فقد أحدث موضوع "الفجوة بين المثقف والمجتمع.. كيف نُجسّرها" الصادر في صحيفة "الرياض" غرة ذي القعدة 1/11/1439ه، تساؤلات كثيرة حول هذا الطرح الذي لعله جديد في مجاله. إذ قد بعث الشجون اللاشعوري لدى المثقفين والعلماء في البلاد العربية ذلك أنه لامس الحاصل في المراكز البحثية والمراكز العلمية وليست بعض الجامعات من هذا ببعيد لأن الفجوة بين المثقف والمجتمع ولأن الفجوة بين العلم الخاص والمجتمع تحتاج إلى بسط يميل هذا البسط إلى التأصيل والتقعيد النوعي الذي يخاطب اللاشعور ليصعد عالياً إلى الشعور فيحصل من خلال هذا وذاك الشعور بالمسؤولية. لقد جاء في المقدمة في الصفحة الأولى من "الرياض" الغراء لقد جاء هناك (لكن ما يحدث في غالب الأحيان على المستوى المحلي يكمن في الانعزالية بين المثقف والمجتمع التي أصبحت شبه واضحة، وعلى ما يبدو الميل إلى التشكيك وربما التساؤل عن ما يتعلق بالأنثروبولوجيا من عادات و تقاليد. إذاً كيف السبيل لربط المثقف مع المجتمع حتى نستفيد في نقل حضارتنا على المستوى الخارجي). وهذه مقدمةٌ حري بها أن تلامس الوضع العلمي من جانب ومن جانب آخر تلامس الجانب الثقافي، نعم هناك انعزالية أو ما يشبه الانعزالية بين العالم والمجتمع والمثقف والمجتمع على سبيل شبه دائم لا يريم، والمشكلة هنا هو أن الفاصل بين هذا وذاك هو عدم تلمس أصول حاجة المجتمع إلى مخاطبة العقل لكي يبرز العقل فيعمل عمله الذي يجب أن يكون عليه ويتأخر القلب قليلاً وتأخذ العاطفة مساحة أبعد لأن العقل هو موقع العلم وهو موطن الثقافة لأنه يعقل فحين ما يخاطب العالم ويخاطب المثقف المجتمع مخاطبةً شاعرةً بالمسؤولية يكون هناك التحام بينهم على وجه قريب على ما ذكره أساطين الفحول عبر العصور. فحين خاطب ابن قتيبة في كتابه (أدب الكاتب) وكذلك الآجري في كتابه (أخلاق العلماء) وكذلك ابن خلدون في (المقدمة) وكذلك ابن حجر في سفره (هدي الساري) وحينما تحدث الدارقطني وابن معين في كتابيهما (العلل) حينما تحدث هؤلاء فإنهم جعلوا التشكيك بعيداً عن التلمس فخاطبوا في زمانهم وما بعد زمانهم خاطبوا العقل ليتحرر من القراءة الهامشية والقراءة العجولة لكي يلتحم العالم بالمجتمع كما يلتحم المثقف بالمجتمع فيتولد من ذلك النسق المتحد بينهم وهذا إذا تم فإن العقول تتلاقح فرب عامي لا يقرأ ولا يكتب حينما ندغدغ عقله فإنه قد يأتي بما قد يعجز عنه بعض العلماء وبعض المثقفين. لا جرم هناك فجوة شاهدتها كثيراً في بعض المؤتمرات والندوات التي ترأست بعضها وحضرها بعض غير المعنيين تبين لي من خلال ذلك أن الفجوة متسعة لكن حينما تتم مخطابة اللاشعور لتحريكه ليصعد عالياً إلى الشعور يكون هناك ارتباط قوي بين المجتمع والعالم والمثقف. وأغلب الظن أن جريدة "الرياض" في صفحتها المميزة ثقافة اليوم لامست ما أدعو إليه في كثير من المؤتمرات والكتابات لكن يبقى أن اقول إن المسؤولية تقع على وزارات الثقافة والاعلام ووزارات الثقافة وكل المعنيين الذين يستطيعون اهتبال المناسبات ليكون هناك طرد للفجوة الحاصلة والتي أوحت "الرياض" في صفحتها إلى وجودها فلعل الدول العربية ممثلة بالمسؤولين عن الثقافة وعن العلم تأخذ بهذا الحوار الثقافي الذي نشرته "الرياض" ليكون مقدمةً لبحثٍ جيد يخرج منه التأصيل والتقعيد والتجديد السبقي وطرح التكرار والنقولات التي أراها ويراها غيري في كثير من الندوات والمواقع خاصة في الهيئات العلمية ومراكز البحث والنوادي الأدبية وما المجلات المحكمة من هذا ببعيد. Your browser does not support the video tag.