هناك مقادير تراعى لإتقان القهوة وعُرْفٌ لضبْطْها، يتقنه سكان المملكة جمعاء، فلا يُحاد عن المقادير المتبعة حتى لا تتغير نكهتها وطعمها. لذلك يحرص الكرماء بالتشديد على مراعاة مقادير القهوة المعروفة عند العرب, بمقياس الماء مع القهوة والبهارات الخاصة فيها كالهيل والزعفران وغيرها, فجعلوا لها آنية خاصة تحفظ مقاديرها وحتى لا يخالطها طعم آخر. الشاعر محمد بن رشدان المطرفي يحرَص على مذاق القهوة, بحكر المقادير التي ذكرها لنا في بيوت الشعر التالية لتبقى ما بقي الشعر ديوانا للعرب، وهي ست حفنات من الماء مقابل حفنة من البن: واحرص شروب البن خلّه بمحكار ستة لواحد يوم قايست ماها بدلال شاميات منْوة هل الكار مطعومهن يجلا عن الكبد داها ويؤكد الشاعر الحميدي ابو عماير الفايدي على المقاسات التي جاءت بها أعرف وعادات أهل الكرم من سكان الجزيرة العربية في معيار يستندون عليه في صنع القهوة: ستة لواحد يوم قيدته الكيل بدلال عن طل الندى محكماتي ست لواحد: أي قبضة واحدة من القهوة, مقابل ستة قبضات من الماء, تطبخ بآنية تكون مخصصة وتسمى البكرج أو القمقم تصفى القهوة بعد طبخها إلى دلال التقديم, وحرص سكان الجزيرة العربية على جعل طعم القهوة بمذاق واحد كعرف متفق عليه, وحذّروا بالحرص أثناء إعدادها من شيئين تجعل طعمها غير مرغوب, وتسبب حرجا للمضيف عند ضيوفه, الأول من احتراق حبها, والثاني من عدم نضجها, لأنه يعيب طعمها ويغير نكهتها, بل تقلّب على النار حتى يتغير لونها للدرجة المطلوبة، ويقال إن درجة نضجها عندما تتعرّق وتخرج (دهنتها). الشاعر محمد بن رغيان البلوي يحذر ابنه من الانشغال أثناء حمس حب القهوة بالثرثرة، فنكهة القهوة تكمن في طريقة حمسها حتى النضوج، التي يعتبرها الشاعر فنا كفن القيادة تماما لتعطي نتائج مرضية للذوق المطلوب. قم صل يا خالد بفجات الانوار وزين الطبخة بذوق وركاده لا يشغلك عن حمسها كل ثرثار احرص عليها مثل فن القياده احكر لنا الفنجال من بن وبهار لعل لك في هبة الريح عادة الشاعر حمد بن عيش بن قرفان يقول: حماس اللي ما قلط له فشاري لا منقص بنه ولا مكثرٍ ماه والشاعر سليمان ابن صامل الوثر يعطينا صورة حيّة عن القهوة التي صنعها بيده ونشعر بين حروف أبياته فخره بذلك، فجعل للبصيرة والحكمة دور كبير أثناء قيامه بصنعها، دليل ما للقهوة من تأثير عليه وجعلنا نشعر معه بطعم القهوة التي صنعها بدقة ومقياس، وكأننا نشعر برائحة فوحها قال: وسويت فنجالي بعرف وبصيرة بن وهيل وعود مثلوث بالقيس الشاعر ساعد الالبد أعطانا صورة جميلة في المقادير المطلوبة لصنع قهوة ذات مستوى رفيع بالتذوق, ونتائج مرضية, بالحرص على عدم الخروج عن المقادير المتعارف عليها, والتي تبدأ من الحذر أثناء حمسها فلا تترك لتحترق, ولا يستعجل عليها لتكون نيئة, كما أعطنا صورة في التذوق أثناء وضع إضافة البهارات وكيف تقاس بمقدار الماء الذي لو زاد تقل معه جودتها وتصبح بدون نكهة يقول الشاعر: قم سو فنجالا ليا سيق ما احلاه واحرص عليها حرقها من نياها زود لها بالهيل واقصر لها ماه تقل بلغتها ليا زاد ماها ويربط جمال المنظر بطيب التذوق الشاعر سالم بن رغيان بن عمري فهاهو يصف لنا المنظر ويجعله حاضر في خيالنا, بدلة صفراء على جال نار تحتوي قهوة صنعت بمقدار تغري عشاقها, ما يدل على مجتمع يتصف بذائقة عالية, لتمسُّكه بمقادير معروفه من الماء والقهوة والبهارات الذي لا يزيد ولا ينقص عن المطلوب في طبخ القهوة, ما جعلها ذات قيمة عالية في حياة سكان الجزيرة, ومصدر فخر في تقديمها.. بالدلة الصفرا على حاظي النار لا قليلا ماها ولا هو زيادة ما زالت القهوة تحتفظ بمقاديرها، وان اختلفت حسب اختلاف الزمن، وما زالت رمزا يفتخر به سكان المملكة والجزيرة العربية، وذوقا تميزوا به أمام العالم, وتعرّف بهم حيث يقال (القهوة العربية) خصوصا بعد انتشارها عالميا حتى أصبح لها مقاهي ورواد تجذبهم لها القهوة العربية بالذات, كموروث شعبي عربي أصيل يبعث الفخر في النفوس. Your browser does not support the video tag.