أكد الباحث والإعلامي زيد الفضيل أن مقولة أن المثقف دائماً ما يكون نتاج البيئة والمجتمع ليست صحيحة دائما مؤكداً أنه لا يجوز قبول هذه المقولة على علاتها، فقد يكون المثقف نتاج البيئة والمجتمع أو يكون نتاج حالته الخاصة ونطاقه المعرفي الخاص، وأوضح في حوار لبرنامج "الثقافة اليوم" الذي يبث عبر شاشة الثقافية السعودية أنه في كل الأحوال على المثقف أن يكون فاعلاً بصورة إيجابية ضمن مجتمعه ويؤثر فيه ويصل به إلى القيم الإيجابية التي من خلالها خرج هو وعليه أن يعمل بكل جهده لإصلاح المجتمع وتنمية الملكات الإيجابية فيه، واعتبر الفضيل أن المجتمع هو الكينونة الكبرى التي ينتمي إليها المثقف بوجه عام، فهو جزء من مجموعة أجزاء وعليه أن يكون مثقفاً عضوياً، أي يلتحم بمجتمعه حتى لو لم يكن أحد إفرازاته. وأكد على أنه من يريد أن يفصل نفسه عن مجتمعه سيعيش في أبراح عاجية ويصبح مثقف من مفهوم ما يلوج به لسانه وكتبه فقط على اعتبار أن الثقافة حالة تراكمية ووسائل اتصال ما بين الإنسان والتيارات المجتمعية الحية. وشدد على أن المثقف لابد وأن يكون أكثر الكائنات حيوية لأنه أكثر وعياً وإدراكاً من غيره من الكائنات. وأوضح أن المثقف العربي مر بمرحلتين أثرا في علاقته بمجتمعه: الأولى حينما كان يشعر بأنه يعيش حالة فصل كامل عن المجتمع وكان المثقف يغرد خارج السرب، ولهذا لم يهتم المثقف بردة فعل المجتمع، لكن مع تنامي الحالة المعرفية في المجتمع العربي وانتشار القراءة والأفكار انتقل إلى مرحلة جديدة، وأصبح المثقف وليد المجتمع المفكر والقارئ الذي يمارس ثقافة السؤال بوجه عام وأصبح مهتماً بردة فعلهم تجاه ما يكتب أو يقول، حيث أصبح الجمهور ذا قيمة لأنه أصبح داخل الحالة الثقافية وأصبح واعياً وقارئاً. واعتبر الفضيل الإشكالية الكبرى للحياة الثقافية العربية تكمن عندما يكبر الفارق بين حس المثقف وحس الجمهور ويضطر الأول إلى أن ينزل بقيمته الثقافية للوصول إلى الجمهور والتواصل معه، بينما الأصح هو الصعود بالمجتمع وليس نزول المثقف الذي يشكل انتكاسة للحالة الثقافية. لافتاً إلى أن هذا ينطبق على كل الأشكال الثقافية وخاصة الثقافة الفنية التي كانت في القمة في العصور السابقة، ونزلت الآن إلى مستويات دنيا لا تخاطب العقل ولا الروح وإنما تخاطب الغرائز والجسم بصورته الفجة مؤكداً أن الشعر أيضاً كان في عصور سابقة يخاطب جمهورا راقيا بقصائد رائعة تحمل مضموناً وقيمة قبل أن يتحول اليوم إلى شعر سطحي فج وبسيط لا ينطبق عليه مفهوم الشعر. وطالب الفضيل المثقف أن يعيش حالته ويهتم بجمهوره ومجتمعه اهتماماً يرتقي بالمجتمع ليصل إلى قيمة المثقف العالية وليس الاهتمام الذي يهبط بالمثقف إلى الأسفل.