تشهد المملكة حراكاً واسع النطاق، يسعى إلى وقاية المستهلك من المنتجات الرديئة، المؤثرة في الصحة والسلامة، وكذلك حمايته من الغش التجاري بكل أنماطه، فنرى وزارة التجارة مثلاً قد شرعت اللوائح المنظمة للممارسة التجارية وفق الضوابط المنهجية. وفي ساحة أخرى، أطلقت الهيئة السعودية للمواصفات برنامج سلامة المنتجات ضمن مبادرات التحول الوطني 2020 باستهداف نسبة لا تقل عن 80 في المئة من منتجات مطابقة للمواصفات داخل أسواق المملكة بحلول ذلك العام. وعلى صعيد ثالث، تبنت الهيئة العامة للغذاء هدفاً استراتيجياً يكمن في التميز الرقابي على المنتجات التي تخضع لنظام الهيئة، بمحاكاة المعيار العالمي في نسبة المصانع والمستودعات المفتشة، وهناك الصحة والبلدية وغيرهما من المؤسسات التي تعمل طيلة العام، وعلى الدوام، بلا هوادة، إيماناً منها بأن سلامة المواطن والمقيم غاية حتمية تدرك ولا تترك. وفضلاً عن الأرقام الهاتفية والتطبيقات الذكية، تعتمد المؤسسات المعنية الحكومية على مراقبة الأسواق عبر الفرق التفتيشية، التي تقوم بالجولات الميدانية إحدى أهم المنهجيات التي تضطلع بها للتحقق من امتثال المنشآت لتلك النظم والمعايير. والمتابع لمواقع التواصل الاجتماعية يشهد عديدا من التغطيات التوثيقية لقصص النجاح التي حققتها الفرق في الكشف عن البضائع المقلدة والرديئة والإعلانات الوهمية والمنتجات غير المطابقة، ولكن دعونا نقف قليلاً عند استفهامات تلوح في الأفق! ما هو حجم فرق الرقابة الميدانية مقارنةً باتساع رقعة الأسواق في مناطق ومحافظات المملكة؟ وما المدة التي تحتاج إليها تلك الفرق لزيارة جميع المنشآت المنتشرة في كل حي وكل طريق؟ وهل خطط التوظيف الحالية كفيلة بتغطية احتياجات الفرق ومهماتها من الكوادر البشرية؟ تلك التساؤلات تقودنا إلى النظر خارج حدود إطار الصورة، بحثاً عن الحلول البديلة التي تضمن نتائج كبيرة في حربها مع المساحة والزمن، وحديثي يرمي إلى السواعد التي تعمل بشغف الإحسان، وروح المسؤولية المجتمعية، والتي سطعت بالعطاء المنشود والإتقان المشهود، أتحدث هنا عن صُناع الفَرق ورواد السبق، وهي الفِرَق التطوعية. نعم إنها الفرق التطوعية من أبناء هذا الوطن الذين قادوا جملةً من الحملات الخيرية والمهنية، ووضعوا بصمتهم في إنجاح مواسم الطاعة في رمضان والعمرة والحج وغيرها، وكذلك أثبتوا مهاراتهم الإبداعية وخبراتهم التراكمية في إدارة الفعاليات والمناسبات العامة والوطنية من معارض ومهرجانات ومؤتمرات ونحوها. لذا أرى ضرورة استثمار تلك الكوادر في تشكيل فرق تطوعية تفتيشية مساندة من منتسبي الجامعات، وفق تخصصات المؤسسات الرقابية، ومن الموظفين والمتقاعدين وغيرهم؛ للمشاركة في الحملات الرقابية، وذلك بعد تأهيلهم وتسليمهم الأدوات اللازمة لإتمام المهمة. ولا شك أن عوائد هذا التوظيف معطوفةً على رفع قيمة المواطنة والمسؤولية لدى أفراد المجتمع وجعلهم جزءًا من جسد هذه المنظومة وشركاء في المنجزات المؤسسية. لذا أقول ختاماً: يا صناع القرار في المؤسسات الحكومية إن رؤية المملكة وثبت إلى مليون متطوع بحلول 2030؛ لينسجوا معمارية العطاء والتنمية، ومشوار المليون يبدأ بكم.. فاظفروا بهم. Your browser does not support the video tag.