أصدرت المنظمة العالمية للملكية الفكرية WIPO مؤخراً تقرير مؤشر الابتكار العالمي 2018 تحت شعار «الابتكار يمد العالم بالطاقة»، حيث تناول التقرير أبرز المجالات والمدخلات للابتكار، وهي المؤسسات، والبنية التحتية، وتطور السوق وبيئة الأعمال، وكذلك رأس المال البشري، والأبحاث، بالإضافة لكفاءة مخرجات الإبداع وتكنولوجيا المعرفة، ومدى توظيفها في تحقيق الأهداف والتطلعات. والمتأمل في هذا التقرير يدرك يقيناً أن الابتكار أصبح القوة الدافعة للدول التي تبنت أدواته لدفع عجلة الإنجازات والنجاحات بعيداً عن خيال الآمال والأمنيات، وللتحول من إجراء المقارنات والمفاضلات إلى تقديم نماذج تضاهي أفضل الممارسات، كيف لا وقد توج الابتكار ولعدة أعوام تلك الدولة الصغيرة سويسرا التي نهضت بشكل متسارع على رأس سلم الترتيب متجاوزةً دولاً عظمى واقتصادات كبرى وقدرات وموارد جمة. ولكن دعونا نقف رويداً عند ترتيب المملكة «61» وفق التقرير، فهل هذا الرقم يعكس حقاً حدود القدرة الابتكارية لدى أبناء هذا الوطن الذين سمو على التحديات العلمية بابتكاراتهم العالمية؟ أم أن الأنشطة القائمة حالياً على اكتشاف وتنمية الابتكار بحاجة إلى الهندرة لتتمكن من استخراج مكنوزات منجم الذهب؟ لقد تبنت المملكة عدة مبادرات وبرامج مستقبلية تصبو لدعم ثقافة الإبداع والابتكار كبرنامج تعزيز الشخصية السعودية، وبرنامج ريادة الشركات الوطنية، وغيرها. وهذا الترتيب بمثابة منبه إيقاظ لسرعة العمل عليها، والتحول نحو اقتصاد الابتكار الذي يعيد صياغة المجتمع لإنتاج مبتكرين ومبدعين، وليس فقط مستهلكين لمخرجات الابتكار. فعلى صعيد مؤسسات التعليم نحتاج إلى تحويل أعلى استثمار للدولة إلى عوائد ابتكارية ومعرفية تسهم في التنمية المستدامة عبر تصميم المناهج والاستراتيجيات التي تنشر عدوى الابتكار والإبداع بين جميع الطلاب، وليس فقط رعاية وتنمية فئة محدودة منهم. فقد أظهر تقرير الابتكار تمكن الصين في 2017 من إنتاج أكثر من 250 ألف إصدار علمي وتكنولوجي في عام واحد، فهل أنتم فاعلون؟ أما على صعيد المؤسسات الحكومية فأرى أهمية استحداث وحدة إدارية في الهياكل التنظيمية بمسمى «إدارة الإبداع والابتكار»، تعمل على جعل هذا النهج جزءًا من الحمض النووي للمجتمع الوظيفي؛ للإسهام في تطوير وتحسين منهجيات العمل وأساليب تقديم الخدمات بطرق فريدة ومبتكرة، تتخطى الشيخوخة المؤسسية عبر توظيف أبرز المواصفات العالمية كالمواصفة الأوروبية للابتكار. ولابد أن يتم دعم تلك الإدارات باستراتيجية وطنية موحدة للابتكار، تواكب احتياجات الطموحات المتدافعة، فقد أنشأت الهند إبان الأزمة الاقتصادية التي واجهتها استراتيجية للابتكار، أطلقت عليها «الجوقاد»، تتبلور في المحافظة على الموارد، وإعادة استخدامها بطرق جديدة، مما عبد لها طريق تحسين موقعها الاقتصادي. ختاماً أقول: إن العديد من المؤسسات أصبحت تثب سريعاً نتاج رشاقتها العالية في القدرة الابتكارية بالتحول من مربع الخطط الورقية إلى التميز في ميدان التنافسية، لذا دعونا نغتنم هذا الاستثمار الواعد من أجل وطننا الرائد الذي يستحق الرقم واحد. Your browser does not support the video tag.