون فيها شعارات كتب فيها «لا للإسلام» و»المسلمون هم إرهابيون» وذلك بعد هجوم على مسجد في مدينة كيبيك قبل أقل من شهر. وكل هذه شواهد وإثباتات وإدانة صارخة نستطيع أن نسوقها بسهولة لكثرتها إن أردنا فتح ملف العنصرية والكراهية في كندا، التي عرفت بمناصرتها «لإسرائيل» ضد العرب، والمسلمين، والقضايا العربية والتي تريد اليوم أن تحاضر في ملف حقوق الإنسان وتصبح وصية ومناصرة للمضطهدين كما تزعم، ونقول «احذر الحليم إذا غضب». ينتشر المشردون في نواحي المدن الكندية متظاهرون ضد العنصرية في كندا Your browser does not support the video tag.