واقع الحال في المدن يُبين مدى القصور الواضح في إدارة عملية التنقل، فالشوارع مزدحمة ومواقف السيارات ممتلئة، وممرات المشاه مفقودة، ولا يوجد تعدد لوسائط النقل إلا ماندر، وقد تستمر الحال حتى بعد اكتمال نظام النقل العام بالحافلات، أو نظام النقل العام بالمترو في المدن التي يجري العمل فيها على أنظمة نقل عام، والشواهد من دول العالم التي فشلت منظومة النقل العام فيها موجودة كبكين في الصين وتورنتو في كندا وغيرها، ولعل السبب الرئيس في ذلك يعود إلى غياب خطة إدارة التنقل. فالأمر يتطلب العمل على تعزيز قدرة نظام النقل في المدن من خلال إدارة التنقل فيها، حيث إن التخطيط الفعال لإدارة التنقل في المدن هو أفضل وسيلة لضمان التوجيه الصحيح للاستثمار في البنية التحتية للطرق والنقل كي تسهم بدورها في تحقيق هدف سهولة الوصول والتنقل في أي مدينة ليساعدها في النمو الاقتصادي ورفع مستوى جودة الحياة. وإذا أردنا للمدن أن تنفك من مشكلات الاختناقات والازدحامات المرورية فلابد من أن نتجه نحو المفهوم الأوسع وهو «إدارة التنقل» ، الذي يأخذ في الاعتبار جميع الطرق المختلفة التي ينتقل بها الناس من مكان إلى آخر. وفي الواقع أثبت نموذج التنقل في لندن نجاحه لأنه يدمج جميع أشكال النقل العام تحت سلطة تنظيمية واحدة وهي هيئة النقل المتكامل Transport for London بعكس المدن التي توجد بها جهات متعددة مسؤولة عن الجوانب المختلفة لسياسة النقل والإدارة. من الجوانب المهمة في نجاح تجربة هيئة النقل المتكامل في لندن هي قدرتها في الدمج بين مهامها كمقدم لخدمة النقل العام في المقام الأول وإدارة التنقل وتشغيل وسائط النقل المختلفة في المدينة. ولكي تتمكن المدن من تنسيق حركتها اليومية ونقل السكان بشكل أكثر كفاءة وفاعلية أتطلع من هيئة النقل العام إعداد خطط استراتيجية وشاملة لإدارة التنقل في المدن يتم من خلالها تحديد نوعية ووسيلة التنقل في أجزاء المدينة المختلفة (مناطق حركة السيارات، ومناطق حركة وسائط النقل العام، ومناطق حركة المشاة)، ويتم من خلال الخطة تحديد السياسات المختلفة التي تضمن توافق المشروعات الحضرية القائمة والتي يجري العمل في إنشائها مع الخطة، وتضمن توافق خطط إنشاء الطرق المحلية مع وسائط النقل المختلفة. Your browser does not support the video tag.