لا يكاد يخلو شارع في المملكة من مركز بصريات، فهو بلا أدنى شك من أكثر القطاعات الصحية تضخماً وعشوائية، حيث يفوق عددها على 6000 مركز منتشر في أنحاء المملكة (حسب لجنة البصريات بغرفة جدة)، هذا العدد هو «5» أضعاف العدد الموجود في كندا (1200 مركز)، واخترت كندا كمثال لأنها مقاربة لنا بعدد السكان بل تفوقنا بحوالي مليوني نسمة. سبب هذا التضخم الكبير في عدد مراكز البصريات بشكل رئيس يعود لسهولة الحصول على ترخيص من قبل الشؤون الصحية لافتتاح محل بصريات على عكس الأنشطة الصحية الأخرى. على سبيل المثال لا يسمح بفتح صيدلية ما لم يكن المالك صيدلياً سعودياً، ولا يعمل بالصيدليات سوى الصيادلة، لكن بالنسبة للبصريات فالأمر مفتوح على مصراعيه، فلا يشترط كون أخصائي البصريات سعودياً في حال وجود عيادة (فئة أ)، ولا يشترط وجود أي أخصائي من الأساس في الفئات الأخرى (فئة ب وَ ج) والتي في كثير من الأحيان تحتوي على عيادة ويقوم بالفحص بها من غير المؤهلين خصوصاً في المدن والمحافظات الأصغر في المملكة ولا دليل على ذلك إلا أن مجموع عدد أخصائي البصريات في المملكة هو 1177 مختصاً، وإذا افترضنا أن نصفهم يعمل بالقطاع الخاص أي أن حوالي 10 % فقط من مراكز البصريات يوجد بها أخصائي مؤهل (البيانات من تقرير القوى العاملة الصحية). لا تقدم مراكز البصريات التي لا تشمل على العيادات (فئة ب أو ج) أي عائد مجدٍ للاقتصاد السعودي، فالتستر هو العلامة البارزة لهذه المحلات، فغالبيتها العظمى مملوكة للعمالة الآسيوية، وكذلك رداءة الخدمة المقدمة؛ حيث إن هذه المراكز مرتع للبضائع المقلدة والرديئة سواء النظارات أو العدسات الطبية، والتي قد تسبب مشكلات صحية للعين، أي عكس الخدمة المفترض تقديمها من قبل هذه المراكز. أول خطوة فعالة لحل مشكلة التستر العميقة في مراكز البصريات هو صدور قرار وزارة العمل بسعودة مهنة بائع بمراكز البصريات مطلع العام القادم، والذي سيقلص بشكل كبير عدد مراكز البصريات خصوصاً من الفئة ج، حيث لن يتحمل المتستر تكلفة سعودة مهنة البائع، وسيخرج من السوق السعودية بلا عودة. الإجراء التصحيحي الآخر يفترض أن يقدم من الشؤون الصحية، وذلك بإلغاء الفئات غير المشمولة بالعيادات (فئة ب وَ ج)، واشتراط رخصة أخصائي أو دكتور بصريات سعودي (فقط) لتقديم خدمة صحية لائقة، وكذلك للحد من البطالة المتزايدة لخريجي هذا التخصص، حيث قدرت الهيئة السعودية للتخصصات الصحية أن هناك 280 أخصائياً ودكتوراً في البصريات باحثاً عن العمل هذا العام، وهناك المئات من سيدخل سوق العمل في الأعوام القادمة، والذي لن يتحمل القطاع الصحي الحكومي وحده توظيفهم. Your browser does not support the video tag.