تُعد القطع التراثية والآثار امتداداً لسلسلة الترابط البشري عبر القرون والعقود، وحلقة وصل بين جيل الأبناء وأجيال الأباء والأجداد، وتأريخ عيني يستشعره ويعيشه الحاضر ويسترجع كبار السن ذكرياتهم منه، لذلك جنّد بعض هواة جمع القطع التراثية أنفسهم للحفاظ على هذه الكنوز التأريخية رغم العقبات التي تقف أمامهم في الوصول إلى القطع الأصلية. وصنّف عماد الحربي وهو أحد المهتمين بجمع النوادر، القطع التراثية إلى ثلاثة أقسام حيث قال: تنقسم مقتنيات المتاحف إلى القطع التراثية التي توارثها سكّان المنطقة، وتحدد أعمارها ما بين الأربعين عامًا تقريبًا وحتى المئة عام، والقطع الأثرية فتكون في الغالب مدفونة وتعود أعمارها إلى مئآت السنين، أما النوع الثالث وهو التحف والانتيك وهي قطع راقية وقديمة مستوردة ولم تكن من تراث أهل المنطقة. وعن تقييم القطع من الناحية المادية قال الحربي: تقيَّم القطعة من أهل الخبرة بحسب عمر القطعة وندرتها، وهذا الأمر متعارف عليه بين هواة جمع القطع التراثية، فعلى سبيل المثال توجد قطع جميلة ونادرة جداً ولا يوجد منها سوى عدد لا يتجاوز الخمسة على مستوى المملكة، عندها تكون هذه القطعة مرغوبة ومرتفعة القيمة، ولكن عندما تتوفر مثيلاتها بأعداد كبيرة تكون أسعارها أقل بكثير. وعلّق الحربي حول توجهات هواة اقتناء التراثيات قائلًا: تختلف رغبات وميول الهواة من شخص لآخر، وتجد منهم من يهتم بجمع الطوابع، ومنهم من يهوى جمع العملات، وكذلك هواة الأحجار الكريمة والخواتم وغيرها، وكل شخص ينجذب تجاه ما يهوى وينافس على شرائه ولا يهتم بالقطع التراثية الأخرى. وحذّر من دخول ما أسماهم بال"الشوائب"، وهم أشخاص ليسوا هواة لاقتناء القطع الأثرية والتراثية، وإنما دخلوا في عالم التراثيات لغرض البحث عن المادة من خلال إقحام القطع المقلدة في السوق، واستطرد: ابتلي سوق التراثيات بأشخاص أقحموا قطعًا لا علاقة لها بالتراث، وللأسف أصبحت هذه القطع تدخل في المزادات، وهؤلاء يبحثون على المادة على حساب التأريخ وتراث المنطقة، فهم يتسببون في تشتيت هواة القطع وكسب الدخل المادي عبر قطع مقلّدة حتى تجاوزت نسبة التراثيات المقلدة في السوق إلى أكثر من 50 % مما أوجد خللًا كبيراً. وأضاف: يوجد أشخاص متخصصين في كل نوع من أنواع القطع، وعلى سبيل المثال الطوابع البريدية يتخصص بها هواة محترفين، وكذلك القطع المعدنية كالسيوف والخناجر، والأواني المنزلية القديمة كالدلال والأباريق، أيضاً اللوحات الفنية وغيرها، وكل متخصص يقيّم القطعة بخبرته، من خلال عمرها وندرتها وسلامتها، وفي النهاية يعود الأمر لصاحب القطعة في قبوله أو رفضه. وطالب الحربي بوجود مختبرات تتبناها الجهات المعنية بالتراث لفحص الكربون للتأكد من العمر الزمني للقطع، وزاد: نصف قطع التراثيات الموجودة مقلدة ومعتّقة، وهذا الأسلوب يتخذه الدخلاء لإيهام الناس بقدم القطع بهدف الكسب المادي، ومن ضمن تلك الطرق استخدام مواد للتأثير في الشكل، وكذلك دفن المحتويات لمدة تصل إلى عام أو عامين باستخدام مواد تساعد في تحليل القطع، ولكن عندما تتوفر المختبرات فإنه يتضح العمر الزمني الأصلي ونحافظ على تراثنا الأصيل. ومن جانب آخر وصف عبدالعزيز بن عبدالله الجبرين وهو صاحب متحف شخصي بالرياض هذه التحف والقطع التراثية بأنها من عبق التاريخ والذكريات الجميلة لزمن جميل، رحل أهله وبقيت آثارهم لتذكرنا بهم، وقال: التراثيات وسيلة نتواصل بها مع ماضينا الجميل، ونتذكر بها حياة الآباء والأجداد، ولكن يجب ألا نغفل أن البعض يقتني هذه الآثار للربح لأن سعرها يزيد مع مرور الوقت وندرتها. واستطرد الجبرين في حديثه عن تفصيل الأثريات وقال: يطلق المختصون وصف الانتيكات على القطع التي تصنع يدويا من صناع مهرة وتكون صناعتها قد مر عليها قرن تقريباً، والقطع التراثية هي ما ورثناه من الآباء والأجداد مما يستخدم في حياتهم اليومية كالرحى وأدوات الزراعة والسقي وقد يكون منها ما هو مستخدم إلى الآن كالمحش والمسحاة بعد تطويرها، أما الآثار فهي التي مر عليها أكثر من عدة قرون وحضارات سادت ثم بادت. وبالنسبة للتقييم أضاف الجبرين: الخبرة والاطلاع لهما دور كبير في التقييم وأهم المعايير قدم القطعة وندرتها ولا ننسى الجودة وشهرة صانعها، وأكثر ما يعانيه الهواة هو انتشار القطع المقلدة والتي بعض منها لا يكتشفه إلا الخبير، وكذلك يعانون من تحكم الوافدين في أغلب الأسواق، حيث أن بعض التقليد يصعب كشفه إلا عن طريق الخبير والمختص أما البقية فمعروفة للكثيرين من المهتمين بالتراث، ولكن يضطرون لاقتنائها لندرة القطع الأصلية ولأثمانها الباهظة. الجبرين حاملاً صورة للمؤسس وعدداً من العملات القديمة جهاز سينمائي كان يستخدم قديماً في الرياض «البشتخته» آلة تشغيل الأسطوانات الموسيقية سابقاً جهاز سنترال قديم زجاجات تراثية عماد الحربي Your browser does not support the video tag.