ما تجتمع عليه ثقافة الأمم المتقدمة أن التعاون والمشاركة هو أساس التطور والتقدم واللبنة الأساس في العملية الإنتاجية، والإنسان بطبيعته يحتاج للآخرين ويستفيد من خبراتهم وتجاربهم؛ لأن تلك الخبرات قد تكون كالقانون يحتذى به في محكمة الحياة. إن روح العمل الجماعي فنّ وذوق، بعضنا يجهل فلسفته وجزيئات تكوينه. فالعمل الجماعي لوحة جمالية تشكيلية، كل عضو من الفريق يترك بصمته سواء بعمله أو بخلقه ليترك من بعده أثراً واضحاً خلّفه وراءه. فكل شيء مبهر ومخترع يخدم الإنسانية كان من نتاج عمل جماعي، وأي بقعة نجاح في العالم كان السبب وراءها العمل الجماعي. فصناعة أخلاق العمل الجماعي لها فنّ، وهندسة العلاقات لها معايير ومقاييس، والإنسان في آخر المطاف يخلد ذكرى طيبة أو العكس. العمل كفريق وروح الجماعة مسمّى استهلك حديثاً وتدريباً، ونشرت ثقافته من قرون مديدة، لكن عند الدخول في الميدان تظهر لك روح الأنانية في روح الجماعة، ويظهر التنافس والسباق على أن صورة التفوق والنجاح تكون لشخص واحد! في ساحات العمل الجماعي تكتشف شخصيات يزعجها تميزك ويعكر صفو حياتها تقدمك، وكأنه ليس في الحلبة إلا أنت وهو! في الواقع، العمل الجماعي هو عمل مهاري وليس صحيحاً أنه بالفطرة نستطيع احترافية العمل والتفكير بمنطق ووضوح، فجودة العمل الجماعي تتحدد بمدى جودة الجو العام للعمل بعيداً عن الكهرباء المؤثرة في التصرفات والسلوك. الجميع يؤمن بأن قائد الفريق الناجح هو من يعطي أعضاء الفريق الثقة ويظهرهم بصورة لائقة مهنياً تعكس أداءهم ورغبتهم في العمل، لأنه بهذا المسار ينشر رسالة أخلاقية مفادها تميز غيري لا يعيق تميزي. إضافة إلى ذلك، من احتراف قائد الفريق لتلك الصناعة أنه يستطيع اكتشاف المواهب والقدرات لدى أعضاء الفريق والتصفيق للصغير من نجاحاتهم قبل الكبير؛ لأن الناس قدرات وطاقات ولا يمنع أن يعطى ذوو القدرات المحدودة فرصة للعطاء، لأنه قد يحمل من الصفات الأخلاقية التي توصف بالحسن والرفعة، وبذلك نعينه على تقديم رسالة في الأخلاق الاجتماعية. في الحقيقة، هناك منافسة صحية سليمة وهناك منافسة عليلة مشحونة، فالأولى تزيد من الإنتاجية في مناخ يشع إبداعاً وابتكاراً ومساحات لا حدود لها من التفكير، فتعزز الألفة وتنشر أشعة مليئة بالسلام والحب لإحراز وحيازة الهدف، وكل هذا دليل على عمق الوعي وسعة الإدراك والتعريف بالأخلاق الراقية. وعلى النقيض من ذلك فهناك داء ومرض عضال ينخر في تلك المنظومة فيصعب السيطرة عليه والحد من تأثيره، لكن الهرب ليس هو الحل، لذا كان لزاماً التزامن مع المجاملة الزائدة التي تأخذ الصبغة التجارية لنجاح العمل واستمراريته، ولا ريب في تأثيرها. فبصفتك مهنياً أو موظفاً أو والداً أو صديقاً تحتاج لتشييد مهارة العمل الجماعي، ولا تتوقع أن نجاح الآخرين هو إسقاط لنجاحك ومكانتك، فالأمم ترتقي بأيدي المجموعة، وكما قيل: «اليد الواحدة لا تصفق». ليكن نجاحك ونجاح الآخرين كباقة ورد اختلفت فيها ألوان الورود، ولكن مع بعضها تجانست وأعطت شكلاً جمالياً، ولأنه في النهاية هذا ما تريد أن تبنيه في مجتمعك. Your browser does not support the video tag.