لا يعلم الكثير من زوار المرضى أن غذاء المريض يعتبر جزءاً من علاجه، خاصةً في بعض الأمراض والحالات الخاصة التي تستدعي غذاء معيناً خلال فترة تنويم المريض في المستشفى، وسلوكياتهم هذه قد تجعل حالة المريض تتدهور أكثر بسبب عدم وعيهم بأهمية الغذاء المتفق عليه من قبل الطبيب المعالج وأخصائي التغذية للمريض، وذلك عند قيامهم بإدخال الأطعمة والمشروبات دون أخذ موافقة المختصين، وقد يتسببون في هذه التصرفات بمضاعفات خطيرة على من يجلس على سرير المرض. مضاعفات خطيرة وقال صالح الجعفري - اختصاصي تغذية ورئيس قسم التغذية بمستشفى صبيا-: من وجهة نظري كاختصاصي تغذية هذه السلوكيات التي تحدث من قبل بعض الزوّار تكون عن جهل بخطورة ما يفعلونه على صحة المرضى، مثل إدخال الأغذية والمشروبات بدون علم اختصاصي التغذية والطبيب، والتي قد تسبب ربكة في الخطة العلاجية للمريض نفسه، لذلك هذه السلوكيات تعد خاطئة جداً ويجب التعامل معها بحزم من قبل الأمن والسلامة الموجودين بالمستشفى، وهذا ما يحدث فعلاً للأسف في أغلب المستشفيات، مضيفاً أن المخاطر التي تنتج من إدخال المأكولات والمشروبات على صحة المريض كثيرة وتتفاوت مخاطرها من بسيطة إلى صعبة جداً فقد تتسبب بالتسمم إذا كانت من مصدر غير مهتم بشروط النظافة وسلامة تداول الأغذية، وقد يتسبب في عرقلة وإرباك الخطة العلاجية للمريض، فمثلاً مريض السكري يجب أن تتم المحافظة على مستوى السكر بالدم بشكل طبيعي من خلال تناوله لوجبات مخطط لها من قبل اختصاصي التغذية ومعتمدة من الطبيب المعالج ومعدة في قسم التغذية بالمستشفى، وعند عدم التزامه بها قد يسبب في ارتفاع مفاجئ لسكر الدم، مما يتسبب في مضاعفات خطيرة والسبب تناوله لأغذية من خارج المستشفى للأسف. تثقيف صحي وشدّد الجعفري على ضرورة القضاء على هذه السلوكيات الخاطئة من خلال العمل على تطوير وتحسين الوجبات المقدمة لهم، مع المتابعة المستمرة لاختصاصي التغذية عن رضا المرضى عن الوجبة المقدمة لهم، وتلافي الملاحظات بشكل فوري، مضيفاً أن للأمن والسلامة دوراً مهماً بالمستشفى بأن لا يسمحوا لأي وجبة من خارج المستشفى أن تدخل لأقسام التنويم، وهنا يجب ألا ننسى دور التثقيف الصحي لتفعيل دورهم بالاهتمام بتوعية الزوار عن خطورة هذه السلوكيات على مرضاهم، وبأنها ضرر عليهم وليست كما يعتقدون ذات نفع وفائدة لمرضاهم، مبيناً أن هناك دوراً كبيراً للإعلام في توجيه وتثقيف هؤلاء الزوار حيث إنه قادر على تغيير الصورة النمطية عن هذه السلوكيات، وذلك بإبراز مساوئها على صحة المريض وتوضيح مخاطرها. صدر تعميم وأوضح د.سعد بن خلف المطيري -متخصص في مجال علوم وسلامة الأغذية- أنه صدر تعميم من القطاع الصحي يتضمن منع إدخال وجبات غذائية تم إعدادها خارج المستشفى، وكان الهدف من ذلك هو المحافظة على صحة وسلامة المريض ومرافقه، ولتحقيق هذا الهدف ينبغي على الزائر التواصل والتنسيق والتعاون مع المختصين بالمستشفى حول الجوانب المرتبطة بتغذية المريض والالتزام بسياسة وتعليمات إدارة المستشفى، على الرغم أن إقدام بعض زوار المستشفى على هذا السلوك عن حسن نية قد يعزو إلى جانب الاهتمام والرغبة بإدخال السرور على المريض وليس بهدف إلحاق الضرر به، مضيفاً أن الأطعمة المحضرة خارج بيئة المستشفى قد تشكل خطورة على صحة وسلامة المريض، حيث إن بعض الوجبات الغذائية المطهية التي يدخل ضمن مكوناتها اللحم والدجاج وفي غياب الإعداد والحفظ والنقل السليم أو إحضار حليب خام غير مبستر قد يشكل هذا خطورة على صحة المريض ومرافقه، ناهيك أن هناك وجبات غذائية محضرة خارج المستشفى أو جاهزة قد لا تتناسب مع حالات مرضية معينة مثل وجبات مرضى الضغط والسكري. تواصل مباشر وبيّن د.المطيري أن هناك حلولاً كثيرة لتعديل هذا السلوك أو بالأحرى معالجة ظاهرة قيام الزوار بإدخال أطعمة من خارج المستشفى لتغذية المريض من هذه الحلول التواصل الفعّال والمباشر مع الزائر، وكذلك مع المريض والمرافق لمعرفة أسباب هذا السلوك، فقد يكون بدافع ورغبة من المريض أو بسبب وجود ملاحظات على الأصناف الغذائية المحضرة داخل المستشفى، مع مراعاة الجوانب النفسية للمريض والسعي لتحقيق رغبته إن أمكن بإعداد وجبات غذائية مثل وجبات محلية شعبية التي تتناسب مع ثقافته الاجتماعية، شريطة أن يتم الإعداد تحت إشراف قسم التغذية بالمستشفى وأن تتناسب مع حالته المرضية، ذاكراً أن تفعيل برامج التوعية للفئات المستهدفة داخل وخارج المستشفى لها تأثير كبير في زيادة المعرفة والوعي حول خطورة بعض الأطعمة المحضرة خارج المستشفى، وما يكتنفها من مخاطر على صحة وسلامة المريض، ولا ننسى استمرار الدور الإعلامي التثقيفي وخاصة الإعلام الاجتماعي للتعريف بهذه الظاهرة أو هذا السلوك ومخاطره على صحة وسلامة المرضى، والتأكيد على التنسيق والتعاون والالتزام بسياسة إدارة المستشفى. ترفيه وتسلية وقالت سارة شهدا -اختصاصية التغذية العلاجية-: أثناء مروري الصباحي في المستشفى للمرضى دائماً ما كان يلفت نظري كمية الأطعمة والمشروبات التي يحضرها مرافق المريض إلى غرف التنويم من شتى أنواع المعجنات والحلويات الشهية بمختلف نكهاتها وأشكالها، مضيفةً أن هذا السلوك نابع من بيئة المريض وثقافته الغذائية وعلاقته بالغذاء فبعضهم يرى أن الطعام مجرد للترفيه والتسلية للتنفيس عن الضغوط النفسية بدلاً من كونه حاجة فسيولوجية، مبينةً أن الأطعمة سريعة الإعداد والمعجنات المحضرة بالزبدة التي يتناولها زوار المرضى في غرفة التنويم بالمستشفيات بشكل عام تحتوي على الدهون المتحولة أو المهدرجة التي تعد من أسوأ أنواع الدهون، مشددةً على خطورة المشروبات والوجبات الخفيفة التي تحتوي على الكثير من السكريات حيث تعد من العوامل التي تؤدي إلى انتشار السمنة بطريقة يصعب السيطرة عليها في الآونة الأخيرة، كما أن جميع تلك الأطعة تفتقر للقيمة الغذائية وبالتالي تجعل الشخص يشعر بالجوع بطريقة أسرع. توجيه وتثقيف وأوضحت سارة شهدا أن السلوكيات الغذائية الخاطئة نابعة من أسلوب حياة الفرد ومدى ثقافته وتعليمه وبيئته المحيطة، جميعها عوامل تلعب دوراً في تشكيل العادات والسلوكيات الغذائية للفرد، ويأتي هنا دور اختصاصي التغذية والأطباء الممارسين في التوجيه وتوعية المجتمع، ناصحةً زميلاتها وزملائها بأن هذا العلم هو مسؤولية على عاتقهم أمام الله وأمام الوطن والمجتمع، فكونك ممارس صحي تعمل في المجال الطبي لا يعني أن عملك ينتهي عند بوابة المستشفى، فهناك فرصة للتوعية وللإجابة على استفسارات طبية أو غذائية، مشيرةً إلى أن هناك العديد من المحاضرات التطوعية التي تقام من قبل اختصاصي التغذية في المدارس الصحية، مشددةً على دور الإعلام في التوجيه والتثقيف حيث باتت وسائل الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة والإعلام الحديث الذي يشمل وسائل التواصل الاجتماعي هي سلاح التوعية الثقافية. خطة غذائية وذكرت صفاء بازرعة -اختصاصية تغذية- أن تنويم المرضى يكون لعدة أسباب كإجراء التحاليل أو بعض الفحوصات أو إجراء العمليات، ويتم التنسيق بين الطاقم الطبي بالكامل لتحديد الخطة الغذائية والتي تعد جزءاً لا يتجزأ من الخطة العلاجية والتي تختلف من شخص لآخر حسب حالته الصحية والإجراء المقرر عمله، وقد أوضحت الدراسات بأن التدخل الغذائي يساعد في علاج المريض، فعلى سبيل المثال فإن التغذية الجيدة تساعد على تقليل فترة بقاء المريض بالمستشفى بمعدل يومين، على عكس سوء التغذية وفقدان الوزن فإنهما يجعلان المريض عرضة مرتين ونصف لخطر الإصابة بالعدوى الجراحية مقارنة بالمرضى ذي التغذية السليمة، مضيفة: أن 20-50 % من المرضى يعانون من سوء التغذية عند بداية تنويمهم خاصةً كبار السن، كما أن المرض قد يكون عاملاً أساسياً في حدوث سوء التغذية، فقد يقرر الطاقم الطبي تصويم المريض أو منعه من الطعام عن طريق الفم أو قد يقرر أن يتبع المريض حمية سوائل صافية شفافة أو سوائل ثقيلة أو طعام مطحون أو لين وحتى يعود لطعامه الاعتيادي قبل التنويم، مبينةً أن بعض المرضى يستمرون على حمية معينة تتناسب ووضعهم الصحي طيلة حياتهم، فمن االمستحيل أن تتشابه الحالات ومن غير المقبول أن يحدد المريض أو أقربائه ما يتناوله دون استشارة الطبيب والمختصين. مشورة الطاقم وأشارت صفاء بازرعة إلى أننا نقدر جيداً أن نفسية المرضى قد تكون سيئة ويعد الطعام أحد الطرق التي ترفه عنه، خاصةً الأطفال وكبار السن الذين يصعب تقييدهم بحمية ما، ولكن كل ما يحدده المختصون إنما هو لصالحهم، لذا ننصح بأخذ مشورة الطاقم الطبي المشرف على الحالة أولاً، فإذا سمح بذلك فلا بأس مع الانتباه لطرق التحضير والحفظ والنقل حتى لا يتعرض المريض للمخاطر الصحية كالتسمم، مضيفةً أن الأغذية المطبوخة يستحسن تناولها في وقتها والتخلص من المتبقي منها مع تجنب حفظها في الغرفة، أمّا الأغذية الجافة والمغلفة كالبسكوت والكيك والفواكه والعصيرات -إذا كان مسموحاً تناولها- فلا بأس بالاحتفاظ بها مع تغطيتها جيداً، ذاكرةً أن ما يتعارض مع الحمية المحددة يعرض المريض بلا شك للمخاطر الصحية، فبعض المرضى تكون مناعتهم ضعيفة وتناولهم لأطعمة غير معدة ضمن الاشتراطات الصحية قد تزيد الحالة سوءاً، وبعض المرضى يتم تقليل أو منعهم من أصناف غذائية حسب حالتهم، وعدم اتباع النصائح بالتأكيد سيضر بصحة المريض، مشددةً على وجوب أن يقوم المريض أو ذووه بالاستفسار جيداً عن نوع الحمية ومدتها والأصناف المسموحة والممنوعة بالإضافة للحرص على الحصول على كتيب يحتوي على كافة النصائح الغذائية، مع عدم التردد في السؤال عند حدوث أي أمر طارئ، أو عند أي تغيير في الخطة العلاجية، كما أنه من المهم البحث دائماً عن بدائل غذائية يوافق عليها الطاقم الطبي عند عدم تقبل المريض لصنف غذائي معين أو منع آخر يفضله. حالات استثنائية وقال د.غدير الشمري -أستاذ مساعد بكلية علوم الأغذية والزراعة بجامعة الملك سعود-: إن كثيراً من المرضى المنومين يتعرضون إلى الإصابة بسوء التغذية لعدة أسباب تؤدي إلى قلة تناولهم الطاقة والبروتين، وهذا يعني أن هناك نقصاً في كمية العناصر الغذائية الضرورية التي يحتاجها المرضى، وبالتالي تزيد فترة إقامتهم بالمستشفى، مما يسبب عبئاً اقتصادياً وبطئاً في الشفاء من المرض، ومن هنا لا بد من البحث جدياً عن أسباب وجذور هذه المشكلة، مضيفاً أنه كثيراً من الأحيان يلتزم المستشفى بعدم السماح بدخول الأغذية للمرضى خوفاً من مشاكل صحية، وهذا جانب مهم، إلاّ أن هناك حالات استثنائية يراها الطبيب المعالج ويسمح بها لإعطاء المريض الفرصة بتناول الطعام الذي يريده وهذه تعتمد على الحالة المرضية للمريض ولا يمكن تطبيقها على كل المرضى. د. سعد المطيري د. غدير الشمري صالح الجعفري سارة شهدا Your browser does not support the video tag.